حزب المحافظين وتيار الأمل ينظمان حلقة نقاشية حول السياسة الدوائية في مصر
نظم حزب المحافظين بالتعاون مع حزب تيار الأمل “تحت التأسيس”، جلسة تثقيفية حوارية موسعة حول السياسة الدوائية في مصر، تحدث فيها الأستاذ الدكتور محمد رؤوف حامد أستاذ علم الأدوية والعضو السابق في مجلس إدارة الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، بصفته خبيرًا في الصناعة الدوائية، في حضور الأستاذ الدكتور عبد الجليل مصطفى، ومهندس أكمل قرطام، وعدد من القيادات والكوادر السياسية في الأحزاب المختلفة، مع مجموعة من شباب الحزبين. أدار الجلسة مهندس حازم قنصوة القيادي بحزب المحافظين ودكتورة حنان طنطاوي عضو اللجنة التأسيسية بحزب تيار الأمل.
افتتح قنصوة اللقاء؛ مرحبا بالحضور، ومعبرًا عن سعادته بالتعاون الأول بين الحزبين في مناقشة أزمة الدواء والسياسة الدوائية في البلاد. كما عرفت حنان طنطاوي ببعض من المحطات المهنية لدكتور محمد رؤوف حامد، مشيدة بدوره في الشأن العام وفي الاهتمام بصناعة الدواء و مشيرة إلى أن هذه اللقاءات بقدر ما تجدد الأمل وطاقة التفاؤل إلا أنها تؤجج كذلك الفقد والألم المتسبب فيهم غياب مؤسسي مشروع الأمل؛ أحمد الطنطاوي وكيل مؤسسي حزب تيار الأمل ومدير الحملة السابق محمد أبو الديار وكل الزملاء الذين حرموا من حضور هذا اليوم فداء للحرية وإحياء الأمل. وأكدت أن جميع الطبقات تعاني من نقص الأدوية، مما يجعل هذه القضية متصلة بكل المصريين.
من جانبه، أعرب الدكتور محمد رؤوف حامد عن سعادته بتواجده داخل حزب المحافظين وقدم انطباعًا إيجابيًا عن التنظيم الهيكلي والإداري للحزب. واستهل حديثه بمقولة للشهيد عبد المنعم رياض حول أهمية المستقبل كمعركة غير محدودة المكان والزمان. وأكد على ضرورة تواصل الأحزاب السياسية والتعاون معا في صياغة رؤية للتعامل مع الشأن العام.
تناول الدكتور حامد خلال حديثه تعريف الدواء وأهميته كأحد أبرز الصناعات العالمية التي تجمع بين الطيبة والشراسة. كما أشار إلى الكفاءة الدوائية التي يجب أن تضمنها الحكومة تشمل تأمين وصول الدواء للمحتاجين في الوقت المناسب بالسعر المناسب، وضمان ترشيد استخدامه ومراقبة وصفاته.
وأوضح أن السياسات الدوائية الوطنية يجب أن تشمل تعزيز صناعة الأدوية وضمان توفرها بأسعار مناسبة وآمنة وفعالة للمواطنين. كما أكد على أهمية متابعة التوجهات العامة بدلاً من الانشغال بالتفاصيل والأرقام.
وفي سياق حديثه عن تاريخ صناعة الأدوية في مصر، أشار إلى التحديات التي واجهتها منذ عام 1952 وكيف أثرت السياسات الحكومية على تطور هذه الصناعة. وأبرز من خلال سرده لعدد من المواقف مع بعض الشخصيات البارزة في صناعة الدواء منهم الدكتور عبده سلام والدكتور أحمد شكري دور التوجهات والسياسات الدوائية في التأثير على هذه الصناعة في مصر.
كما تناول إشكاليات صناعة الأدوية المصرية منذ الستينات وحتى اليوم، مشيرًا إلى عدم وجود سياسة واضحة لدعم البحث العلمي وربطه بالصناعة. وخلص إلى ضرورة إنشاء مجلس أعلى للدواء، يكون مستقلا عن الحكومة، ومكونا من شخصيات علمية وقانونية، ودوره هو تنظيم ومراقبة كل العمليات المتعلقة بصناعة الدواء، بدءا من الاستراتيجيات والسياسات الدوائية وصولا إلى تسعير الدواء وتوفيره. كما أكد في سرده للمواقف المختلفة على ما لاقاه من تبعات تدخل الولاءات الشخصية وغياب الرؤية العلمية في الإدارة الاستراتيجية لملف الدواء، إذ قدم على مسار حياته العلمية والمهنيةعددا من المقترحات والمشاريع لحل مشاكل الصناعة الدوائية والتي يعد غياب البحث والتطوير من أبرزها. أحد هذه المقترحات هو تشكيل تحالفات استراتيجية وطنية دوائية بين الشركات المصرية لتمويل البحث العلمي المتعلق بصناعة مصرية للمركبات الدوائية، حيث أن صناعة الدواء في مصر معتمدة على استيراد المواد الخام، وبالتالي تعتبر غالبية مصانع الدواء هي أماكن تجميع وليست تصنيع للدواء.
كما تناول دكتور رؤوف ومعظم الحضور قضايا عديدة مهمة تؤثر على صناعة الدواء في مصر؛ من أبرز محاورها:
نقص الاكتفاء الذاتي: حيث أشار دكتور محمد رؤوف حامد إلى أن الادعاء بأن صناعة الدواء المصرية تغطي 93% من احتياجات السوق هو ادعاء غير صحيح، حيث يتم استيراد كميات أكبر بكثير مما يتم إنتاجه محليًا.
أخطاء استراتيجية: كما تحدث عن الأخطاء الاستراتيجية في صناعة الدواء، بما في ذلك انحسار شركات القطاع العام لصالح القطاع الخاص، ثم فتح المجال للشركات الأجنبية، ما أدى لخسارة القطاعين، العام والخاص، وبالتالي أثر سلبًا على جودة ووفرة الأدوية وعلى سعرها بما يتلاءم مع مستوى الدخل.
إتاحة الدواء: أبرز د.رؤوف أهمية إتاحة الأدوية للمواطنين بجودة وسعر مناسب وفي الوقت المناسب، مؤكدا أن مشكلة الدواء هي مشكلة حساسة للوطن. ومن أبرز مظاهر هذه المشكلة هو فك الارتباط بين دور البحث العلمي والرقابة، وارتباط المهام الرقابية البحثية بتكليفات وقتية؛ ما زاد من احتمالات اقتران المصلحة الشخصية بالدور الرقابي، ومن المظاهر السلبية أيضا لتضارب مصالح الربح المادي مع توفير الدواء بكفاءة للمواطن، هي صرف الأدوية بالأسماء التجارية، وليس بالأسماء العلمية.
نقص النظام الديمقراطي: وتحدث المهندس أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين عن أهمية وجود نظام دستوري ديمقراطي يساهم في إشراك المواطنين في الحكم والرقابة والمحاسبة.
كما أشار قرطام ان مصر لا تفتقر للخبرات، ولكننا نفتقد لنظام يساهم في الاستفادة من هذه الخبرات، مشيرا أنه تم حجبنا عن المعاصرة بسبب النظم السلطوية التى أدارات مصر خلال فترات طويلة، وهمشت قدرات المواطنين..
فرص مهدرة: وأشار الدكتور عيد الجليل مصطفى، القيادي بالحركة المدنية، إلى أن هناك فرصًا عديدة مهدرة بسبب عدم اهتمام الجهات المعنية بصناعة الدواء، واهتمامها بالسياسات التي تخدم أقلية معينة، ولا تهتم بالصالح العام.
البداية تكمن في الإرادة السياسية والتغيير: ذلك ما أكده د.طه طنطاوي القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، واتفق معه د.رؤوف ومعظم الحضور. وهو السبيل لتحسين وضع صناعة الدواء وتلبية احتياجات المواطنين، من خلال استراتيجية متكاملة لصناعة الدواء.
الدواء أمن قومي: وشدد حسام حبلص أمين العمل الجماهيري بحزب تيار الامل، على أن توفير الدواء بجودة وسعر مناسب هو مسؤولية الدولة ويعتبر أمنًا قوميًّا لا يقل أهمية عن الماء والطعام، موجها الشكر لحزب المحافظين على تنظيم هذه الحلقة النقاشية الهامة.
اقتراح بحل عملي لتوفير المادة الخام للأدوية: قدمه د.مجدي غلاب مشيرا لتجربة الهند الرائدة في صناعة الادوية, وأن هذا هو وقت العمل، وليس الكلام.
فأكد د.رؤوف أن المعرفة طاقة، والطاقة تولد العزم، والمعرفة العلمية الصحيحة لأسباب المشكلة هي بداية الفعل الصحيح.
الوجهة بالحل تكون للشعب: أكد استاذ سامح جرجس القيادي بحزب المحافظين أن ضرورة التوجه للشعب بكيانات مهيكلة وقادرة على الوصول للشارع للتوعية وتقديم الحلول هو السبيل للتغيير.
وتأتي هذه الحلقة النقاشية ضمن جهود الحزبين لتسليط الضوء على القضايا الحيوية المتعلقة بالصحة العامة والسياسة الدوائية في مصر وتعزيز الحوار بين مختلف الأطراف المعنية لتحقيق تحسينات ملموسة في هذا القطاع الحيوي.
وبشكل عام، تعكس هذه المناقشات القلق بشأن مستقبل صناعة الدواء في مصر والحاجة الملحة لإصلاحات شاملة لضمان توفير الأدوية بشكل فعال وآمن للمواطنين.