قبل استقبال شهر رمضان.. تعرف علي مفطرات الصيام
ينتظر المسلمون قدوم شهر رمضان المبارك الذي يعد من أعظم الشهور التي يهتم بقدومها كل المسلمين كل عام في كافة بلاد العالم، وهو شهر من شهور التقويم الهجري ويكون عقب شهر شعبان ويليه شهر شوال ويعد الشهر التاسع في التقويم.
المُفطـِّرات: وهي دخولُ عَينٍ إلى جوفٍ من منفذٍ مفتوح ذاكِراً، قصداً أو خطأً، بغير سبب شرعيّ، والجماع، والاستمناء، والاستقاءة، والحجامة، على خلاف في بعضها …. اليك التفصيل:
1_ ((دخولُ عَينٍ إلى جوفٍ من منفذٍ مفتوح ذاكِراً قصداً أو خطأً بغير سبب شرعيّ)) هذا ضابط السادةِ الشافعية في هذا المبحث، ونحن سنفصِّله ونشرحه ونذكر خلاف العلماء في كل نقطة منه ونذكر المسائل الطبِّية المتعلِّقة به عادةً.
أوَّلًا: قولهم : “دخولُ عَينٍ” والعين تشمل الطعام والشراب وما لا يؤكل عادة كالتراب والسن ونحوه، لكن الحنفية والمالكية استثنوا بقايا الطعام بين الأسنان إلا إذا كان كثيراً عرفاً، وحدده الحنفية بما كان بمقدار الحمصة ولم يمضغه، وبناءً عليه.
• الدخان: عينٌ إذا دخلَ الجوف قصداً فإنه يًفطِّرُ بلا شكّ.
• البلغم: مُفطِر إن أمكن مجُّهُ عند جمهور أهل العلم؛ لأنه عينٌ متولدة من الجسم لعلة، خلافاً للحنفية وبعض المالكية الذين يرونه غير مفطِّر.
• الريق: عينٌ لا تُفطِّر بالإجماع لأنَّه متولد من الجسم من غير عِلَّة.
• الروائح والعطور والطعم: غير مُفطِّر لأنه ليس عيناً، فلو تذوقت المرأة طَعم الطعام دون أن تبتلعه فإنها لا تُفطِر لكن ذلك يُكره.
• هواء بخاخ الربو: ليس عيناً بل هواءٌ مُكثَّف في الظاهر ولذا فهو غير مُفطِّر.
• الأقراص العلاجية: التي توضع تحت اللِّسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها لا تُفطِر، إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق وهو ما قرَّره مجمع الفقه الإسلامي في دورة جدة عام 1997 م.
ثانيًا: قولهم : ” إلى جوفٍ ” والجوف – في المعتمد عند الشافعية – يشمل المعدة والأمعاء والدماغ وكل ما يغيب عن العين المجرَّدة، أما الفم وظاهر الأنف والأذنين فليس جوفاً، وعليه فإنَّ:
• المضمضة والاستنشاق لا تُفطِّر الصائم لأنَّ الماء لم يدخل إلى الجوف، قال البخاري (ج3ص30): وقال ابن عباس: ” لا بأس أن يَتطعَّم القِدر أو الشيء، وقال الحسن: ” لا بأس بالمضمضة، والتبرُّد للصائم” ا.هـ ,
لكن إذا دخل الماء بسبب المضمضة والاستنشاق خطأً فسنفصله في الضابط الأخير.
قال البخاري (ج3ص31): وقال عطاء: ” إن تمضمض، ثم أفرغ ما في فيه من الماء لا يضيره إن لم يزدرد ريقه وماذا بقي في فيه، …….. فإن استنثر، فدخل الماء حلقه لا بأس، لم يملك اهـ.
• العلك الخام: وهو الذي لا سُكَّر فيه ولا شيء ينحلُّ في الريق فإنه لا يفطر لكنَّه مكروه لأنَّه لا داعي له.
• السواك وفرشاة الأسنان ومعجونها لا تفطر طالما أنه لم يدخل شيء من إلى الجوف، قال البخاري (ج3ص31): ويذكر عن عامر بن ربيعة، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يستاك وهو صائم» ما لا أُحصِي أو أَعُد. لكن الشافعية كرهوا ذلك بعد الزوال ( الظهر ) لأنه يذهب خلوف فم الصائم الذي هو أحب إلى الله من ريح المسك.
