لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة : توضح بعض النقاط بشأن ما تحتاجه مصر لمواجهة وباء الكورونا

 

أصدرت لجنة الدفاع عن الحق في الصحة بيانا، بشأن ما تحتاجه مصر لمواجهة وباء الكورونا، وجاء نص البيان كالتالي :

يواجه العالم كلة ومعه مصر أزمة وباء كوفيد 19 المعروفة بوباء كورونا، وهى أضخم أزمة من هذا النوع تواجههما منذ الحرب العالمية الثانية، وقد يعيد ذلك إلى الذاكرة المصرية واقعة وباء الكوليرا عام  1947، وقد كلف الوباء العالم حتى اليوم أكثر من أربعمائة ألف قتيل وأكثر من سبعة ملايين مصاب، ليشكل ذلك دافعا قويا لنا جميعا إلى جدية مواجهة الوباء الراهن الذى تشغل مصر فى مجال انتشاره الموقع رقم 30 من 220 دولة من دول العالم.

وأضاف بيان اللجنه، أن بلادنا ليست لحسن حظنا من دول الانتشار الواسع مثل أوروبا، والسائد فيها هو السلالة الضعيفة للفيروس، باستثناء أماكن مثل الأقصر والأسكندرية حيث تتواجد السلالة القوية، ولكن يجب عدم الاستهتار، ولا نقصد من هذا أن نصاب بالهلع، ولكن لابد لنا من أن نتماسك ونؤكد على المواجهة العقلية العلمية التى تبحث الأسباب وتواجهها بالإجراءات الضرورية، وتتخلى عن المواجهات الانفعالية سواء بالتهوين من المشكلة أو بالمبالغة فى الاستسلام لليأس.

وتابع: ستنتصر مصر وستنتصر البشرية على الوباء كما انتصروا طوال التاريخ، والمواجهة العقلية هى التى تتيح الخلاص من الوباء بأقل ثمن من الأرواح والمرضى، ومن هنا أهمية مناقشة الوضع الراهن والإجراءات الحازمة الضرورية للتعامل معه، مؤكدا علي عدة خطوات لمواجهة هذا الوباء

1-  المشكلة الأولى هى ضرورة توفيروسائل الوقابة..كان ثمن الكمامة مثلا قبل الوباء يتراوح بين 60 قرشا وجنيها واحدا، وتمادى البعض للتربح من الوباء حتى وصل سعرها إلى ثمانية جنيهات بعد قرار الحكومة بفرض ارتداء الكمامات صحيح تماما ومفيد ولكن فرض توفيره على الناس ، كل بمعرفته ، فيه ظلم للأغلبية ،لا يصححه مثلا  قيام  محطات مترو الأنفاق ببيعه للجمهور بثلاثة جنيهات ، فالأمر يقتضى   للتصحيح على الأقل فرض تسعيرة ألزامية بالتكلفة مع إضافة  هامش ربح معقول ومجمله هو الثمن الذى  كان سائدا قبل الوباء.

2- المشكلة الثانية الخطيرة هى تدنى نسبة الفحوص الكاشفة للمرض المجراه منسوبة إلى عدد السكان، من أجل تكوين تعرف صحيح على مستوى الانتشار الحقيقى للمرض، والتعرف على البؤر الساخنة لانتشار الوباء فى بلادنا وحصارها ومواجهة المرض بشكل علمى، والحاصل المتبع فى كثير من الدول الآن هو بلوغ نسبة الفحوص الوراثية للفيروس إلى 5% فأكثر من عدد السكان. وهى فى مصر لا تتجاوز 0.13% من السكان، وبهذا تأتى مصر فى المرتبة 166 من دول العالم فى استخدام الفحوص حتى فى العالم العربى حيث تتوافر الإحصائيات عن 18 دولة عربية، تأتى مصر فى المرتبة الخامسة عشرة من زاوية عدد الفحوص كنسبة من السكان، لا يقل عنها فى هذا المجال سوى السودان بجنوبه وشماله واليمن! لابد من توفير العدد الكافى من الفحوص، لأنها نقطة بدء هامة ومن ثم تذليل العقبات أيا ما كانت.

