“الاغراء” طريقة جديدة للتسول فى الشوارع “صور”
ظاهرة التسول أصبحت مصدر غضب ونفور للمواطنين في مصر، في ظل انتشار أشخاص ممن يطلبون المال بشكل مبالغ فيه في وسائل المواصلات والأماكن العامة بطرق مختلفة، منها ما ظهر أخيرًا وأخذ في التزايد بشكل واضح بوجود سيدات وفتيات يتسولن باستغلال أجسادهن وأساليب معينة في الحديث مع المارة، إذ إن تركيزهن يكون بشكل كبير على الرجال والشباب.
وبحسب تقرير لـ «إرم نيوز»، تنتشر ظاهرة المتسولات باستغلال الجسد بشكل متزايد في مواقف السيارات العمومية بالمحافظات والميادين العامة، ويرتدين ملابس تَصِفْ أجسادَهنَّ وتظهرُهنَّ بشكل غير لائق، ويغضب الكثير من المارة في هذه الأماكن نتيجة ما يقمنَ به من حركات وإيحاءات لإغراء من يَستهدفنَ الحصول على المال منه، ويواجهن من يحاول التعامل معهن للمساعدة والنصح، بالسباب بألفاظ خادشة للحياء.
تقول واحدة ممن تعرضوا لهؤلاء السيدات في إحدى المناطق: ”للأسف كنت في الموقف الجديد بمحافظة الإسماعيلية، وأثناء عبوري الرصيف للحاق بالميكروباص المتجه إلى مدينة فايد أوقفتني فتاة ترتدي ملابس ضيقة ومعها ولدان وطفلة، وقالت لي: ”ممكن كلمة.. أمي بالمستشفى وأنا من الزقازيق وأحتاج مالاً للذهاب أنا وإخوتي“
وتضيف: ”قلت لها سأدفع لكم الأجرة، لكنها ردت: نريدُ المال ونحن سنتصرف“، متابعة: ”تشككت في أسلوبها وطريقتها غير اللائقة، وتدخل أحد سائقي التاكسي، وقال لي: هؤلاء البنات يتسولن لكن بطريقة جديدة“.
وتواصل حديثها: ”عندما تحدثت معها بأدب في هذا الأمر المؤسف، تطاولت عليَّ بالسباب والإهانة الشديدة“، مضيفة: ”أناشد كل مواطن يرى هذه الظاهرة أن يبلغ عنها، وأطالب أي مسؤول أن يساعد في مواجهة هذا الأمر الذي يُسيء إلينا جميعًا“.
وتتفق أخرى مع الحديث السابق، وتؤكد أنها شاهدت ذلك بالفعل، وهن يتواجدن في مواقف السيارات بشكل كبير: ”بالفعل أراهن يقفن ويلبسن ملابس جيدة ويركزن على الشباب بشكل كبير“.
ومن جانبه، يقول اللواء محمود جوهر، الخبير الأمني إن ظاهرة التسول عن طريق الإغراء الجنسي من الظواهر السيئة المنتشرة في المجتمع المصري، موضحًا أن طرق حل المشكلة سهلة للغاية، عن طريق قيام المواطنين بإبلاغ شرطة الآداب والأحداث، فهم المسؤولون عن المتسولين في الشوارع، لكونهم هم من لهم سلطة في ضبط المتسولات وتحرير مخالفات ضدهن، وكذلك المكافحة المستمرة من قبل رجال الأمن.
وأضاف الخبير الأمني، في تصريح صحفية، أنه إذا عمدت المتسولة للقيام بحركات أو إيماءات جنسية أو إغراءات فيجب على المواطنين إبلاغ شرطة الآداب فورًا، مشيرًا إلى أن هذه الشرطة تقوم بتنفيذ حملات لضبط هؤلاء المتسكعات بالمواقف العامة والطرقات لتقليل تلك الظاهرة.
وتابع اللواء محمود جوهر، أن عمليات ضبط المتسولات من شأنها منع تلك الممارسات اللا أخلاقية وليس فقط تقليلها، كاشفًا أنَّ أسباب انتشار الظاهرة بالشكل الواسع، هو انشغال رجال الآداب في الوقت الحالي بقضايا أكبر؛ ما يترتب على ذلك سرعة انتشارها دون مواجهة سريعة أو عاجلة.
وأوضح الخبير الأمني، بأنه رغم انشغال رجال الأمن إلا أن هناك توجيهات لـ“إدارة البحث الجنائي“، من وزارة الداخلية المصرية، لمواجة تلك الظواهر التي تنتشر في الشوارع.