ثالثًا: قولهم : ” من منفذٍ مفتوح”: وهو عند الشافعية أحد هذه الخمسة في الإنسان الصحيح: ((الفم والأنف والأذن والقُبُل والدبر)) فلو دخل شيءٌ إلى الجوف من غير هذه المنافذ فإنه لا يُفطِر – على حسب تعريفهم -، أما عند غير الشافعية فيخالفونهم في بعض ذلك وسيظهر ذلك في التفصيل التالي:
• قطرة العينِ والكُحل: لا تُفطِّر حتى لو وجد طَعمها في البلعوم لأنَّها لا تدخل من منفذٍ مفتوح، لما روى ابن ماجه (1678) عن عائشة- رضي الله عنها – قالت: “اكتحل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو صائم” وصححه الألباني، وقال البخاري (ج3ص30): ولم يرَ أنسٌ، والحسن، وإبراهيم بالكحل للصائمِ بأسًا. لكن يفطر به عند المالكية والحنابلة، إن وجد طعم الكحل في الحلق.
• قطرة الأنف والأذن: تُفطِّر لأنها تدخل إلى الجوف من منفذ مفتوح، وهذا عند المذاهب الأربعة لقوله -صلى الله عليه وسلم- ( وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا) رواه الترمذي (788) وصححه الألباني، وعلى هذا فقطرة الأنف إن كانت قليلَةً بحيث لا تصل إلى الحلق فلا بأس بها ، أما إذا وصلت إلى الحلق ووجد طعمها فيه ، فسد صيامه وعليه القضاء.
لكن مجمع الفقه الإسلامي في دورة جدة عام 1997م قرَّر أن قطرة الأذن والأنف لا تفطر لما ورد في البخاري وج3 ص31 قال: وقال الحسن: ” لا بأس بالسَّعُوطِ – أي الدَّوَاءُ الذي يُدخل في الأَنف – للصائم، إن لم يصل إلى حلقه اهـغ قد وافقهم الشيخ أديب كلكل الشافعي في كتابه الفقه المبسط فيما يخص قطرة الأذن إذا كانت الأذن سليمة غير مثقوبة.
ولا يُفطِر عند الجمهور بنبش الأذن بعود أو إدخاله فيها، ويُفطِرُ به عند الشافعية.
• الإبر الوريدية والحقن الوريدية: لا تُفطِر حتى ولو كانت للتغذية لأنَّها تدخل الجوف من منفذ غير مفتوح.
لكن كثيراً من العلماء المعاصرين أفتوا أن إبر التغذية تُفطِّر وهو ما قرَّره مجمع الفقه الإسلامي في دورة جدة عام 1997 م.
• الحقنة في الدُبُر: تُفطِّرُ عند الأربعة لكن ذهب المالكية في غير المشهور عندهم، وهو رأي القاضي حسين من الشافعية – وصِفَ بأنه شاذ – وهو اختيار ابن تيمية، إلى أنه إذا احتقن الصائم في الدبر لا يفطر، وليس عليه قضاء.
• ومثله الحقنة في قُبُل المرأة إذا وصل إلى المثانة أما إذا لم يصل إلى المثانة فلا تفطِّر إلا عند الشافعية.
• أما الحُقنَة في قُبُل الرجل ( الإحليل ) فإن وصل إلى المثانة ففيه رأيان: ذهب أبو حنيفة ومحمد والمالكية، وهو المذهب عند الحنابلة ورأي للشافعية، إلى أنه لا يفطِّر وليس عليه شيء. وعلَّلوا ذلك بأنه لم يرد فيه نص، لأن هذا لا ينفذ إلى الجوف ولا يؤدي إلى التغذية الممنوعة. وذهب أبو يوسف والشافعية في الأصح عندهم، وهو قول للحنابلة، إلى أنه إذا قطر في إحليله فسد صومه؛ لأنَّ هذا شيء وصل إلى جوفه باختياره فأشبه الأكل. (راجع الكويتية: احتقان). ومن المقرر عند الحنفية والمالكية قالوا أن ما يدخل في إحليل الرجل غير مفطِّر وزاد المالكية أن غير المائع لا يُفطِّر في الدبر ولا في فرج المرأة. قال الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي ج1 ص 533: (و) لا قضاء في (حقنة من إحليل) وأما من الدبر أو فرج المرأة فتوجب القضاء إذا كانت بمائع لا بجامد كما مر. انتهى.
• التحاميل النسائية: تُفطِّر عند الجمهور ولا تفطِّر بحسب قرارات المجمع المذكور أخذاً بقول ابن تيمية.