3-  نأتى إلى مشكلة توافر أسرة المستشفيات وأماكن العزل، هل يعقل أن مصر كانت تمتلك 106 مستشفيات للحميات حتى عام 2008 حين أغلق وزير الصحة وقتها سبعين مستشفى منها؟ علينا توفير العدد الكافى من الأسرة بقرارات عقلانية من حيث نسبة مستشفيات العزل (الغالبة طبعا) مع إبقاء النسبة المناسبة من المستشفيات المفتوحة للأغراض الأخرى لأننا لا نريد فقدان مرضى الأمراض العاجلة والخطيرة الأخرى! بالطبع ليس هذا أوان البكاء على الماضى ولكن يجب بحث أمر المستشفيات التى مازالت متواجدة كمبانى ومقفلة لإعادة فتحها. ويمكن ويجب عند الضرورة إنشاء مستشفيات العزل المؤقتة كما فعلت دول كثيرة، كما يجب الشفافية فى تعامل وزارة الصحة مع المشكلة  فلا يعقل الحديث عن توافر الأسرة بينما يعانى المرضى الأمرين من توفير سرير. أما مسألة العزل فى المنزل فيجب عدم تطبيقها إلا عند توافر الشروط المناسبة من حيث مساحة المسكن وعدد أفراد الأسرة وإمكانية العزل المنزلى، وإلا يجب توفير معازل مستقلة للحالات غير الحرجة التى لا تسمح شروطها بالعزل المنزلى.

4-  نأتى إلى مشكلة الأطقم الطبية وحمايتها، حيث سبق الحديث فى كل وسائل الإعلام، ولقاءات نقابة الأطباء برئيس الوزراء والوزارة، واتفاقهم على ضرورة توفير وسائل الحماية الناقصة بالمستشفيات، والمهم هو متابعة الالتزام والتنفيذ واستطلاع رأى المنظمات الشعبية وعلى رأسها نقابة الأطباء فى مستوى الخدمة، دون الهجوم والتشويه على كل نقد باعتباره هدما، فالنقد البناء الذى يشخص الوضع الراهن ويطرح الحلول هو أساس مهم للبناء ومواجهة الوباء، ولن نناقش الآن الأوضاع اللامعقولة التى جعلت بلدا ذا هيكل عريق مثل مصر بانيا للكفاءات البشرية، وقام بتخريج 220 ألف طبيب عامل حاليا منهم 120 ألفا فقط يعملون فى مصر ومائة ألف فى الخارج، فليس هذا بكاءً على اللبن المسكوب، ولكن نعتقد انه قد اصبح أكثر الحاحا اتخاذ إجراءات واضحة وفعالة لجعل بيئة العمل في القطاع الصحي الحكومي أقل تنفيرا وطردا للاطباء ( ليس فقط من حيث تدني الاجور بل أيضا من حيث التعسف والقصورالإداري، مع التعامل غير اللائق فى بعض الأحيان مع الاطباء).

وهنا يجب حل مشاكل عدالة إتاحة فرص التدريب في التخصصات المختلفة وكذا إتاحة الحد الادني من مستلزمات العمل وتوفير وسائل الوقاية الكافية، ونؤكد في هذا الصدد انه ليس صحيحا أن نزوح الأطباء للعمل خارج البلاد لا يمكن ايقافه في ظل استمرار توافر فرص الدخل الأعلي لدي دول الجوار وغيرها، فهذه الفرص قائمة طوال عمرها، وكان لا يستجيب لها سوى القليل منهم.  فقط في العقود الثلاثة الأخيرة، وبالأخص فى السنوات القليلة الأخيرة، تضاعفت أعداد المستقيلين من العمل الحكومي بعد التضخم وتدهور مستوى معيشة الأطباء، مع كل أنواع التعويق والتكدير الاخري

4-   وأخيرا هناك مشكلة المستشفيات الخاصة، والتي وصل أجر الإقامة بالتحاليل وتكاليف العلاج فى تلك المستشفيات إلى أربعين ألف جنيه فى الليلة الواحدة! وهذا بالطبع يوضح خطورة التربح من المتاجرة فى حياة المرضى فى هذه الأزمة الخطيرة، بعد ما قامت وزارة الصحة بتحديد أسعار “استرشادية” تتراوح بين 1500 و10000 جنيه لليلة، ورفضها الكثير من أصحاب المستشفيات الخاصة، بل وهددوا بوقف قبول مرضى الكورونا! وبالطبع فعندما يتعلق الأمر بأرباح المستثمرين فى المستشفيات مع ضرورات صحة الإنسان المصرى فيجب أن يأتى الإنسان قبل الأرباح!، ففى أسبانيا قامت الحكومة بوضع اليد على المستشفيات الخاصة فترة الوباء، بل وفى مصر ينص القانون رقم 51 لسنة 1981 الخاص بالعلاج الخاص على قيام لجنة من وزارة الصحة ونقابة الأطباء والمحافظ بوضع تسعيرة حد أقصى للخدمة، كما أن قانون تعديلات قانون الطوارئ التى جرت مؤخرا تعطى الحكومة حق إدارة المستشفيات الخاصة بوضعها تحت الإدارة المباشرة لوزارة الصحة بكامل أطقمها الطبية طوال فترة الجائحة وحتى انتهائها، فلا يجب على الدولة الاسترشاد ولكن عليها اتخاذ القرارات الضرورية فى حالة حربنا ضد الوباء من أجل صحة الإنسان المصرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار