حزب المحافظين ينظم ندوة حول “الآثار الاجتماعية لقانون الإيجارات القديم”.. وشخصيات عامة تحذر: القانون يهدد الاستقرار ويدفع البلاد إلى الهاوية

نظم حزب المحافظين مساء اليوم ندوة تحت عنوان “الآثار الاجتماعية لقانون الإيجارات القديم على العمال وأصحاب المعاشات”، وذلك بمشاركة عدد من الشخصيات العامة والقيادات السياسية والنقابية، وأدارت اللقاء فاطمة فؤاد أمين العمال بحزب المحافظين.
وقد بدأت الندوة بالوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء فلسطين.
قال الدكتور زهدي الشامي إن الحكومة غير مستعدة وليس لديها دلالات بتعويض غير القادرين على سكن بديل، مؤكداً أن القانون لم يراعِ كبار السن وأصحاب المعاشات، ولم تقدم الحكومة أي بيان يخص هؤلاء المتضررين. وأوضح أن القانون لابد من تعديله، مضيفاً: “نحن سوف نطرق كل الأبواب عبر المنصات القضائية والسياسية لتعديل هذا القانون الظالم”.
من جانبه، قال المستشار شريف عبد السلام الجعار، المحامي بالنقض والدستورية العليا، ورئيس مجلس إدارة جمعية شباب المستقبل للتنمية وحقوق الإنسان ورئيس اتحاد مستأجري مصر، إن أي تعديلات مقترحة على قوانين الإيجارات يجب أن تراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، محذراً من أن القرارات المتسرعة قد تؤدي إلى اضطرابات تمس استقرار المجتمع.
وأوضح الجعار أن التشريعات الخاصة بالإيجارات في مصر مرت بمراحل متعددة منذ عشرينيات القرن الماضي، بدءًا من قانون 11 لسنة 1920 وصولًا إلى القانون رقم 10 لسنة 2020، مؤكداً أن تدخل الدولة في تلك القوانين كان بهدف حماية المستأجرين من التشريد وضمان الاستقرار الاجتماعي. وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا أقرت بامتداد عقود الإيجار لجيل واحد فقط من الورثة، وهو ما استقر عليه القضاء المصري لتحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر. ولفت إلى أن الدولة قدمت دعماً كبيراً لمالكي العقارات من خلال الإعفاءات الضريبية وتوفير مواد البناء المدعمة.

وأضاف الجعار: “تجاهل العدالة الاجتماعية في أي زيادات جديدة سيؤدي إلى ظلم شريحة واسعة من المواطنين، فما الهدف من إصدار قوانين تفتقر للإحصاءات والبيانات الحكومية؟”، مؤكداً أن الشعب هو مصدر السلطات وليس أصحاب المناصب. وكشف عن تحركات قانونية حالية أمام مجلس الدولة للطعن على القوانين التي يعتبرها مجحفة بحق المستأجرين، مشيراً إلى أن الاتحاد بصدد التنسيق مع الأحزاب والقوى الشعبية للحصول على تصاريح لتنظيم وقفات احتجاجية سلمية، فضلاً عن إطلاق حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على القضية.
وقال عبد الغفار المغاوري، المستشار القانوني لاتحاد المعاشات، إن تعديل قانون الإيجار القديم جاء لصالح الحكومة فقط، بهدف تحصيل الضريبة العقارية، وليس لمصلحة المواطنين. وأوضح أن تطبيق القانون سيؤدي إلى تضاعف أعداد القضايا المنظورة أمام المحاكم، إضافة إلى صعوبة تنفيذه من جانب الجهات التنفيذية، مشيراً إلى أن التعديلات الأخيرة تدفع المواطنين للاحتقان والخروج إلى الشارع. وأكد أن القانون بصورته الحالية يحتاج إلى تعديل جذري، وأن رفض الشارع له قد يتطور إلى مواجهة مباشرة مع النواب الذين صادقوا عليه.

