معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عدداً جديداً من إصدارته الدورية “سياسات مناخية” وهي مجلة دورية تصدر باللغتين العربية والإنجليزية، تتناول في كل عدد موضوع واحد معنى بالقضايا البيئية والمناخية، انطلاقًا من سعي المركز لاستقصاء أبرز الرؤى والتحليلات بشأن القضايا المناخية وتبعاتها وتداعياتها على مختلف مناحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، واستشراف آفاقها وتأثيراتها المستقبلية على الصعيدين المحلي والدولي، كما تتضمن مجموعة من الحقائق والأرقام حول القضية موضوع العدد، وتعرض وجهات النظر المتعددة والمتنوعة حوله لكوكبة من المسؤولين والأكاديميين والخبراء رفيعي المستوى من مصر ومختلف دول العالم، كما تتضمن تمثيلاً شاملاً للأطراف المعنية كافة من ممثلي المؤسسات الدولية والجهات التنفيذية والتشريعية ورواد المجتمع المدني ومسؤولي القطاع الخاص، وتختتم بصياغة مسارات للتحرك نحو توجهات أكثر فاعلية في دعم القضية، وقد جاء موضوع العدد الجديد بعنوان: “اتجاهات الانتقال من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة.. الدوافع والتحديات”

أوضح المركز أن قضية التغيرات المناخية لم تعد رفاهية لدى الشعوب، بل أصبحت تمس الإنسان وسبل عيشه واستقراره، وتهدد قدرتنا على تعزيز التنمية في كوكينا حيث يواجه العالم اليوم عديدًا من المخاطر التي تسببت فيها الممارسات البشرية بزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، وما نتج عنها من ارتفاع درجة حرارة الأرض، وفقدان التوازن الإيكولوجي على الكوكب، وقد شهدنا في الآونة الأخيرة ظواهر مناخية متباينة سريعة الوتيرة، منها الحاد المفاجئ ومنها طويل المدى ممتد التأثير والتي تسببت في مجملها في وقوع عديد من الخسائر والأضرار التي لم تقف عند حدود سياسية معينة بل تخطت تأثيراتها الحدود الجغرافية للدول وباتت تهدد مجتمعنا الدولي ككل.

ومن جانبها تبنت مصر عديدًا من الجهود من أجل الامتثال للاتفاقات الدولية بشأن التصدي لظاهرة تغير المناخ والحفاظ على البيئة مثل رؤية مصر 2030، واستراتيجية مصر لتغير المناخ 2050، لوعيها الكامل بأهمية تعزيز قدرة الأجيال الحالية على الصمود في مواجهة تداعيات تغير المناخ، وحق الأجيال القادمة في مستقبل مستدام.

فقد اتخذت مصر خطوات ملموسة نحو التحول إلى الطاقة المتجددة مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وإمكاناتها الطبيعية الواعدة، فتبنت الدولة استراتيجية وطنية متكاملة للطاقة المستدامة 2035 تستهدف من خلالها رفع نسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها إلى أكثر من 42% بحلول عام 2030، كما تم تدشين عدد من المشروعات الرائدة مثل مجمع “بنبان” للطاقة الشمسية، ومحطات طاقة الرياح في “جبل الزيت”، فضلاً عن المشروع القومي لإنتاج الهيدروجين الأخضر وهي مشروعات باتت تمثل نموذجًا إقليميًا لجذب الاستثمارات الخضراء، وعلى المستوى التشريعي والمؤسسي فقد شهدت السنوات الأخيرة صدور عدد من القوانين الداعمة للاستثمار في الطاقة النظيفة مثل قانون تحفيز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة 203/2014، وقانون الاستثمار 72/2017،والذي يوفر حوافز مالية وضريبية للمستثمرين في قطاع الطاقة المتجددة، وقانون الكهرباء 87/2015، وكذا قانون حوافز مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته 2/2024، إلى جانب إنشاء المجلس الأعلى للهيدروجين، كما تم تطوير أطر تنظيمية لسوق شهادات الكربون الطوعية بما يُعزز من جاهزية الاقتصاد المصري للمشاركة في أسواق الكربون.

