زهدي الشامي.. مشوار نضال طويل من دمنهور لحد ميادين الثورة.. نصف قرن في خدمة الناس والوطن

يعد الدكتور زهدي زكي نصر الشامي واحدًا من أبرز الرموز الوطنية والفكرية في مصر، الذين كرّسوا حياتهم للعمل العام والدفاع عن قضايا الوطن والعدالة الاجتماعية على مدى ما يزيد على خمسة عقود من العطاء المتواصل.

وُلد الدكتور زهدي الشامي في 29 مايو 1954 بمدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، حيث بدأ مسيرة متألقة منذ مراحل التعليم الأولى، إذ حصل على المركز الثاني على مستوى المحافظة في الشهادتين الإعدادية والثانوية، وانتُخب رئيسًا لاتحاد طلاب مدرسة دمنهور الثانوية، ليبدأ بذلك مسيرته في العمل الطلابي والاجتماعي.

التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتخرج منها عام 1976، وكان من الناشطين في الحركة الطلابية، وعضوًا مؤسسًا في نادي الفكر الاشتراكي بالجامعة، كما شارك في تأسيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي عام 1976 مع الراحل خالد محيي الدين، وتولى لاحقًا منصب الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بالحزب عام 2003.

نال الدكتور الشامي درجة الدكتوراه من جامعة موسكو الحكومية عام 1986 عن بحثه حول رأس المال الأجنبي وأثره على التنمية الاقتصادية في الدول النامية، وقدم خلال مسيرته الأكاديمية عشرات المؤلفات والدراسات والترجمات التي تناولت قضايا التنمية والإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.

ويُعد الشامي نموذجًا للمثقف العضوي المرتبط بقضايا وطنه وشعبه، حيث خاض انتخابات مجلس الشعب بدمنهور وسط التفاف جماهيري واسع، لكن الانتخابات تعرضت للتزوير، وهو ما أكدته محكمة النقض لاحقًا، لتمنحه حكمًا قضائيًا فريدًا ضد رئيس مجلس الشعب حينها بسبب تعطيل تنفيذ القرار.

واصل الدكتور الشامي تواصله مع أبناء البحيرة عبر جريدة “الصحراوية” التي أسسها وترأس مجلس إدارتها لأكثر من 15 عامًا، وكانت منبرًا لأهالي المحافظة وصوتًا لقضاياهم.

خلال ثورة 25 يناير، كان الدكتور زهدي الشامي في قلب الحدث بمدينة دمنهور، خطيبًا في ميدان الساعة الشهير، إلى جانب رموز وطنية مثل الفنان عبد العزيز مخيون. وبعد الثورة شارك في تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، وشغل موقع نائب رئيس الحزب ثم رئيس مجلس الأمناء، وخاض الحزب انتخابات البرلمان بقائمة “الثورة مستمرة” التي فازت بسبعة مقاعد.

من أبرز المواقف التي شكلت علامة فارقة في مسيرته استشهاد شيماء الصباغ، حيث واجه محاولات لتلفيق الاتهام إليه، قبل أن تثبت التحقيقات الحقيقة ويُدان القاتل الفعلي.

كما كان الدكتور الشامي من بين الاقتصاديين الذين حذّروا من اتفاقية مصر مع صندوق النقد الدولي عام 2016، وشارك في إعداد بديل وطني لإنقاذ الاقتصاد المصري. وكان أيضًا من أبرز من طعنوا على اتفاقية تيران وصنافير دفاعًا عن السيادة الوطنية.

وفي السنوات الأخيرة، تولى الشامي قيادة الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية (حق الناس)، وعمل بفاعلية في الدفاع عن حقوق المستأجرين، منسقًا لمؤتمراتهم، أبرزها المؤتمر الحاشد الذي عقد في 6 مايو 2025 بمقر حزب الكرامة.

رحلة حافلة بالعطاء والفكر والنضال تؤكد أن الدكتور زهدي الشامي لم يكن يومًا مجرد مفكر اقتصادي، بل أحد الأصوات الوطنية الصادقة التي آمنت بأن خدمة الوطن تبدأ من الدفاع عن حقوق أبنائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!