جواسيس القصر.. كيف جندت إيران الحكومة العراقية؟
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن وثائق سرية تعود للاستخبارات الإيرانية، تؤكد تحكم إيران بأروقة القرار السياسي في العراق، كما تشير إلى وجود علاقة وصفتها بـ “الخاصة” بين رئيس الوزراء والسلطات الإيرانية.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها، نشره موقع “إنترسيبت” الأمريكي ، اليوم الاثنين، ان “مئات الوثائق والبرقيات السرية الإيرانية تؤكد ما هو ما معروف عن تحكم طهران بأروقة القرار السياسي في العراق، حيث تظهر وثائق للاستخبارات الايرانية تجنيد طهران لمسؤولين عراقيين، ووجود علاقة خاصة بين رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي والسلطات الإيرانية”.
ووفقا لما نقلته الصحيفة، فإن “مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين أقاموا علاقات سرية مع إيران، بقيادة من الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الذي عمل بقوة للتدخل في الشؤون العراقية”.
وأضافت الصحيفة، أن “تلك الوثائق المسربة تكشف تأثير طهران الكبير في العراق، كما تعرض سنوات من العمل الشاق الذي قام به الجواسيس الإيرانيون لاختيار قادة البلاد، ودفع رواتب للعملاء العراقيين الذين يعملون من أجل تبديل مواقفهم لصالح طهران”.
وكشفت إحدى الوثائق الاستخباراتية الإيرانية التي تم تسريبها، أن رئيس الوزراء، عادل عبدالمهدي، كان له علاقة بالحرس الثوري الإيراني منذ أن كان في المنفى، في الوقت الذي كان فيه صدام حسين رئيسا للبلاد، لافتة إلى أنه “كان لا يمكن أن يصبح رئيسا للوزراء دون مباركة إيران”.
ووصفت الصحيفة بأن الوثائق المسربة تلقي الضوء على”حرب الظل” فيما يتعلق بالنفوذ الإقليمي والمعارك الدائرة داخل أقسام التجسس في إيران، حيث تظهر مدى نفوذ طهران الهائل في العراق ودور من وصفتهم بـ “الجواسيس الإيرانيين” في اختيار قادة البلاد في العراق.
كما تقدم الوثائق الإيرانية، بحسب الصحيفة، صورة مفصلة عن كيفية عمل طهران بقوة من أجل دمج نفسها في الشؤون العراقية والدور الفريد لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني، موضحة ان الوثائق وردت في أرشيف عملاء الاستخبارات الإيرانية السرية.
وكشفت الوثائق أن “العديد من العملاء يصفون حياة الجواسيس الحقيقة بأنها صفحات مقطوعة من قصص الجاسوسية المثيرة، حيث يتم ترتيب الاجتماعات في الأزقة المظلمة ومراكز التسوق أو تحت غطاء رحلة صيد أو حفلة عيد ميلاد، ويلجأ العملاء لطرق ملتوية إلى الاجتماعات للتهرب من المراقبة”.
وأضافت “نيويورك تايمز” أن “الوجود الإيراني لم يغب عن مطار بغداد، وأن جواسيس إيران بمطار بغداد راقبوا الجنود الأميركيين ورحلات التحالف الدولي لمحاربة داعش”، كما ان “سفراء إيران في لبنان وسوريا والعراق هم من الرتب العليا للحرس الثوري”.
واكدت قيام مسؤولين عراقيين سياسيين وأمنيين وعسكريين بعلاقات سرية مع إيران، مشيرة إلى أن “إيران ركزت على تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق، وأن وزير الداخلية العراقي السابق، بيان جبر، من أبرز المسؤولين المقربين من إيران”.
وبحسب الصحيفة، فإن الوثائق المسربة تبين كيف تفوقت إيران على الولايات المتحدة في العراق، حيث قامت طهران بتجنيد عملاء “سي آي أيه ” CIA سابقين عقب الانسحاب الأميركي من العراق، كما جندت مسؤولا بالخارجية الأميركية لمدها بخطط واشنطن في العراق، فيما أكدت ان الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، اشترط الإطاحة بنوري المالكي لتجديد الدعم العسكري للعراق، لأنه اعتبر أن “سياسات المالكي الوحشية والقمعية ضد السنة أدت إلى ظهور داعش”، مبينة أن نوري المالكي كان الشخصية المفضلة لإيران.
كما أكدت الوثائق استخدام الأجواء العراقية للإمدادات العسكرية للحكومة السورية من إيران، مشيرة إلى ان “وزير النقل العراقي رفض طلب أوباما بوقف استخدام إيران للمجال الجوي للعراق”
كما كشفت الوثائق عن استعداد حيدر العبادي، للتعاون مع استخبارات إيران رغم شكوك طهران به، كما أن قياديا بالاستخبارات العراقية أبلغ إيران استعداده للتعامل معه، وأشارت إلى أن إيران عولت دائما على وزراء في الحكومات العراقية المتعاقبة، كما لفتت إلى ان “لقاءات المسؤولين الأميركيين والعراقيين كانت تنقل إلى طهران، وأن أبرز مستشاري رئيس البرلمان السابق، سليم الجبوري، كان إيرانيا”.
وبينت الصحيفة ان “الوثائق المسربة كشفت أن إيران تعتبر مراقبة النشاط الأميركي في العراق ضرورة لبقائها وأمنها القومي”، مشددة على أن جواسيس إيران “متغلغلون” في جنوب العراق.