الرئيس الامريكى يكشف كواليس خروج القوات الامريكيه من أفغانستان
ظهر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “جو بايدن ” ضيفا ببرنامج جود مورنينج أمريكا، الذي يقدمه الإعلامي جورج ستيفانوبوليس على قناة إيه بي سي الأمريكية، للحديث عن قرار حكومته بإجلاء القوات الأمريكية من أفغانستان، بعد 20 عاما من بقائها هناك.
وقال بايدن إن قرار حكومته بإجلاء القوات الأمريكية من أفغانستان جاء بعد استشارة جهاز الاستخبارات الأمريكي، كاشفا عن أنه وقت اتخاذ القرار لم يوجد إجماع آراء أو معلومة مؤكدة أفادت بأن طالبان ستسيطر على أفغانستان فور خروج القوات الأمريكية منها، بل قال إن جميع التقارير أوضحت أن هناك احتمالا بأن تسيطر طالبان على أفغانستان بنهاية العام الجاري.
ونفى بايدن إدعاءات السيناتور الأمريكي ماكونيل وآخرين، الذين قالوا في وسائل الإعلام الأمريكية إنهم حذروا الحكومة من أن طالبان ستحكم قبضتها على أفغانستان فور خروج القوات الأمريكية منها.
وأوضح أن الجميع قال وقت اتخاذ القرار إن احتمال تولي طالبان الحكم أمر مستبعد للغاية، ولكن كل ما قيل هو ربما تحاول طالبان السيطرة على أفغانستان بنهاية العام الجاري.
خطة بدأها ترامب
ودعم بايدن قرار حكومته بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مشيرا إلى أن القرار لم يكن بناء على فشل المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، أو حدوث خطأ ما من الحكومة، بل أكد أن قرار الانسحاب كان خطة متفق عليها من قبل.
وأشار إلى أن سلفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أبرم صفقة مع طالبان، مفادها هو انسحاب أمريكا من أفغانستان بحلول شهر مايو الماضي، في مقابل عدم وجود أي هجوم على القوات الموجودة هناك، ولكن الحكومة الجديدة مددت المدة المتفق عليها للانسحاب إلى شهر سبتمبر القادم.
كما قال بايدن، إن هناك 300 ألف مقاتل أمريكي كانوا يشعرون بالانهيار في أفغانستان، وبينما تقول الناس إنه عندما كانت القوات الأمريكية في أفغانستان لم تكن هناك حربا، أقول لهم أن ذلك حدث فقط بسبب وجود اتفاقية لانسحاب أمريكا من أفغانستان بحلول شهر مايو الماضي.
وأوضح أنه إذا كانت أمريكا تود تغيير خطتها، وتعتزم البقاء في أفغانستان، كان لابد وأن تدفع بآلاف الجنود هناك.
ونفى بايدن ما يشاع عن أن يكون كبار مستشاريه العسكريين حذروه من انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وفقا لهذا المخطط الزمني، وطالبوه ببقاء بعض القوات الأمريكية هناك.
وقال إن هذا الحديث ليس له أي أساس من الصحة، بل وافق الجميع على قرار الرحيل من أفغانستان، لأنهم يعلمون أن السبب الوحيد لعدم وجود هجمات من طالبان على القوات الأمريكية الموجودة هناك، هو تعهد الحكومة بالمغادرة.
وأكد بايدن أنه كان سيتخذ قرار الخروج من أفغانستان حتى ولو لم يكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد عقد صفقة الرحيل مع طالبان، لأنه يرى أنه لا وقت مثالي ومناسب لمغادرة أفغانستان، ستحدث مشكلة كبرى في كل الأوقات.
مشاهد فوضوية
قال بايدن، “لا أحد ممن يتحدثون عن بقاء أمريكا في أفغانستان يعلم وقتا مناسبا للرحيل منها، فهل ترحل أمريكا من أفغانستان بعد هزيمة طالبان؟ حسنا ما هو معنى هزيمة طالبان، وكيف نهزمها، وهل سنرحل بعد ذلك؟ لقد أرسلنا أبنائنا وبناتنا لحرب في أفغانستان، أنفقنا خلالها 1 تريليون دولار أمريكي خلال 20 عاما، وحان وقت مغادرتنا، فلا يوجد وقتا مناسبا للانسحاب”.
