سليل عصابات الدم .. إردوغان يبرر قتل المسيحيين ويؤكد: إجراء مبرر
جرائم إبادة الطوائف المسيحية في تركيا جرح لا يندمل، يظل شاهدا على دموية سلاطين الدولة العثمانية وقادتها، وخسة ونذالة قادة حزب العدالة والتنمية، الذين استكملوا مسيرة الدم، وعلى رأسهم رجب إردوغان.
دماء كثيرة قدمتها الطوائف المسيحية في سلطنة القمع التركية، من أجل الحفاظ على بقائهم، رغم الممارسات العنصرية وجرائم التعذيب والإجبار على التحول إلى الإسلام، تحت سمع وبصر سلطات حزب العدالة والتنمية.
أورد تقرير لموقع “بريسيكيوشن”، المتخصص في قضايا الأقليات داخل تركيا، الأحداث المأساوية التي تعرضت لها الطوائف المسيحية على أيدي الأتراك في العقد الثاني من القرن الماضي، بعدما تعرض أسلافهم لإبادة جماعية في العام 1915 على يد العثمانيين.
الرئيس التركي حاول تبرير أحداث قتل الطوائف المسيحية الأرمنية، قائلًا: “نقل العصابات الأرمنية وأنصارهم، الذين ذبحوا المسلمين، بمن فيهم النساء والأطفال، إلى شرق الأناضول، كان أكثر الإجراءات المعقولة التي يمكن اتخاذها في مثل هذه الفترة”.
وقال في تغريدة نشرها عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، في مايو الماضي: “أتمنى الرحمة لهم ولغيرهم من المواطنين العثمانيين الذين لقوا حتفهم بسبب الأوبئة والهجرات، وكذلك أعمال الفتنة التي قادتها العصابات والجماعات المسلحة التي تصاعدت نتيجة لضعف سلطة الدولة “.
إردوغان اعتمد على استراتيجية تصور المسيحيين كأجانب يسعون إلى تحطيم الدولة التركية الإسلامية، ومحاولة إذكاء خطاب الكراهية، وفتح الباب لمزيد من الاضطهاد لمسيحيي تركيا.
الجالية المسيحية في تركيا انتقدت بشدة واقعة إجبار عالم لاهوت إسلامي ومقدم برامج تلفزيوني، تدعمه حكومة إردوغان، بالضغط على مراهق أرمني لاعتناق الإسلام، لترد البطريركية الأرمنية في تركيا سريعًا، وقالت “إن نشر هذه التصرفات لا ينتج عنه سوى التمييز على أساس الدين، ولا يحمي حرية الاعتقاد، إنه لأمر محزن أن نستخدم الدين كأداة تصنيف”.
النائب الأرمني في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي، جارو بايلان، قدم مذكرة قانونية بهذا الشأن، قال فيها “في أعقاب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن في تركيا عام 1915، كان هناك إساءة شديدة في معاملة الأطفال والأقليات، وأجُبر البعض منهم على تغيير ديانتهم قسريًا”.
وأضاف: “نحن الأرمن لدينا جرح مفتوح، وقد اختفى أقاربي الذين نقلوا عن طريق الهجرة خلال فترة الإبادة الجماعية، وذهب البعض منهم للإقامة والتعايش مع عائلات مسلمة”.
وتابع: “الآن، وأينما ذهبت، يقول الجميع، أنا أرمني، وجدتي أرمينية، في كل عائلة يوجد أرمني مسلم، كما أن بعض القرى تُجبر الارمن على التحول إلى الإسلام، هذا بالطبع يعني أن الجرح المفتوح سوف ينزف مرة أخرى بطريقة ما”.
إبادة اليونانيين
قصصًا مماثلة تروى عن جرح مفتوح بسبب الإبادة الجماعية، كان هذا الشعور عميقًا بين المسيحيين اليونانيين، ففي مايو الماضي، عُثر على رجل مسن يدعى ظافر بيناري، ميتاً في جزيرة أمبروس التي تقع في الشمال الغربي من بحر إيجة، مع وجود آثار تعذيب على جثته.
جزيرة أمبروس تم تخصيصها قانونيا كملاذ للمسيحيين اليونانيين الباقين على قيد الحياة، لكنها بدلاً من ذلك، أصبحت سجنًا مفتوحًا للمدانين الأتراك الذين تنفيهم السلطات التركية كعقاب لهم، وتم طرد المسيحيين منها.
المؤرخ المسيحي اليوناني فاسيليوس ميتشانيتسيديس قال: “المسيحيون اليونانيون في تركيا ينقرضون، وأخشى من أنه لا يوجد أمل لإنقاذهم في ظل استمرار عمليات الإبادة الجماعية بحقهم بطريقة أو بأخرى”.
وأضاف: “التحدي الرئيسي لبقية المسيحيين في تركيا هو ببساطة البقاء على قيد الحياة، جسديا ودينيا وثقافيا”.
مأساة البونتيك
يقف الشباب مرتدين ملابسهم التراثية السوداء، تتدلى من خواصرهم خناجر حادة، ومسدسات عتيقة، ويؤدون رقصة الحرب على وقع أنغام موسيقى فولكلورية، بينما يقف العجائز ممسكين بالشموع وصور الأجداد القديمة، قبل أن يُذبحوا ويُهجروا منه على يد العثمانيين.
يكرر اليونان البونتيك المشهد السابق في التاسع عشر من مايو من كل عام، في إحياء لذكرى الإبادة الجماعية التي تعرض لها أجدادهم، في الربع الأول من القرن الـ20، والتي تحل هذا العام ذكراها المئوية (1919 – 2019).
طوال الفترة من العام 1919 وحتى العام 1922، قتل نحو 353 ألفا من البونتيك على يد القوات التركية بتعليمات من مصطفى كمال أتاتورك، وهناك إحصائيات تقريبية توزع الضحايا جغرافيا على النحو التالي، 134078 قتلوا في أماسيا وسامسون وجيرسون، و 64582 في توقات، و 17479 في ماكا، و 21448 في شيبينكارا هيسار.
بعد الإعلان عن نهاية حرب الاستقلال، أقرت معاهدة لوزان الموقعة بين تركيا والحلفاء في العام 1923، إتمام عمليات التبادل السكاني بين تركيا واليونان، لإنهاء المشاحنات بين الشعبين، وقد وصل عدد البونتيك الذين تم نقلهم أثناء عملية التبادل تلك، إلى نحو 400 ألف شخص، مات منهم نحو 50 ألفا أثناء عملية الانتقال.