شرطة النجدة
ونفى جوهر ما يتردد بأن سبب انتشار الظاهرة هو سلبية المواطنين في الإبلاغ عن تلك الوقائع، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتطلب من المواطن العادي أكثر من اتصال هاتفي بـ“شرطة النجدة“، يفيد فيه بقيام متسولات بممارسات لا أخلاقية بالطريق العام أو بمواقف سيارات الأجرة.. والنجدة هي من تتولى بعد ذلك متابعة الأمر بإبلاغ مباحث الآداب أو الأحداث والانتقال لمكان الواقعة لضبط المتسولات.
وطالب الخبير الأمني، بشن حملات توعية للمواطنين، لكي يدرك المواطن أنه لن يُستدعى للشهادة مثلًا، أو أن يكون مضطرًّا للذهاب لقسم الشرطة، كما أنه حال امتناع المواطن عن واجبه في الإبلاغ، فهناك خطط من قبل الأجهزة الأمنية والبحث الجنائي على المواقف والشوارع لضبط المتسولين سواء كان عن طريق الإغراء، أو لجمع المال.
وكشف اللواء محمود جوهر، أن غطاء الوجه لن يحول دون الإيقاع بالمتسولة، وخبرة ورجال الشرطة بما تقوم به المتسولات يجعل أمر ضبطهن في غاية السهولة، مضيفًا أن العقوبة رادعة ولكن مثل هذه القضايا يكون الحكم فيها بطيئًا، وتكمن المشكلة في أن المستولات لا يحملن بطاقات هوية، فيسبب الأمر صعوبة تحديد هويتهن أو عناوين منازلهن.
ويرى الدكتور طه أبو حسين أستاذ علم الاجتماع، وأستاذ الصحة النفسية بكلية التربية أن التسول يتمدد كأي ظاهرة مجتمعية، ومع التطلع لتحقيق مردود مادي أكبر تتجه المتسولات لهذه الطرق غير الأخلاقية، والسبب في ذلك هو تطور الحاجة، لذا حدثت تغيرات في مظهر المتسولات، وجعلهن يتطلعن لمثل هذه الطرق.
وأجاب أبو حسين في تصريحات صحفية عن سبب ارتداء هؤلاء المتسولات ”لغطاء الوجه“، بأنه يعطيها نوعًا من حرية الحركة وقوة في التصرف أو أن يكون السبب هو عدم امتلاكها لقدر من الجمال وتدرك بأن إثارة المارة بالصوت سيكون تأثيره أقوى من أن يرى ملامحها فيبتعد عنها ولا يتحقق الغرض الذي من أجله باعت حياءها وهو الحصول على بضعة جنيهات.
وكشف بأن سبب انتشار الظاهرة، هو الغياب الأمني والمتابعة الدورية على مواقف المرور والشوارع إذ إن الأمر -قديمًا- كان يؤخذ على محمل الجد، مستبعدًا أن يكون هناك جدية في الأمر في الوقت الحالي.
السلبية المجتمعية
وتابع أستاذ الصحة النفسية، أن المجتمع المصري أجبِر على أن يكون سلبيًّا، خاصة في مثل هذه الأمور، نافيًا أن تكون تلك السلبية هي أمر متأصل فيه، وذلك لأنه يرى أن تدخله لن يعود عليه بالخير، فربما يُسحب لقسم الشرطة أو يتعرض للضرر من قبل المتسولين، فآثَرَ السلامة والراحة باتخاذ السلبية.
الحلول
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع أن الحل يكمن في بضع نقاط أهمها المواجهة الأمنية لمثل هؤلاء عن طريق الدوريات، وكذلك التوعية الدينية والثقافية للمواطنين؛ لكي يتجنبوا تلك الممارسات والتي تتخذ شكلًا من أشكال الدعارة.
ونوه بأن المتسولات يستقطبن الشباب الصغار، لافتقادهم الخبرة في هذا الأمر، كما أن هؤلاء السيدات لديهن خبرة كبيرة في هذا المجال فيتحصلن من هؤلاء الشباب على مبالغ مالية برضاهم بعدد من الحركات والإيحاءات الجنسية.
ولفت إلى أنه قد تقع الفتيات الصغيرات من المتسولات في شر أعمالهن، إذا صادفن رجالاً أكبر سنًّا قد يوقعوهن في وحل الرذيلة، مستغلين صغر سنهن، فالأمر مرتبط ببعضه، ولعل الطرفين قد يتضرران من انتشار تلك الظاهرة، لذا سيكون الحد منها بالدوريات الأمنية ضرورة لحفظ المجتمع ككل.