أردوغان وأرملة البغدادي.. دراما تركية فاشلة لمسلسل الاتراك والدواعش
تحيط الكثير من الشكوك بالرواية الرسمية التركية بشأن اعتقال أنقرة، في الآونة الأخيرة، لعدد من أفراد عائلة زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي، الذي قتل الشهر الماضي في عملية نوعية لقوات أمريكية خاصة نفذتها في قرية بمحافظة إدلب السورية، التي تبعد عن الحدود التركية نحو عشرة كيلومترات فقط.
وأولى الشكوك تأتي من هذه ”الحماسة التركية المفاجئة“، إذ شرعت السلطات التركية، مؤخرًا، في اعتقال عدد من الأشخاص قالت إنهم من داعش، بينهم شقيقة البغدادي وأرملته، علمًا أن تركيا شكلت، على مدى سنوات، ووفقًا لتقارير استخباراتية، ممرًا آمنًا لعناصر التنظيم الأجانب الذين جاؤوا لنصرة التنظيم في سوريا والعراق.
كما أن العملية الأمريكية التي أودت بحياة البغدادي أثارت شكوكًا حول ”تواطؤ تركي“ في إخفاء البغدادي الذي كان يقيم بمنطقة خاضعة لفصائل مدعومة من أنقرة، فضلًا عن تساؤلات عن كيفية وصول البغدادي من ريف دير الزور، آخر معقل التنظيم، عبر الشمال السوري، إلى مكان إقامته الأخير في إدلب حيث قتل، علمًا أن الشريط الحدودي السوري غرب الفرات، وصولًا إلى إدلب، خاضع لسيطرة تركيا، والفصائل المسلحة الموالية لها.
وكان عدد من معتقلي داعش في مخيم ببلدة عين عيسى، شمال الرقة، قد فروا، عند بدء العملية العسكرية التركية شمال سوريا، في التاسع من الشهر الماضي، باتجاه الأراضي التركية، في مؤشر على أنهم يعتبرون تركيا ”ملاذًا آمنًا لهم“، على عكس ما يروج له الأتراك من اعتقالات واحتجاز لعناصر التنظيم في الآونة الأخيرة، وفقًا لخبراء.
وعلى هذا النحو، توالت السلسلة الدرامية التركية، إذ أعلن أردوغان، الأربعاء، أن سلطات بلاده اعتقلت أرملة ابو بكر البغدادي، وابنته ليلى جبير، مشيرًا إلى أن تاريخ الاعتقال قديم، لكن أردوغان أوضح بأن تركيا لم تشأ أن تحدث، في حينه، جلبة بشأن الأمر“.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن أرملة البغدادي، اسمها الرائج رانية محمود، لكن اسمها الحقيقي هو أسماء فوزي محمد القبيسي، كانت قد اعتقلت، وفقًا للمصادر التركية الرسمية، في حزيران (يونيو) 2018 في ولاية هاتاي قرب الحدود السورية، وهو ما يطرح أسئلة عن سبب تكتم تركيا على الخبر.
ونقلت وكالة فرانس برس، الخميس، عن مسؤول تركي، لم تكشف هويته، قوله إن أرملة البغدادي كشفت عن ”الكثير من المعلومات“ عن عمل التنظيم، من دون أن يقدم المزيد من التفاصيل بشأن ما كشفت عنه الأرملة المحتجزة.
وفي ذات السياق، قالت السلطات التركية، الثلاثاء الماضي، إنها اعتقلت إحدى شقيقات أبو بكر البغدادي، تدعى رسمية عواد، برفقة زوجها وزوجة ابنها وخمسة أطفال، في مدينة أعزاز الخاضعة لسيطرة فصائل سورية مسلحة موالية لتركيا، شمال غرب البلاد.
ويرى خبراء أن هدف تركيا من هذه ”الصحوة المتأخرة“ هو ”إزالة الشكوك بشأن جديتها في مكافحة التنظيم المتطرف، ومحاولة إقناع واشنطن بأنها جديرة بالثقة في هذا المجال“.
ورغم الحملة التركية المزمعة ضد عناصر تنظيم داعش، فإن أنقرة اتُّهمت في الأسابيع الماضية بإضعاف الكفاح ضد التنظيم عبر شنها هجومًا، في الـ 9 من تشرين الأول (أكتوبر)، ضد قوات سوريا الديمقراطية، ووحدات حماية الشعب الكردية، التي كانت في طليعة القتال ضد داعش، باعتراف واشنطن والغرب.
وتزايدت الشكوك والثغرات أيضًا حول الدور التركي في محاربة داعش، إثر إعلان أردوغان أن أفرادًا من عائلة البغدادي المحتجزة في تركيا، سيتم ترحيلهم خارج البلاد، وهو ما يطرح أسئلة عن ”وجهة الترحيل المفترضة“.
ونقلت وكالة ”الأناضول“ عن الرئيس التركي قوله: نعمل على نقل أفراد أسرة البغدادي الذين ألقينا القبض عليهم إلى مراكز الترحيل، وسيبقون هناك بانتظار قرارات وزارة العدل“.
وأشار أردوغان إلى أن عدد عناصر داعش، الذين كانوا محتجزين في سجون بلاده، وتم ترحيلهم إلى خارج البلاد، بلغ خلال الفترات الماضية، حوالي 7550 شخصًا.
لكن هشاشة الرواية هنا، تكمن، وفقًا لخبراء، في أن الرئيس التركي لم يذكر إلى أين تم ترحيل هذه الأعداد من مقاتلي داعش، إذ يرجح خبراء أن الرقم الكبير لعدد المرحلين الذي ذكره أردوغان يعبر عن هفوة أخرى، من ضمن الهفوات والتصريحات المتناقضة بخصوص محاربة تركيا لداعش.
وإزاء هذه الشكوك، دافعت تركيا، مرارًا، عن مصداقيتها وجديتها في محاربة الإرهاب، وفي أحدث تصريح بهذا الشأن، أكد فخر الدين ألتون رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية، أن اعتقال شقيقة البغدادي ”دليل آخر على تصميم أنقرة على محاربة تنظيم داعش“.
وأكد ألتون أن ”ثمة دعاية سوداء ضد تركيا تثير الشكوك حول عزم أنقرة على محاربة داعش“، لكنه شدد على أن ”تعاون بلاده في مكافحة الإرهاب مع الشركاء الذين يفكرون بنفس الطريقة لا يمكن التشكيك فيه قط“.