فسأل مقدم البرنامج، عن أنه بالرغم من قرار أمريكا النهائي بمغادرة أفغانستان، لماذا لم تنتظر لإجلاء حلفاؤها بسلام من هناك أولا، حتى لا تحدث هذه المشاهد الفوضوية التي نراها الآن، رد بايدن بأن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية لم تتوقع أن تسيطر طالبان على أفغانستان بهذه السرعة، فهذا كان شيئا لم يتوقعه أحد على الإطلاق.
وأضاف بايدن، أنه كانت هناك خطة بالفعل لخروج المواطنين الأمريكيين والحلفاء بسلام من أفغانستان، وتم إصدار جوازات السفر لهم، ولكنه أوضح أنه بعد ما حدث من فوضى، تم الدفع بـ6000 آلاف جندي أمريكي لتأمين مطار كابول، حيث استغرق الجنود يومين لإعادة السيطرة على المطار مرة أخرى.
وأكد بايدن، عدم وقوع حالات وفاة داخل مطار كابول بعد سيطرة الجنود الأمريكان عليه، مشيرا إلى أنه يتم إجلاء ما يقرب من 2000 شخص في اليوم الواحد من أفغانستان، وأن مشهد سقوط بعض الأشخاص من الطائرة الأمريكية سي 17 حدث منذ خمسة أيام، قبل إحكام سيطرة الجنود الأمريكيين على المطار.
وأوضح بايدن أنه عندما رأى صور ضحايا الطائرة لأول مرة، قال أنه يجب على الجنود التحرك بسرعة لتأمين المطار، وقد فعلوا ذلك من وجهة نظره.
واعترض بايدن على تصريحات بعض الجنود القدامى الذين قضوا فترة خدمتهم في الجيش في أفغانستان، والتي قالوا فيها إنهم كانوا يتمنون أن تخرج أمريكا بصورة مشرفة من أفغانستان قائلا، “لا يوجد أي ندم لدينا على خروجنا من أفغانستان، فقد حان الوقت لذلك، ولا أعلم أي طريقة من الممكن أن نخرج بها من أفغانستان دون أن تحدث فوضى، فهذا كان سيحدث لا محالة، وعلينا أن نسأل أنفسنا، ما الفائدة من بقائنا هناك؟ أكثر أشخاص تشعر بخيبة الأمل من رحيلنا من أفغانستان هم الصين وروسيا، لأن من مصلحتهم بقاءنا هناك دائما”.
وأوضح بايدن سيطرة أمريكا على الأوضاع خارج العاصمة الأفغانية كابول، مشيرا إلى أن طالبان تعلم جيدا، أنهم إذا احتجزوا أي مقاتل أو مواطن أمريكي، فسترد لهم أمريكا الصفعة على الفور.
لن نغادر حتى نُخرج المتعاقدين الأفغان
أكد بايدن أن أمريكا لن تغادر أفغانستان نهائيا في 31 أغسطس الجاري، قبل أن تخرج جميع المواطنين الأمريكين الموجودين في أفغانستان من هناك، والذين تتراوح أعدادهم ما بين 10 إلى 15 ألف أمريكي، بجانب خروج ما يقدر ما بين 50 إلى 65 ألف متحالف أفغاني مع أمريكا.
ولفت إلى أن هذا العدد الكبير بعد احتساب عدد عائلاتهم، موضحا أن أمريكا ستفعل كل شيء لإخراج الجميع في الوقت المحدد قبل 31 أغسطس، وإذا تبقى أي شخص، فستؤجل أمريكا المغادرة إلى أن تقوم بإخراج آخر شخص من مواطنيها وحلفاؤها.