• القثطرة (القسطرة) : إن دخلت إلى الجوف من منفذ غير مفتوح كالوريد فإنها لا تُفطِر قولاً واحداً.
• أمَّا إذا تم إدخال كاميرا التنظير أو القسطار ومثلها ميزان الحرارة إذا وصل إلى الجوف من منفذ مفتوح كالشرج أو قُبُل المرأة فهو مفطِّر بحسب جمهور الفقهاء، لكن الحنفية قالوا إن ما يبقى طرفه خارجاً فهو لا يُفطِّر.
قال الدكتور وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته (ج3 ص84): ” بخلاف ما لو بقي طرفه خارجاً؛ لأنَّ عدم تمام الدخول كعدم دخول شيء بالمرة، فلا يفسد الصوم إذا بقي منه في الخارج شيء بحيث لم يغب كله.
وعلى هذا لا يفسد عندهم الصوم بالفحص النسائي بإدخال آلة منظار وبقاء طرفها خارجاً”
ثم إني وجدت الأحناف يشترطون في المواد الصلبة الداخلة إلى الجوف أن تستقر فيه فإن أخرجت كما هو الحال في القسطرة وميزان الحرارة فإنها لا تفطر قال الكاساني في بدائع الصنائع ج2 ص93: ” وَلَوْ طُعِنَ بِرُمْحٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ إلَى دِمَاغِهِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَعَ النَّصْلِ لَمْ يُفْسِدْ وَإِنْ بَقِيَ النَّصْلُ فِيهِ يُفْسِدُ. وَكَذَا قَالُوا فِيمَنْ ابْتَلَعَ لَحْمًا مَرْبُوطًا عَلَى خَيْطٍ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ سَاعَتِهِ؟ إنَّهُ لَا يُفْسِدُ وَإِنْ تَرَكَهُ فَسَدَ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الصَّائِمِ إذَا أَدْخَلَ خَشَبَةً فِي الْمَقْعَدَةِ؟ إنَّهُ لَا يُفْسِدُ صَوْمَهُ إلَّا إذَا غَابَ طَرَفُ الْخَشَبَةِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْتِقْرَارَ الدَّاخِلِ فِي الْجَوْفِ شَرْطُ فَسَادِ الصَّوْمِ.” اهـ
واختار ابن تيمية رحمه الله ، أنه لا يفطر إلا بوصول المغذي إلى المعدة ، فقال رحمه الله : “والأظهر : أنه لا يَفطَر بابتلاع ما لا يغذي كالحصاة” انتهى من “مجموع الفتاوى” (20/528). وعليه فالقسطرة الشرجية وكاميرا التنظير لا تُفطِّر لآنها ليست بمعنى الغذاء وبه أخذ المجمع الفقهي. لكن إذا كان هذا المنظار توضع عليه بعض المواد الدهنية أو الملحية فإن الصائم يفسد صيامه بوصول هذه المواد إلى المعدة. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع” (6/370، 371) – وهو يبين أنَّ كل ما وصل إلى المعدة فهو مفسد للصيام على مذهب الإمام أحمد – قال : ” فلو أن الإنسان أدخل منظاراً إلى المعدة حتى وصل إليها ، فإنَّه يكون بذلك مفطراً [يعني على المذهب الحنبلي]، والصحيح أنه لا يُفطِر إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أو نحوه يصل إلى المعدة بواسطة هذا المنظار، فإنه يكون بذلك مفطراً ، ولا يجوز استعماله في الصوم الواجب إلا للضرورة ” انتهى. وجاء في قرار “مجمع الفقه الإسلامي (10/2/453-455): “الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات : … منظار المعدة إذا لم يصاحبه إدخال سوائل (محاليل) أو مواد أخرى” انتهى.
رابعًا: قولهم :”ذاكراً” : فمن أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه، وسواء كان الناسي في صيام الفرض أو التطوع فإنه لا يُفطر، لقوله – صلى الله عليه وسلَّم – : “من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ” متفق عليه.
ولا فرق بين صيام رمضان أو القضاء أو النذر أو النافلة، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم. وقال المالكية: يفطر أخذا بحرفية الحديث؛ لأن الحديث أمره بإتمام صومه ولم ينفِ إفطاره، لكن يردُّ عليهم ما رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم بسند حسنه الألباني والأرناؤوط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: “من أفطر في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة “، وإذا انتفى عنه وجوب القضاء في رمضان فهو في غيره أحرى بالانتفاء.
