هل كانت «المثلية» دافعًا للجريمة؟! .. إليكم الحقيقة الكاملة حول قضية رامي فهيم نجل وزيرة الهجرة السابقة
تعرض للتنمر في إيطاليا وللتحرش في مصر

تقرير / رامي فايز حشمت
أثارت قضية رامي هاني منير فهيم، نجل وزيرة الهجرة المصرية السابقة نبيلة مكرم، جدلًا واسعًا في مصر والولايات المتحدة منذ وقوع جريمة قتل مزدوجة في كاليفورنيا عام 2022. ترافقت القضية مع شائعات كثيرة حول دوافعها، خاصة المزاعم بوجود علاقة مثلية بين المتهم وأحد الضحايا، لكن التحقيقات الرسمية كشفت عن أبعاد أكثر تعقيدًا تتعلق بحالة رامي النفسية وسلوكياته قبل الجريمة، بالإضافة إلى تقصيرات مؤسسية في التعامل مع إشارات الخطر المبكرة.
تفاصيل الجريمة
في صباح 19 أبريل 2022، عثرت شرطة مدينة أنهايم بولاية كاليفورنيا على جثتي جريفين كومو (23 عامًا)، زميل رامي في العمل، وزميل سكنه جوناثان بام، مقتولين طعنًا داخل شقتهما. وُجد رامي فهيم في موقع الجريمة مصابًا بجروح طفيفة. أظهرت التحقيقات أن فهيم كان قد تواجد في المبنى لساعات طويلة قبل الحادثة، ورصدته كاميرات المراقبة وحارس الأمن وهو يتجول في المجمع السكني ليلًا. استخدم فهيم سكينًا كبيرة في تنفيذ الجريمة، وعثرت الشرطة على آثار دماء في أرجاء المكان، ما دل على عنف شديد.
لم تظهر التحقيقات وجود أي علاقة عاطفية أو مثلية بين فهيم والضحايا، كما نفت عائلات الضحايا هذه المزاعم بشكل قاطع، مؤكدين أن العلاقة كانت مهنية وزمالة سكن فقط. ركزت التحقيقات على خلافات في العمل وسلوكيات فهيم المضطربة في الفترة السابقة للجريمة.
الانهيار العصبي عام 2021: البداية غير المُعلنة
في أوائل عام 2021، تعرّض رامي فهيم لانهيار عصبي حاد أثناء إقامته المنفردة في إيرفين بولاية كاليفورنيا. وفقًا للتقارير الطبية المقدمة للمحكمة، أدت هذه الحالة إلى نوبات هلع متكررة واضطرابات في النوم جعلته عاجزًا عن مواصلة حياته اليومية. هذه الأزمة دعت والدته، الوزيرة السابقة نبيلة مكرم، للسفر بشكل فوري إلى الولايات المتحدة لرعايته شخصيًا، حيث أُدخل إلى عيادة نفسية متخصصة في لوس أنجلوس لمدة 6 أسابيع. خلال هذه الفترة، خضع لبرنامج علاجي مكثف شمل جلسات علاج سلوكي معرفي وإدارة الأدوية المضادة للقلق، لكنه رفض الاستمرار في المتابعة بعد عودته إلى منزله.
التشخيص المبكر: إشارات منذ الطفولة
كشفت وثائق الدفاع أن فهيم عانى من أعراض اضطرابات نفسية منذ سن العاشرة. في تغريدات له نُشرت عام 2021، وصف تعرّضه للتنمر المدرسي في إيطاليا أثناء عمل والدته الدبلوماسي، بالإضافة إلى حادثة تحرش جنسي من قريب عائلة في مصر عام 2007 تركته مع صدمات متكررة. أشارت تقارير أطباء نفسيين إلى أن هذه الأحداث شكلت “عتبة خطر” لتطور مرض الفصام، خاصة مع وجود استعداد وراثي من جانب والده الذي عانى من نوبات اكتئاب حادة.
محاولات العلاج الفاشلة: بين تكاليف كاليفورنيا ورفض الأسرة
في ديسمبر 2021، نشر فهيم تغريدة على تويتر يشتكي فيها من ارتفاع تكاليف العلاج النفسي في كاليفورنيا، حيث بلغت جلسة العلاج الواحدة 170 دولارًا. حاول البحث عن بدائل عبر الإنترنت، ووجد معالجًا في ولاية أوريغون بتكلفة 65 دولارًا، لكن الجلسات الافتراضية لم تثبت فعاليتها. المفارقة أن شركة Pence Wealth Management التي عمل بها توفر تأمينًا صحيًا يغطي 80% من تكاليف العلاج النفسي، لكن فهيم امتنع عن استخدامه خوفًا من اكتشاف حالته، حسبما أفاد زملاؤه.
