إسرائيل تخفف قيود الإغلاق .. وعلماء الأوبئة غاضبون
لم يتوقع أحد أن تنخفض الإصابات بفيروس كورونا المستجد في إسرائيل بمجرد رفع القيود التي فرضتها السلطات لدى تفشي الوباء، فيما أظهر الأمر فشلا ذريعا لعلماء الرياضيات والفيزياء الذين تباهي بهم البلد، كما بدا أن هناك مآرب سياسية وراء تضخيم أخطار الفيروس.
وأصبح معدل الإصابات في إسرائيل بين العشرة والعشرين يوما مؤخرا، بعد أن كانت تسجل أكثر ما بين 100 و200 يوميا في شهر أبريل.
وجاء هذا المعدل القليل في الإصابات رغم رفع إجراءات الإغلاق نهائيا خلال الأسبوعين الماضيين، وكانت تل أبيب بدأت في تخفيف قيود الإغلاق مطلع مايو الجاري.
وبات في وسع الإسرائيليين الخروج إلى الأماكن العامة، حتى من دون ارتداء الأقنعة الواقية.
وبلغ إجمالي الإصابات في إسرائيل أكثر من 16 ألفا مع 280 حالة وفاة، وتفوق هذه الأرقام الإصابات في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان وسوريا مجتمعة.
وعاشت إسرائيل أوقاتا عصيبة في ظل أزمة فيروس كورونا، خاصة في شهري مارس وأبريل، في ظل تخبط وزارة الصحة التي كان يتولها حاخام لا علاقة له بالطب، وواجهت إدارته للملف انتقادات شديدة.
كما تمردت فئة المتطرفين اليهود “الحريديم” على قرارات الحكومة، الأمر الذي ساهم في تفشي الفيروس.
تقول صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في تحليل لها، الثلاثاء، إن السياسة التي اتبعتها الحكومة اعتمدت على نماذج أعدها علماء رياضيات وفيزياء لا علماء أوبئة، ولم تتوقع هذه النماذج أن تنخفض الإصابات في إسرائيل بمجرد رفع القيود.
وبناء على نماذج هؤلاء، اشتعل خلاف بين وزارتي المالية والصحة، حول ما إذا كان يجب إعادة فرض الإغلاق في حال عادت الإصابات إلى ما بين 100 و300 في اليوم.
وتوقع العلماء أن يتوفى بين 8 آلاف و21 ألف إسرائيلي من جراء الوباء الذي يجتاح العالم، كما توقعوا أن يكون النظام الصحي في حالة إرهاق شديد.
لكن هذا الأمر لم يحدث، لأن التوقعات كانت خاطئة، فالفيروس ظاهرة بيولوجية ولا تتعلق بالقواعد الرياضية.
وتقول “هآرتس” إن المجتمع العلمي في إسرائيل انقسم بشدة من جراء الأمر، وخلق عداوة بين علماء الفيزياء والرياضيات من جهة وعلماء الأوبئة من جهة أخرى، بسبب تولي المجموعة الأولى لإدارة الأزمة عوضا عن الثانية.
ويقول البروفيسور حاغاي ليفين، رئيس الجمعية العامة لأطباء الصحة العامة وأحد منتقدي استراتيجية مكافحة الفيروس، إن السلطات اعتمدت على نماذج فيزيائية غير دقيقة تقوم على افتراضات خاطئة فخلقت حالة من الصراع.
وأضاف أنه “من السخيف أن يتم استبعاد جميع علماء الأوبئة في إسرائيل تقريبا من خلية الأزمة، وتم منح جميع موظفي مركز السيطرة على الأمراض، باستثناء 15 بالمئة منهم، إجازة من دون أجر، فيما وحدة الطوارئ في الوزارة التي كان لها رئيس فقط عندما تفشى كوفيد 19، لم يتم تشغيلها”.
وربما كانت هناك غايات سياسية من وراء إشاعة أجواء ذعر في البلاد، من وراء تضخيم خطر الفيروس، حسب الصحيفة.
ويعتقد على نطاق واسع أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، استغل الفيروس وبالغ من حجم خطره على الدولة، من أجل إغراء منافسه الرئيسي بيني غانتس بالدخول في حكومة وحدة وطنية.
وكان من بين الذين اتهموا نتانياهو، وزير الصحة المنتهية ولايته الحاخام يعقوب ليتسمان، الذي قال إن رئيس الوزراء عمل على تضخيم أخطار وباء كورونا من أجل مآربه الشخصية، وإن التوقعات كانت غير واقعية ومبالغ بها.
ويبدو أن نتناياهو يريد أن يظهر أنه الشخص القادر على الحفاظ على إسرائيل في وجه كورونا، الوباء الخطير جدا، فضلا عن إحراج خصومه السياسيين من أجل الانضمام إلى حكومة “إنقاذ” تواجه الوباء، علاوة على السبب الثالث وهو تأجيل محاكمته في قضايا فساد قدر المستطاع.
لكن لماذا انخفضت الإصابات في إسرائيل؟ تقول “هآرتس” إن الأمر ربما يعود إلى التغير في درجات الحرارة، أو التغير الجيني الذي طرأ على الفيروس.