خامسًا: قولهم :” قصداً أو خطأً بغير سبب شرعي”: فلو دخل الغبار أو الذباب إلى الجوف خطأ مع الهواء فإنه لا يفطر وكذا لو ابتلع البلغم أو بقايا الطعام سهواً دون قصد فذلك لا يضر عند جماهير أهل العلم،
وكذا لو مضمض أو استنشق في الوضوء أو الغسل فابتلع شيئاً من الماء خطأ فإنه لا يُفطِر لأن الخطأ كان بسبب المضمضة لأن الاستنشاق وهي مطلوبة شرعاً، لكن لو أنه بالغ في المضمضة والاستنشاق أو مضمض رابعةً فابتلع من الماء خطأ فإنه يفطر لأنه أخطأ أثناء فعل غير مطلوب منه شرعاً. لكنَّ الحنابلة يرون ابتلاع الماء خطأ غير مفطر ولو في السباحة
قال صاحب الروض وهو من كتب الحنابلة: وتكره المبالغة في المضمضة…. كغوصه في ماءٍ لغير غسل مشروع… أو تبرُّد، ولا يفسد صومه بما دخل حلقه من غير قصد. انتهى.
ملاحظة: بعد أن يمجَّ الماء في المضمضة لا بأس أن يبلع ريقه فوراً ولا داعي لكثرة البصاق قال البجيرمي في حاشيته (2/ 378): “وَلَا يَضُرُّ بَلْعُ رِيقِهِ إثْرَ الْمَضْمَضَةِ ، وَإِنْ أَمْكَنَ مَجُّهُ ، لِعُسْرِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ ”
2_ الجماع: اتفق العلماء أنَّه يفطر، وهو يوجب القضاء والتوبة والكفَّارة.
عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: هل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا: قال: ثم جلس فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعِرق فيه تمر، قال: تصدق بهذا، قال: فهل على أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، وقال: اذهب فأطعمه أهلك» رواه الجماعة.
3_ الاستمناء: قال بذلك فقهاء المذاهب الأربعة خلافاً للظاهرية، والاستمناء هو إخراج المني باليد أو بغيرها أو بمباشرة المرأة (والمباشرة هي ملامسة بشرة الرجل لبشرة المرأة بشهوة ما عدا الجماع)
• أمَّا خروج المني بفكر أو نظر أو أثناء نوم فهو لا يفطِّر.
• المذي: غير مفطر عند الحنفية والشافعية خلافاً للحنابلة والمالكية.
• قال ابن عثيمين في الشرح الممتع (6/236) بعد أن ذكر مذهب الحنابلة في المسألة: “ولا دليل له صحيح”.
ملاحظة: من أجنب في الليل ودخل عليه الصبح فلا بأس عليه، لكن عليه أن يغتسل من أجل الصلاة. عَنْ عَائِشَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمَا قَالَتَا: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، غَيْرِ احْتِلَامٍ فِي رَمَضَانَ، ثُمَّ يَصُومُ»
4_ الاستقاءة: وهي تعمد القيء، أمَّا من غلبه القيء فلا يفطر لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-أنه قال: ” من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقض ” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الحاكم والألباني والأرناؤوط، وهذا الأمر ليس فيه خلاف معتبر، لكن الحنفية قالوا: إن الاستقاءة عمداً لا تفطر إلا إذا كانت بملء الفم أما أقل من ذلك فلا وهو قول أبي يوسف وهو الصحيح عندهم، راجع تبيين الحقائق للزيلعي (ج1 ص 326).
5_ الحِجامة: اختلف أهل العلم في الحجامة: هل تفطر الصائم أم لا؟
فذهب الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلى أنها لا تفطر، لما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. وذهب أحمد إلى أن الحجامة تفطر، لما في المسند والترمذي من حديث رافع بن خديج أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “أفطر الحاجم والمحجوم”.
ومن العلماء من جعل حديث أفطر الحاجم والمحجوم منسوخاً بحديث ابن عباس السابق، ومنهم من أوَّل الحديث بأن معناه أنَّ الحجامة قد تؤدي إلى فطر الحاجم فلعله يبتلع شيئاً، وقد تؤدي إلى فطر المحجوم لأن ذلك سيُضعفه، ففي موطأ مالك عن ابن عمر: “أنه احتجم وهو صائم ثم ترك ذلك، وكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر”، وعن الزهري: “كان ابن عمر يحتجم وهو صائم في رمضان وغيره، ثم تركه لأجل الضعف” والحديث وصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، هكذا ذكره الحافظ في الفتح، والله أعلم.