متحدثة عن الفارق بين الأدب التعبوي والتحرري.. نص كلمة “رئيسة حزب الدستور” في ندوة لجنة الحريات باتحاد كتاب مصر

قالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، خلال كلمتها بندوة لجنة الحريات باتحاد كتاب مصر متحدثة عن الفارق بين الأدب التعبوي والتحرري،”كان يمكن أن تكون الفكرة تعبوية أو مجرد بروباجندا عادية من تلك التي تخترعها الأنظمة الشمولية، إلا أن [دار الفتى العربي] اختارت طريقا مختلفا، وكانت تجربة ملهمة، وأصبح جمهور هذه الدار من الأطفال منذ خمسين عاماً هم الآن من يدافعون عن بيوتهم في غزة، وهم نفس الرجال والنساء الذين نعيش منذ ستة أشهر معهم ملحمة دفاعهم عن الحياة.

 

عقدت لجنة الحريات بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، الإثنين الماضي، ندوة بعنوان [أدب الطفل العبري التعبوي] تحدثت فيها الدكتورة نسرين رضوان والأستاذة جميلة إسماعيل الإعلامية ورئيسة حزب الدستور، وأدارها الشاعر مصباح المهدي والشاعرة صباح الغريب.

 

عرضت الدكتورة نسرين رضوان ملخصا للدراسة المتخصصة، والتي تمثل رسالتها العلمية حول أدب الطفل العبري، ثم تحدثت رئيسة حزب الدستور عن أدب الطفل الفلسطيني وتجربة دار نشر الفتى العربي لكتب الأطفال، والتي تأسست منذ ٥٠ عاما لتقديم محتوى عربي تحرري ساهم في تشكيل وجدان الطفل الفلسطيني والعربي نحو التحرر والثورة.

 

وقالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، طالعت الدراسة المخلصة التي قدمتها الدكتورة نسرين رضوان عن أدب الطفل العبري التعبوي، واخترت أن أقدم إشارات لتجربة ملهمة تماما في المجال نفسه، في صناعة كتب الأطفال، لكنها توضح الفرق الشاسع بين التعبئة والأدب التعبوي … والحرية والأدب التحرري.

 

وأضافت “أين بيت الفلسطيني”..؟ سؤال في كتاب للطفل العربي والفلسطيني صدر منذ نصف قرن تقريبا للفنان المصري محي الدين اللباد، الكتاب كان اسمه “البيت”، ويحكي حكاية ومرسوم بخفة ثاقبة عن بيوت الكائنات، الكتاب كان موجهاً للأطفال العرب والفلسطينيين في مشروع كبير أحببت أن يكون حديثي لكم اليوم عنه بعد حديث الدكتورة نسرين ودراستها الهامة.. المشروع هو مؤسسة نشر كان اسمها [دار الفتى العربي]… جمهور هذه الدار من الأطفال منذ خمسين عاماً هم الآن من يدافعون عن بيوتهم في غزة.. الرجال والنساء الذين نعيش معهم منذ ستة أشهر ومع ملحمة دفاعهم عن الحياة والبيت، ونشهد يوميا على الهواء مباشرة… مذابح ومجازر موجهة إلى نفس هؤلاء الذي يدافعون عن البيت…تريد إسرائيل أن تنزع عنهم حقهم في البيت، وتكمل مخطط إنهاء قضية فلسطين بإبادة شعبها.

 

وتابعت، كان لابد في عام ١٩٧٤ أن تقيم مشروعاً كبيراً لكي تقول إن المخيمات والملاجئ ليست بيت الفلسطينيين.. موضوع يمكن أن يراه البعض بسيطاً وسهلاً، لكنه لم يكن كذلك في ظل إلحاح جبار لسرديات عن الوعد الإلهي بأرض الميعاد، وكان لابد أن تكون تلك الأرض بلا شعب ليسكنها شعب بلا أرض كما روجت الدعاية الصهيونية فكرة الاحتلال والاستيطان، لم يكن سهلاً ولا بسيطاً أن تتواصل مع أجيال تفتح وعيها على هزيمة مؤلمة في يونيو ١٩٦٧، وكان الخروج من نفق الهزيمة يحتاج قوة دفع من نوع جديد تدعم استعادة التوازن العسكري مع نصر أكتوبر ١٩٧٣.

 

١- بدأت الفكرة من توصية لجنة تربوية في مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي كان مهمته تقديم رؤية فكرية وثقافية وسياسية لتحضير المجتمع الفلسطيني للتحرر والثورة، والتوصية كانت عن ضرورة إنشاء دار نشر لكتب الأطفال تساهم في تربية حديثة وتحررية لجيل يسعى للعودة والانتصار على الاحتلال.

 

٢- كان يمكن أن تكون الفكرة تعبوي، أو مجرد بروباجندا عادية من تلك التي تخترعها أنظمة شمولية، لكن مركز التخطيط في وقت إدارة الدكتور نبيل شعث اختار طريقاً مختلفاً، بدايته أن تكون دار النشر مستقلة سياسيا عن منظمة التحرير.

 

واستكملت، أما اقتصاديا استطاع أن يقنع ١٧ من رجال الأعمال الفلسطينيين أن يساهموا في تأسيس الدار، وحدث ذلك في بيروت قبل أن ينتقل المركز الأساسي إلى القاهرة في جاردن سيتي؛ بسبب الحرب الأهلية في لبنان.

٣- وكما أن القرار السياسي بتأسيس الدار لم يحاصرها في التبعية السياسية، سلمت إدارة الفتى العربي قرار النشر ((بالكامل)) للكتاب والفنانين، هم أصحاب التقييم والاختيار للنصوص التي يختارها مجموعة من الأدباء على رأسهم الأديب المصري المعروف عبد الفتاح الجمل، ومعايير الاختيار كان في مقدمتها ألا يكون النص مترجماً …ولا مباشراً؛ محتوى عربي أصلياً وخالصاً، وبشكل متكامل اشتغل الفنان محي الدين اللباد مع الفنانين والرسامين المصريين واللبنانيين والفلسطينيين على الرسومات لتزيد عمق النصوص.

 

٤- وعلى عكس المعتاد في علاقة الأدب والفن بالسياسة، كانت تجربة دار الفتى العربي نموذجاً فريداً في الاتساع الذي يجعل أبناء المجال أحراراً ليقدموا كتباً تحرر قرائها لا تجعلهم جزءا من حشود لا تفكر ولا تختار، الاتساع هنا هو رؤية، يلتقي فيها الفن والكتاب الفلسطينيون والمصريون واللبنانيون … وتتعدد فيها الأساليب الفنية والأدبية …لترسم مسارات للحرية مركزها هو الانسان القادر على الفعل والتغيير.

 

٥- ضمن المبادئ الأساسية أن تقدم الدار محتوى بصري عربي جذاب؛ يقدم أفكار تحررية وبسعر مناسب للعائلة العربية العادية … ولذلك كان الاختيار ان يكون اغلب الكتب الأولى بتصدر بثلاثة ألوان فقط وبأحجام صغيرة، وهذا مثال لإتساق الهدف مع منتجاته في أصعب أنواع صناعة الكتب … وهي كتب الأطفال.

واختتمت، هذه صورة عامة لتجربة ملهمة وفريدة يمر عليها اليوم ٥٠ عاماً ويمكن عبرها و عبر اصداراتها ان نرى الفارق الكبير بين ((التعبوي)) … ((والتحرري))
بين الفن … والبروباجندا …
بين أطفال الحرية الفلسطينيين … وأطفال يرقصون في المذابح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار