لماذا تزايدت ظاهرة جرائم الشرف في مصر؟
شهدت مصر خلال الفترة الأخيرة تزايدًا للجرائم المرتبطة بـالشرف، حيث يقدم الأب على قتل ابنته، والأخ ينهي حياة شقيقته، بسبب علاقات أغلبها تتعلق بممارسة الرذيلة بين طرفين مرتبطين بعلاقات عاطفية، وفق روايات عديدة.
آخر تلك الجرائم وقعت أحداثها في محافظة البحيرة، عندما قُتلت فتاة وعشيقها على يد والدها داخل منزلها، وذلك بعدما ضبطها الأب في أحضان عشيقها وقت الفجر في الطابق العلوي من المنزل، وعلى الفور استعان بشقيقها في تنفيذ الجريمة، حيث ذبحهما، وألقى بجثتيهما من شرفة المنزل.
لم تكن هذه الجريمة فريدة من نوعها، فهناك عشرات الجرائم التي شهدتها شتى المحافظات المصرية من هذا النوع، على غرار ”أب يقتل بناته في الحوامدية شكًا في سلوكهن، وأخ يقتل شقيقته بعدما وجدها في أحضان العشيق، وزوج يتخلص من جثمان زوجته لشكه في سلوكها“، وغيرها من الجرائم المثيرة، حتى أصبح الأمر ظاهرة في المجتمع المصري، تندرج تحت عنوان ”الانتقام من أجل الشرف“.
رأي الدين
من الناحية الفقهية فلا يحق للأب قتل ابنته حال تلبسها بالزنا، لأن محاكمتها هي وعشيقها تكون من خصوص ولي الأمر، وهو يعني الحكومة وليس الوالد في هذه الحالة، وفقًا للدكتور محمد عبدالعاطي رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية التربية بجامعة الأزهر.
لكن عبدالعاطي عاد ليشير في تصريحات صحفية ، إلى أنه ”إذا تغيب عقل الوالد وقتل نجلته وهو في حالة من الذهول، فهذا يندرج تحت الدفاع عن الشرف في الشرع“، مضيفًا: ”أما إذا كان واعيًا لما يفعل مثلما حدث في جريمة البحيرة، فهذا القتل حرام شرعًا لأنه خرج من حيز الذهول وأصبح عالمًا بما يفعل“.
المسألة القانونية
قانونيًا أيضًا لا يحق قتل طرفي العلاقة الجنسية، حيث قال الدكتور محمد الذهبي أستاذ القانون الدستوري إن ”من تخطى عمره الـ18 عامًا يصير من حقه ممارسة علاقة حب مع من يحب، وهذا هو الحد الأدنى من الحرية أن يعمل ما يحلو له، ولا يوجد قانون في العالم يعاقب على هذه العلاقات حتى ولو كان الغرض منها ممارسة الجنس مع بعضهما، ولا يوجد لهذه المسألة عقوبة في قانون العقوبات“.
وأضاف الذهبي ، أن الأب الذي يقتل ابنته حال تلبسها يعتبر ارتكب جناية قتل عمد، وعقوبته وفقًا للمادة 234 من قانون العقوبات، تكون السجن المؤبد أو السجن المشدد، ويحق للقاضي النزول بالحكم للحبس أو السجن إذا كان السبب مبررًا.
وأشار إلى أن القانون لا يعاقب ممارسي الجنس إلا في الأماكن العامة فقط أمام الجميع، وهذه الحالة يعاقب عليها قانون العقوبات وفق نص قانون جريمة خدش الحياء.
فراغ عاطفي
من الناحية النفسية، يعتبر الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، أن الدافع الأول وراء حدوث جرائم أسرية بسبب الشرف، هو عدم وجود علاقة ترابطية بين الأسرة، والتي يظهر من خلالها الحرمان العاطفي، فضلاً عن الخلافات بين الزوجين التي تؤثر سلبًا على الأبناء، قائلاً: ”كلما كانت العلاقة سيئة تلجأ الفتيات والشباب إلى ملء هذا الفيضان العاطفي، وفي الغالب فإن ما يملأها هو العلاقات غير السوية“.
وأضاف فرويز ، سببًا آخر لتلك الجرائم تتعلق بمشاهدة الأفلام، حيث تظهر مشاهد مخالفة تبث روح الاشتياق لدى الشباب وتدفعهم للدخول في العلاقات حتى ولو كانت خاطئة.
توعية مجتمعية
الظاهرة التي بدت متصاعدة أثارت اهتمام الجمعيات الحقوقية والمدنية وقبلها الرسمية، حيث قالت النائبة مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، وعضو المجلس القومي للمرأة، إن المجلس يعمل دائمًا على جلسات التوعية في جميع محافظات الجمهورية، وذلك من خلال المراكز والندوات الدائمة التي تعمل على توعية الفتيات للابتعاد عن هذه الأمور المخالفة، ويوجد تنسيق مع بعض الجامعات على مستوى الجمهورية، لعقد الندوات مع الطالبات لتوعيتهن لفهم العلاقات والتفرقة بين العلاقات الصحيحة وغير الصحيحة.
وأكدت عازر ، أن الهدف الأساسي الذي يسعى إليه المجلس هو تحديد نوع العلاقة بين الشباب والفتيات، سواء صداقة أو علاقة من نوع آخر، ولكن الشيء الغريب الذي ظهر مؤخرًا هو انتشار الظاهرة بين أعمار الـ15 عامًا، وهو ما يقابله صعوبة في المعالجة بالنسبة للمجلس القومي للمرأة، لأن أغلب محاضرات التوعية تتم في نطاق الجامعات وتستهدف من تخطت أعمارهم الـ20 عامًا.