وكشف بايدن خلال اللقاء عن أن قرار رحيل أمريكا من أفغانستان جاء بعد مشاورة جميع الحلفاء بحزب الناتو، وموافقتهم على هذا القرار، مشيرا إلى أنه تحدث ، مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس وزراء بريطانيا، وسيتحدث اليوم، الجمعة، مع الرئيس الفرنسي ماكرون، لأنه يتابع معهم كل ما يحدث في أفغانستان لحظة بلحظة، وجميع الدول الكبرى والحلفاء يؤيدون قرار أمريكا بالانسحاب.
نفى بايدن أن تكون طالبان قد تغيرت عما كانت عليه من قبل، ولكنه أشار إلى أنه يرى أنها الآن تواجه أزمة وجودية، فيما إذا كانت تريد أن يعترف المجتمع الدولي بها كحاكم شرعي لأفغانستان أم لا.
وقال إنه وبالرغم من أنهم يريدون التمسك بمعتقداتهم، إلا أنهم أيضا يريدون تأمين الطعام والمال لهم وللشعب الأفغاني، وهذه زواية مختلفة للتفكير.
وأكد بايدن دعم أمريكا لحقوق النساء الأفغانيات، موضحا أنه عندما رأى خلال اجتماعه مع القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان بالأمس، بعض النساء اللاتي يردن الهرب من سيطرة طالبان، أعطى أوامره بأن تقوم القوات الأمريكية بإخراجهن هن وعائلتهن إذا أمكن، ولكنه أشار في نفس الوقت إلى أن دفاع أمريكا عن حقوق النساء الأفغانيات ببقاء القوة العسكرية لأمريكا في أفغانستان، أمر غير عقلاني.
هجمات مرتقبة لتنظيم القاعدة
وبسؤاله عن وجود معلومات استخباراتية تؤكد أن تنظيم القاعدة سيعود لتنفيذ الهجمات الإرهابية في مدة تتراوح ما بين 18 إلى 24 شهرا، قال بايدن، “نعم هذا احتمال وارد”.
لكنه عاد ليقول: “علينا أن نعلم أن تنظيم القاعدة وداعش يتنقلان دائما، فهناك خطر إرهابي علينا من الجماعات الإرهابية بسوريا وشرق أفريقيا أكبر من الخطر الموجود في أفغانستان، ولكننا لم نرسل قوات عسكرية لسوريا أو لشرق أفريقيا، بل نقوم بحماية أنفسنا ونمتلك قوة كبيرة للسيطرة على هذه الهجمات خارج حدودنا، ونحن قادرون على حماية أنفسنا من أي هجمات قد تعد لنا في أفغانستان أيضا”.
كما ذكر بايدن أن أمريكا من الممكن أن تستمر في إرسال الجنود الأمريكان إلى أفغانستان، وأن تصرف تريليون دولار أمريكي مرة أخرى، ولكنه أكد أن هذا أمر غير عقلاني، لأن أمريكا تركز كل جهودها وأموالها على مواجهة خطر واحد فقط، في حين أنها تواجه تهديدات أكبر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتحل ذكرى هجمات 11 سبتمبر بعد ما يقرب من أسبوعين، والتي هاجمت فيها طالبان أمريكا، وقد نفى بايدن أن تكون طالبان الموجودة في أفغانستان الآن، هي نفس طالبان التي نفذت هجمات 11 سبتمبر، مشيرا إلى أن وقتها كان هناك أسامة بن لادن، الذي قام بالتدبير لكل شيء حدث في ذلك الوقت.
أوضح بايدن أن أمريكا قررت الذهاب إلى أفغانستان بعد هذه الهجمات لتصفية بن لادن، والقضاء على تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن هذا ما فعلته أمريكا بالفعل، ولكنه قال أنه لا يعلم لماذا قررت أمريكا وقتها البقاء للمساعدة في بناء الدولة الأفغانية، فكان يرى أن أمريكا كان عليها أن تنسحب من أفغانستان منذ ذلك الوقت.