تشخيص الفصام: الوثائق الطبية والمفاعيل القانونية
قدم فريق الدفاع في يونيو 2022 تقريرًا طبيًا مفصلًا من مستشفى القاهرة للصحة النفسية يؤكد تشخيصه بمرض الفصام التخشبي (Catatonic Schizophrenia)، وهو أحد الأنواع النادرة الذي يتميز بفترات من الجمود الحركي والهلاوس السمعية. التقرير أشار إلى أن فهيم كان يسمع “أصواتًا تأمره بالقتل” خلال الأشهر السابقة للجريمة. بناءً على ذلك، طالبت الدفاع بإخضاعه لتقييم نفسي قضائي لتحديد أهليته للمحاكمة، وهي عملية قد تستغرق 90 يومًا وفق قانون كاليفورنيا.
تدخل الأسرة: بين الدعم والإنكار
على الرغم من علم الأسرة بحالته، اختارت نبيلة مكرم عدم نقله إلى مصر للعلاج، بحسب تصريحاتها في مقابلة تلفزيونية يناير 2023. وبدلًا من ذلك، أقامت له شقة خاصة مع ممرضة نفسية في كاليفورنيا، لكنه رفض الاستمرار في تناول الأدوية بعد شهرين. الجدير بالذكر أن أخاه الأصغر، مارك، كشف في رسالة خاصة نشرتها “مدونة كرونيكلز” أن رامي كان يخفي أدويته تحت البلاط ويُظهر تحسنًا وهميًا أثناء زيارات العائلة.
الإهمال المؤسسي: ثغرات في نظام الرعاية
كشفت دعوى قضائية رفعتها والدة الضحية أن شركة Pence Wealth Management تجاهلت 3 تقارير رسمية من قسم الموارد البشرية عن سلوك فهيم غير المستقر بين نوفمبر 2021 وأبريل 2022. أحد هذه التقارير ذكر أنه كان يهمس لنفسه ويضرب الحائط أثناء الاجتماعات. المفوضية الأمريكية للفرص المتكافئة (EEOC) فتحت تحقيقًا منفصلًا حول انتهاك الشركة لقانون الأمريكيين ذوي الإعاقة (ADA) بعد رفضها توفير ترتيبات عمل خاصة لفهيم.
التطورات الحالية: بين المصحة والسجن
حاليًا، يُحتجز فهيم في جناح الأمراض النفسية بسجن Theo Lacy Facility في أورانج كاونتي، حيث يتلقى جرعات يومية من الأولانزابين المضاد للذهان. وفقًا لتقرير طبي حديث، لم تظهر عليه أعراض هلاوس منذ 8 أشهر، لكن الأطباء حذروا من انتكاسة محتملة في حال تغيير الأدوية. المحكمة ما زالت في انتظارًا التقرير النهائي من الأطباء الشرعيين، بينما تستعد النيابة لتقديم أدلة على تخطيطه المسبق للجريمة عبر تحليل بيانات هاتفه المحمول.
دفاع رامي فهيم واستراتيجية المحاكمة
يرتكز دفاع رامي فهيم على إثبات أنه كان يعاني من مرض نفسي حاد أفقده السيطرة على تصرفاته وقت ارتكاب الجريمة. قدم محاموه تقارير طبية ووثائق علاجية تثبت تشخيصه بالفصام، وطالبوا بعرضه على لجنة طبية قضائية لتقييم أهليته للمحاكمة. في المقابل، تحاول النيابة إثبات وجود تخطيط مسبق للجريمة من خلال تحليل تحركاته ورسائل هاتفه المحمول، ما قد يعرضه لعقوبة الإعدام في حال الإدانة.
حتى الآن، لا يزال رامي فهيم محتجزًا في جناح نفسي بسجن مقاطعة أورانج، وتستمر جلسات المحاكمة مع انتظار تقرير الأطباء الشرعيين النهائي. تبقى القضية مفتوحة على احتمالات عديدة، وسط جدل مجتمعي وإعلامي حول مسؤولية الأسرة والمؤسسة والعمل في التعامل مع الأزمات النفسية قبل أن تتحول إلى كوارث.




