الحزب الاشتراكي المصري: انتصار فلسطيني في معركة الوجود والمصير

في معركة الوجود والكرامة وصراع الإرادات والمصير، انتصر الشعب الفلسطيني بمقاومته البطولية الإسطورية، وفرض على عدوه التاريخي؛ الكيان الصهيوني المجرم: المحمي بالولايات المتحدة الأمريكية وحلف “الناتو” والنظم العربية المتواطئة والعالم الصامت، الإقرار بالهزيمة، وأجبر العدو، على لسان “رئيس مجلس الأمن الإسرائيلي” الأسبق، “جيورا آيلاند”، أحد أشرس “صقور” العسكريين السابقين، وصاحب “خطة الجنرالات” الشهيرة، التي طرحها منذ بضعة أشهر، والقاضية بإحكام الحصار المُميت على شمال قطاع غزة، لدفع مواطنيه الفلسطينيين ـ بالتجويع والعدوان ـ لقبول مسألة “التهجير القسري”، أجبره على الاعتراف المرير بأن: “الحرب انتهت، و”المقاومة” انتصرت، ومنعت “إسرائيل” من تحقيق أهدافها. إن “المقاومة” لم تحقق أهدافها من الحرب وحسب، وإنما جعلتها تُمثل فشلاً إسرائيلياً ذريعاً في غزة”، وهو ذات الموقف الذي عبّرت عنه، بطرق مختلفة، عشرات التقديرات والتعليقات الصهيونية والعالمية، التي لخَّصها عنوان جريدة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية: “نتنياهو فشل سياسياً، والجيش ورئيس أركانه فشلا عسكرياً بعد 15 شهراً من الحرب”.
ويؤكد المراقبون والعليمون ببواطن الأمور في الكيان الصهيوني، أن زلزالاً عنيفاً من التداعيات والتوابع ستهزه هزّاً من الداخل، وتنشر التفكُّك والأزمات في بنيانه المأزوم، حيث بلغت خسائره على المستويين: الاقتصادي والسياسي حدوداً هائلة بكل المقاييس، فحسب موقع “كالكاليست” الصهيوني، (19 يناير 2025)، بلغت كلفة الحرب ـ عسكرياً ـ على قطاع غزة، منذ بدايتها، 150 مليار شيكل، (نحو 42 مليار دولار)، غير الخسائر الاقتصادية الهائلة الناجمة عن توقُّف وانسحاب مئات المشروعات الاقتصادية، وبالذات في مجال التكنولوجيات المتقدمة، وتكاليف إعاشة مئات الآلاف من سُكان المناطق المُتضررة، وخسائر المجال الزراعي في مناطق الحدود، لكن الخسارة الأكبر كانت في تصاعد أعداد الهجرة العكسية إلى خارج الكيان، والتي قدّرتها بعض المصادر الصهيونية بأكثر من مليون شخص جراء نتائج الحرب، يُضاف إليها تفاقم حالة الاحتراب الداخلي والانقسام المجتمعي.
وإذا كانت هناك أصوات قد تعالت في الفترة الأخيرة لا ترى هذا الانتصار، بل ويعتبرونه هزيمة نكراء، بالذات نظراً لفداحة الثمن: آلاف الشهداء والجرحى فضلاً عن التدمير المُمنهج للقطاع، فعلينا أن نتذكر أن الكيان الصهيوني لم يفعل شيئا أكثر من مجرد تكثيف ما فعله من تدمير مُستدام للقطاع في المعارك الكبرى أعوام 2008، 2014، 2021 والكثير بينها وبعدها، فمخططات التهجير والإبادة العرقية لم تكن تنتظر حجة هجوم 7 أكتوبر، كما إنها متواصلة في الضفة الغربية دون هجوم. وهذا هو الموقف الذي واجهته كل حركات التحرير الوطني: مصر أمام الاحتلال الإنجليزي، الجزائر وفيتنام أمام الفرنسيين والأمريكيين… الخ. وبالتالي فالخيار هو بين الاستسلام للمُحتل وقبول الهوان والخسائر التي يلحقها الخضوع له من نهب وإفقار وتقييد حريات وترويع وقتل مواطنين، أو البديل الثوري بالمقاومة، لأنها الطريق الوحيدة لتغيير المستقبل في اتجاه الاستقلال والكرامة.
ويرى “الحزب الاشتراكي المصري” أن الأكثر أهمية مما حدث هو الانتباه والاستعداد لما سيحدث، على مستويين:
الأول: الاجتهاد، وبذل كل الجهد لمساعدة أشقائنا في غزة على مواجهة الموقف الإعاشي والصحي الكارثي، والاستفادة من فتح المعابر لإدخال كل ما يُمكن إدخاله من مساعدات وخدمات، على غرار التجربة الوطنية السابقة التي اجتمعت إرادة الجميع فيها، للقيام بهذا الواجب.
والثانية: الانتباه والاستعداد السياسات العدوانية القادمة، للرئيس الأمريكي المُنخب “دونالد ترامب”، على نحو ما يُستشف من خطابه الرئاسي يوم 20 يناير2025، وعلينا ألا ننسى أنه صاحب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمةً للكيان الصهيوني الغاصب، وبحقه في الاستيلاء على “مرتفعات الجولان” السورية المحتلة وضمها للكيان، وهو صاحب “صفقة القرن” التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، وتعبيره الأخير عن صغر حجم مساحة الكيان الصهيوني وضرورة توسيعها على حساب أصحاب الأرض الأصليين: الشعب الفلسطيني الصامد، والمنتصر حتماً مهما طالت المسيرة وعظمت التضحيات!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!