في حضرة الشعر والحرية: الحزب الاشتراكي المصري يُحيي ذكرى حلمي سالم

في أجواء مليئة بالحنين والوفاء، نظّم الحزب الاشتراكي المصري لقاءً تكريميًا بمقره لإحياء ذكرى الشاعر الكبير حلمي سالم (1951-2012)، أحد أبرز رموز جيل السبعينيات الشعري والفكري في مصر. جاء هذا اللقاء كتأكيد على استمرار حضور هذه الشخصية الفريدة في المشهد الثقافي المصري رغم رحيله قبل ثلاثة عشر عامًا.
حلمي سالم: سيرة مناضل مبدع
وُلد حلمي سالم في قرية الراهب بمحافظة المنوفية عام 1951، وحصل على ليسانس الصحافة من جامعة القاهرة. عمل صحفيًا بجريدة “الأهالي” الناطقة بلسان حزب التجمع، وترأس تحرير مجلتي “أدب ونقد” و”قوس قزح” . ارتبط اسمه بجماعة “إضاءة” الشعرية التي كانت إلى جانب جماعة “أصوات” من أشهر الكتل الشعرية في سبعينيات القرن الماضي بمصر، وضمّت شعراء مثل حسن طلب وجمال القصاص ورفعت سلام .
إنتاج أدبي غني ومتنوع
خلّف حلمي سالم إرثًا أدبيًا غنيًا تجاوز 18 ديوانًا شعريًا، كان أولها “حبيبتي مزروعة في دماء الأرض” (1974)، وآخرها “الثناء على الضعف” (2007) . كما ألّف عددًا من الكتب النقدية المهمة مثل “الثقافة تحت الحصار” و”الحداثة أخت التسامح: الشعر العربي المعاصر وحقوق الإنسان” و”التصويب على الدماغ: كلمات في الحرية والقمع” .
الجدل حول “شرفة ليلى مراد”
أثارت قصيدة “شرفة ليلى مراد” التي نشرها عام 2007 ضجة كبيرة، حيث اتهمه بعض التيارات الإسلامية بأن القصيدة “تسيء للذات الإلهية” وطالبوا بسحب جائزة التفوق في الآداب التي حصل عليها عام 2006 . وقد دافع سالم عن قصيدته قائلاً: “لقد انتقدت في القصيدة تواكل المسلمين على الله، وقعودهم خاملين. وهذا معنى ديني ذكر في القرآن الكريم حيث قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)” . وقد وثق هذه الأزمة في كتابه “محاكمة شرفة ليلى مراد” .
تكريم الحزب الاشتراكي المصري
شارك في اللقاء التكريمي الذي نظمه الحزب الاشتراكي المصري عدد من الشخصيات العامة والرموز الثقافية، منهم أحمد بهاء شعبان رئيس الحزب، والدكتور محمد حسن خليل عضو الحزب، والصحفية حياة الشيمي، والشاعر زين العابدين فؤاد، وحنان جرجس عضو حزب التجمع، والمحامية ماجدة رشوان، إضافة إلى نحو 25 مشاركًا من أصدقاء وتلاميذ الشاعر الراحل.
في كلمته الافتتاحية، أكد أحمد بهاء شعبان أن حلمي سالم لم يكن مجرد شاعر، بل كان “صاحب قضية ورسالة، ومناضلًا ملتزمًا ومبدعًا متفانيًا في عمله”، مشيرًا إلى إسهاماته في تطوير الشعر الحديث ودوره في تأسيس مجلة “إضاءة” .
شهادات وتأملات
قدم المشاركون في اللقاء شهادات مؤثرة عن الشاعر الراحل، حيث تحدثوا عن مواقفه الجريئة وأثره في تكوينهم الإبداعي. وصفوه بأنه كان صوتًا للحرية والتجديد، وضميرًا شعريًا لجيل واجه كثيرًا من التحديات السياسية والثقافية .
من جانبها، أشادت الصحفية حياة الشيمي بالمبادرة، معتبرة أن الاحتفاء بحلمي سالم هو احتفاء بجيلٍ من المبدعين الذين اختاروا طريق الالتزام والوعي والجمال .
خاتمة
اختُتم اللقاء بالتأكيد على أهمية استعادة رموزنا الفكرية والثقافية، ودورهم في صناعة الوعي، خصوصًا في ظل واقع ثقافي يحتاج إلى نماذج ملهمة مثل حلمي سالم الذي جمع بين “خيال الشاعر وحيوية المناضل السياسي” كما وصفه الشاعر محمد عفيفي مطر . لقد كان سالم نموذجًا للمثقف الملتزم الذي لم يفصل بين إبداعه ومواقفه، وسيظل حاضرًا بقوة في الوجدان الشعري المصري والعربي.