من جانبها، انتقدت الدكتورة كريمة الحفناوي، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري والناشطة في مجال حقوق المرأة، التعديلات الأخيرة على قانون الإيجار القديم، مؤكدة أن صدور القانون جاء في الأساس لصالح الحكومة بغرض تحصيل الضرائب من الملاك وليس مراعاة البعد الاجتماعي للمستأجرين. وأوضحت أن الحكومة في الوقت نفسه تقوم ببيع ممتلكات الدولة، مشيرة إلى أن من بين أهداف القانون استرداد بعض الأماكن المؤجرة لصالحها. وأضافت أن القانون أغفل تماماً أوضاع فئات ضعيفة بالمجتمع مثل المرأة الأرملة المعيلة، لافتة إلى أن المعدلات العالمية تشير إلى أن الإيجار السكني ينبغي ألا يتجاوز 29% من دخل المواطن، وهو ما لم يضعه المشرع في الاعتبار. وحذرت من أن القانون بصورته الحالية سيلحق الضرر بجميع فئات الشعب، داعية إلى تحرك شعبي واسع للمطالبة بالحقوق، مؤكدة: “الحقوق لا تُمنح بل تُنتزع، وما ضاع حق وراءه مطالب”.
وانتقد عصام محمد علي، نائب المنظومة العمالية للعمالة غير المنتظمة، موافقة مجلس النواب على تعديل قانون الإيجار القديم، مؤكداً أن النواب الذين صفقوا وصدقوا على القانون لم يراعوا الأضرار التي ستلحق بالمواطنين في ظل تدني الأجور وارتفاع أسعار الخدمات الأساسية. وأشار إلى أن القانون أغفل تماماً أوضاع معدومي الدخل والعمالة غير المنتظمة، الذين يمثلون شريحة واسعة تعتمد حياتها على السكن المؤجر، متسائلاً: “كيف نترك هذه الفئات تواجه الشارع بلا مأوى؟”، مؤكداً أن القانون بصورته الحالية يفتقر إلى العدالة الاجتماعية ويتطلب مراجعة عاجلة تراعي الأبعاد الاقتصادية والإنسانية.
كما هاجمت حياة الشيمي، عضو الحزب الشيوعي المصري، التعديلات الأخيرة على قانون الإيجار القديم، مؤكدة أن الحكومة الحالية “توقظ الفتن” بإقرارها هذا القانون الذي وصفته بـ”الظالم”، خاصة في ظل موجة التضخم وارتفاع الأسعار. وأوضحت أن الحل لن يأتي من قاعات المحاكم وإنما من معارضة الشارع ومظاهرات المواطنين، مشيرة إلى أن الحكومة لم تقدم أي حلول بديلة لمن سيفقدون منازلهم، متسائلة: “كيف توفر الحكومة مساكن بديلة، وهي لم تتمكن حتى من تسكين الشباب المقبلين على الزواج؟” وأضافت أن التعديلات تهدد أيضاً المكاتب المهنية مثل مكاتب المحاماة والعيادات والصيدليات المؤجرة.

كما حذر حمدي عز، رئيس الاتحاد المصري للنقابات، من تداعيات التعديلات المقترحة على قوانين الإيجارات القديمة، مؤكداً أن عدداً كبيراً من العاملين في القطاع السياحي من المستأجرين القدامى، ما قد ينذر باضطرابات في سوق العمل. وقال: “لدينا عمالة مغتربة في القطاع السياحي معظمها من ساكني الإيجارات القديمة، وأنا متوقع أن تحدث مجموعة من الإضرابات في سوق العمل ستؤدي إلى مشاكل اقتصادية وخيمة”. وأضاف: “ما في دولة في العالم صدر بها مثل هذا القانون إلا وتم تغييره بعد شهور قليلة نتيجة اعتراض شعوبها”. وأكد أن الاتحاد سيواصل معارضة القانون الجائر، قائلاً: “سوف نتمسك بالدستور حتى نُرهق الحكومة للعدول عن هذا القانون الظالم”.
كما أكد أحد المستأجرين أن القانون سيؤدي إلى فقدان الهوية نتيجة القوانين الظالمة من الدولة. وفي السياق نفسه، صعّد الدكتور زهدي الشامي من انتقاداته قائلاً: “الحكومة لديها خطة لتفريغ القاهرة وبيعها، وهي نفسها التي أنشأت مدينة أشباح أسمتها العاصمة الإدارية، وصرفت عليها مبالغ طائلة لتسكنها الأشباح حتى الآن”، محذراً من أن هذه السياسات قد تدفع البلاد إلى حافة الهاوية.
وشهدت المناقشات جدلاً حول المنصة الحكومية للسكن البديل، حيث أشار أحد المستأجرين إلى تقدم بعض المواطنين للحصول على شقق عبرها، لكن المستشار شريف الجعار قاطعه قائلاً: “أنت تروج لدخول المستأجرين على تلك المنصة وهذا غير مقبول، فالقانون سوف يُلغى ولا نريد الترويج لغير ذلك”. ودعا المواطنين إلى عدم التسجيل في هذه المنصة.
وعبّر مستأجر من مصر الجديدة عن استيائه قائلاً: “أنا درست في مدارس فرنسية وأولادي كذلك، فكيف يتم طردي من منطقة راقية لأنتقل إلى مكان آخر غير متناسب مع مستوانا التعليمي والثقافي؟”. فيما أضاف آخر يبلغ من العمر 65 عاماً: “معاشي لا يكفي شروط الحصول على سكن بديل، فكيف أتقدم عبر المنصة؟”. كما رفضت مستأجرة من وسط البلد البند الخاص بطرد من يملك وحدة تمليك أخرى، متسائلة: “هل نصبح بلا صفة قانونية كمستأجرين بموجب العقود القديمة التي تعاملنا كأننا ملاك؟”.
وفي ختام الندوة، شدد الأستاذ عبد الغفار مغاوري، المستشار القانوني لاتحاد المعاشات، على أن من حق المستأجر أن يتساوى مع المالك في حقه بعدم الطرد، خاصة في ظل وجود عقود إيجارية قديمة تحمي هذا الحق.





