قوات روسية في بيلاروسيا.. الحرب تقرع من “الحديقة الخلفية”
اعتبر خبراء في الشأن الروسي أن نشر موسكو، منظومات الدفاع الجوي “إس-400” في بيلاروسيا، بمثابة “صب الزيت على النار” بسبب التوتر المتزايد على الحدود مع أوكرانيا، رغم الإعلان بأن الهدف هو تدريبات عسكرية مرتجلة.
وروسيا وبيلاورسيا وقعتا في نوفمبر 2021 تحديث لما يسمى بـ” العقيدة العسكرية لدولة الاتحاد الروسي” بعدة اتفاقيات عسكرية ووثيقة تكامل و28 برنامجا تحالفيا وعسكريا بين البلدين.
“قرار الحلفاء – 2022”
والمناورات الجديدة المسماه بـ “قرار الحلفاء – 2022” ، ليست الأولى بين البلدين، ففي سبتمبر2021 ، أجرتا مناورات عسكرية ضخمة نددت بها بولندا المجاورة ودول حلف الناتو.
وأجريت تلك التدريبات تحت عنوان “زاباد 2021” في تسع قواعد عسكرية روسية و5 قواعد بيلاروسية وفي بحر البلطيق، في تدريبات راقبها الغرب بحذر.
أما التمارين الجديدة، فقالت عنها وزارة الدفاع الروسية إنها اختبارات عسكرية، ستتم عبر مرحلتين: فالأولى تستمر حتى 9 فبراير الجاري، وتشهد إعادة انتشار وإنشاء مجموعات من القوات على أراضي بيلاروسيا، وحماية المرافق الحكومية والعسكرية المهمة والدفاع عنها، وحماية حدود الدولة، كما سيتم تنظيم المجال الجوي.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم اختبار جاهزية وقدرة القوات والوسائل المناوبة للدفاع الجوي لأداء مهام تغطية الأماكن المهمة على أراضي مينسك.
أما المرحلة الثانية من التدريبات العسكرية فتستمر من 10 إلى 20 فبراير الجاري، وستجرى مناورات مشتركة بعنوان “قرار الحلفاء – 2022” ، يتم من خلالها محاكاة قمع وصد العدوان الخارجي، وكذلك مكافحة الإرهاب.
أثناء توقيع الاتفاقيات العسكرية بين البلدين في نوفمبر 2021، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ونظيره البيلاورسي ألكسندر لوكاشينكو على مرسوم تحت مسمى “اندماج روسيا وبيلاروسيا في دولة اتحادية واحدة”.
وحينها أكد بوتن أن “توقيع المرسوم يعد خطوة للأمام تهدف إلى إفادة شعبي البلدين، ونعتزم التصدي معا لأي محاولات للتدخل في شؤون بلدينا السياديين”.
أما لوكاشينكو، فقال “أرى أن بوتن وقع على اندماج الدولتين في دولة اتحادية، وسأوقع أنا بالمثل، ومواقف مينسك وموسكو متطابقة تجاه كافة القضايا المعاصرة تقريبا”.
لكن دائما ما يصف مراقبين بيلاورسيا بأنها “حديقة خلفية” لروسيا، وأن التلويح بالوحدة بينهما أمر شكلي لمناكفة الغرب وحلف الناتو.
ومعاهدة ” اندماج روسيا وبيلاروسيا” لم تكن الأولى بين البلدين، ففي عام 1996 وقع حينها الرئيس الروسي بوريس يلتسين، مع رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، معاهدة “دولة الوحدة” حيث دخلت حيز التنفيذ عام 1999.
ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقة بين موسكو ومينسك إلى أعلى درجة لها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبلغ الأمر حد إعلان لوكاشينكو بأن بيلاروسيا مستعدة للاتحاد مع روسيا في دولة واحدة.
ومعلقا على ذلك، يقول الخبير في الشأن الروسي أشرف الصباغ : “حلم روسيا بدولة واحدة تضمها مع أوكرانيا وبيلاروسيا، وهي الدول السلافية الثلاث، مستحيل التحقيق”.
ويضيف الصباغ في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “طبيعة علاقات روسيا العنيفة مع الدولتين واستخدامهما كأوراق مقايضة وضغط على الغرب، يثير مخاوفها وهو ما يمنع فكرة الاندماج في دولة واحدة “.
وأردف:” ربما هناك وحدة شكلية للغاية بين روسيا وبيلاروسيا، لكن بينهما خلافات جذرية بعدة ملفات”.
دولة الوحدة
وبحسب مراقبين، فإن رئاسة بوتن تستمر حتى في 2024، ويمنعه الدستور الروسي الحالي من الترشح مرة أخرى، لذا فإنشاء دولة جديدة من خلال اتحاد مع بيلاروسيا أمر قد يستطيع بوتن معه تجاوز هذه القيود، ومن ثم يستطيع تولي الترشح.
وهنا يعتبر غوستاف غريسيل، الخبير في شؤون أوروبا الشرقية: “بيلاروسيا ليست دولة فاصلة، كما أنها ليست محايدة مثل سويسرا والسويد أو فنلندا”، وفق موقع “صوت ألمانيا”.
ويردف أن “بيلاورسيا البلد الأوروبي الشرقي ينتمي للتحالف العسكري “منظمة اتفاقية الأمن المشترك”، الذي تهيمن عليه روسيا، كما أن رئيس بيلاروسيا يحاول افتعال تهديد من الخارج لتشجيع روسيا على تدخل عسكري لصالحه”.
كما أن “روسيا لا تراهن على لوكاشينكو، بل على أن تبقى بيلاروسيا دولة مؤيدة لها، كما أن أي تغيير حكومي هناك لن يكون مزعجا للكرملين ما دام ذلك غير مرتبط بالغرب حلف الناتو، بحسب الخبير الأوروبي.
وسكان بيلاروسيا مؤيدين لروسيا، إذ أن الدولتين مرتبطتين تعاقديا في وحدة، ورغم ذلك لم يرضخ لوكاشينكو أبدا للرغبة الروسية في بناء قاعدة عسكرية روسية أكبر في ميسنك.
وفور وصول القوات الروسية أراضى بيلاروسيا، حذرت واشنطن مينسك من عواقب وخيمة حال مشاركتها في أي خطط روسية لغزو أوكرانيا.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان لها، إن “بيلاروسيا ستواجه عواقب مماثلة لتلك التي ستواجهها روسيا حال مشاركتها في أي خطة لغزو أوكرانيا”.
وأوضحت كارين دونفريد، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون أوروبا وأوراسيا، أن “العقوبات الأمريكية المفروضة حاليًا على بيلاروسيا هي رد على انتهاكات الأخيرة المتواصلة لحقوق الإنسان”.
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، فقال:”لقد أوضحنا لبيلاروسيا أنها في حال سمحت باستخدام أراضيها في هجوم ضد أوكرانيا ستواجه ردا سريعا وحاسما من الولايات المتحدة وحلفائنا وشركائنا”.
وتوقع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، أن يصل عدد القوات الروسية في بيلاروسيا إلى 30 ألفاً في غضون الأسابيع المقبلة.
وقال ستولتنبرغ، إن “هذه هي أكبر عملية انتشار روسية هناك منذ الحرب الباردة.
وأوضح أن النشر يشمل أيضاً طائرات مقاتلة، وصواريخ “إسكندر” ذات القدرات النووية، وأنظمة الدفاع الجوي “إس 400″، ووحدات خاصة من الاستخبارات العسكرية، محذرا بيلاورسيا من التدخل في أي الهجوم على كييف.