وبرغم هذه الجهود فإن الشركات التي تعمل في مجال انتقال الطاقة بمصر لا تزال تواجه عددًا من التحديات التي تعوق تسريع وتيرة النمو لديها، ولعل أبرزها صعوبة النفاذ إلى التمويل منخفض التكلفة، وارتفاع تكلفة التكنولوجيا الجديدة، وضعف القدرات الفنية والإدارية لدى بعض المؤسسات الناشئة، وعلى الجانب الآخر توجد مجموعة من عوامل النجاح التي يمكن البناء عليها لتعزيز إجراءات التحول في مجال الطاقة مثل تزايد اهتمام المستثمرين العالميين بالسوق المصرية، وتوافر الإرادة السياسية لدعم التحول وتنامي القاعدة المعرفية والبحثية المرتبطة بالطاقة المتجددة داخل الجامعات ومراكز الفكر المصرية للاستفادة من كل تطور تقني وتكنولوجي في تعزيز عملية التحول، هذا وبعد التكامل بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز دور الشركات الناشئة والمبادرات المحلية مسارًا واعدًا آخر لتعظيم الاستفادة من فرص التحول.

وأشار المركز إلى أن التحول في مجال الطاقة يتطلب بدوره العديد من العناصر والموارد والتي تتراوح ما بين الأراضي والمياه والموارد المعدنية وسيتم تناولها كالتالي:

-الأراضي والمياه: تبلغ مساحة الأراضي المخصصة لإنشاء محطات (مزارع) الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح لتوليد الطاقة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، والتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء ما بين 0.4 إلى 1.1 مليون كيلو متر مربع أي ما يُشكل 1% من مساحة الأراضي الصالحة للسكن في العالم، وعليه من الممكن أن تصل كمية المياه المستخدمة في توليد الطاقة وتحليل الهيدروجين واحتجاز الكربون إلى 58 مليار متر مكعب سنويًا، والأمر مدفوع بالطاقة النووية التي تستهلك (14 مليار متر مكعب) من المياه، والمياه المستخدمة لالتقاط الكربون (19-29 مليار متر مكعب)، كما أن التعدين (استخراج المواد الخام) لأجل التحول في مجال الطاقة قد يزيد كمية المياه المستخدمة بمقدار 4 – 5 مليارات متر مكعب، ويُذكر أن إجمالي الاحتياجات المطلوبة من المياه لتلبية متطلبات التحول في مجال الطاقة تعادل الكمية المطلوبة لاستخراج الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة، والتي تبلغ نحو 37 مليار متر مكعب سنوياً، ولكنها في ذات التوقيت لا تشكل إلا 2٪ من إجمالي الاستهلاك العالمي للمياه، والبالغ حوالي 4000 مليار متر مكعب سنويًا (يتم استخدام 70٪ منها في قطاع الزراعة).

-المعادن: أشارت لجنة تحولات الطاقة (ETC) إلى أن هنالك ستة معادن رئيسة لتلبية احتياجات التحول في مجال الطاقة، تتمثل في (الكوبالت، والنحاس، والجرافيت، والليثيوم، والنيوديميوم، والنيكل)، وأضافت أن التحول في مجال الطاقة بين عامي 2022 و 2050 قد يتطلب قرابة 6,5 مليار طن من الموارد المعدنية، 95% منها من الفولاذ والنحاس والألومنيوم، وعلى الرغم أن بعض الاحتياجات من الموارد قد تكون صغيرة من حيث الكمية فإنها لا غنى عنها في تعزيز عملية انتقال الطاقة، فعلى سبيل المثال من المرجح أن يبلغ إجمالي مخزون الليثيوم النقي المطلوب في تصنيع السيارات الكهربائية خلال تلك الفترة وحتى عام 2050 قرابة 20 مليون طنًا.

وتابعت أنه على الرغم من توفر المواد الخام التي تدعم التحول الأخضر، فإن هنالك بعض المواد التي قد لا تكفي احتياطاتها لتلبية الطلب التراكمي الناتج عن التحول في مجال الطاقة لاعتبارات ارتفاع الطلب في ضوء محدودية التقدم التكنولوجي، وكفاءة المواد، وإعادة التدوير، والاستخدامات الأخرى غير المرتبطة بالطاقة، وهو الأمر الذي يتطلب زيادة الاحتياطات من تلك المواد لتلبية إجمالي الطلب المتوقع عليها في الفترة ما بين 2022 إلى 2050، بنسبة 30٪ من النحاس ونحو 70% للنيكل، و90% للفضة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!