حسن نافعة في ندوة بالتحالف الشعبي: كامب ديفيد أضعفت مصر ولم تحقق سلامًا حقيقيًا

نظم حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ندوة سياسية بعنوان “اتفاقية كامب ديفيد بين الواقع والتداعيات”، حاضر فيها الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وأدار اللقاء الدكتور طه طنطاوي عضو المكتب السياسي وأمين التثقيف بالحزب.

شارك في الندوة عدد من قيادات القوى السياسية، أبرزهم: منهم محمد صالح، الأمين العام لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي.، عبد العزيز الحسيني، عضو حزب الكرامة.، وائل توفيق، مسؤول ملف العمال بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي.
واستهل طنطاوي اللقاء بالتأكيد أن المنطقة العربية بعد كامب ديفيد ليست كما كانت قبلها، مشيرًا إلى أن يوم غد يوافق الذكرى الـ55 لرحيل الزعيم جمال عبد الناصر، الذي وصفه بأنه “شهيد المقاومة”، ودعا الحضور للوقوف دقيقة حداد على روحه وأرواح الشهداء.
من جانبه، شكر الدكتور حسن نافعة حزب التحالف الشعبي على الدعوة، موضحًا أن اتفاقية كامب ديفيد مرت بثلاث مراحل أساسية:
. “كامب ديفيد بين الواقع والتداعيات”.. ندوة تحلل إخفاقات الاتفاقية وتداعياتها على الأمن القومي
1. زيارة السادات للقدس في 9 نوفمبر 1977، والتي ألقى خلالها خطابًا بالكنيست، واعتبرها كثيرون في البداية “زلة لسان”، قبل أن يتبين أنها مبادرة فردية غير متوقعة.
2. مفاوضات كامب ديفيد التي دعا إليها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وجمعت السادات ومناحم بيجين على مدى 12 يومًا، وأسفرت عن إطارين: الأول لحكم ذاتي فلسطيني، والثاني لاتفاقية سلام مصرية–إسرائيلية.

3. توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية، التي سقط منها فعليًا بند الحكم الذاتي الفلسطيني، لتتحول إلى اتفاقية ثنائية بين مصر وإسرائيل.
وأكد نافعة أن وزير الخارجية المصري آنذاك، محمد إبراهيم كامل، قدم استقالته رفضًا للتنازلات التي قدمها السادات خلال المفاوضات، معتبرًا أن المعاهدة أدت إلى سلام منفرد بين مصر وإسرائيل بعيدًا عن الحقوق الفلسطينية.
وأكد الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن الرئيس الراحل أنور السادات حقق إنجازًا كبيرًا في إدارته للحرب العسكرية عام 1973، لكنه لم يستفد من هذا الإنجاز سياسيًا، بسبب مراهنته الكاملة على الولايات المتحدة الأمريكية ورغبته في فتح صفحة جديدة معها.
وأوضح نافعة أن السادات لم يكن شخصية تقليدية، بل كان مليئًا بالتناقضات، لكنه وطني بلا جدال، وسعى لإعادة صياغة السياسة المصرية داخليًا وخارجيًا بعيدًا عن نهج عبد الناصر، عبر خطوات مثل سياسة الانفتاح الاقتصادي. وأضاف أن السادات كان يؤمن بأن 99% من أوراق اللعبة في يد الولايات المتحدة، وكان يتصور أن مصر يمكن أن تصبح البديل لإسرائيل كحليف استراتيجي لواشنطن، معتبرًا أن الصراع مع إسرائيل “70% منه نفسي”، وأن سقوط الحاجز النفسي يعني انتهاء المشكلات.
نافعة: السادات كان وطنيًا لكنه أدار الصراع بشكل فردي ووهم بأن أمريكا بديلة لإسرائيل
وأشار نافعة إلى أن السادات لم يكن يدرك حقيقة الصهيونية وكيفية إدارة أمريكا للصراع، وأن خطواته جاءت فردية دون تشاور مع أحد داخليًا أو خارجيًا، وكان مقتنعًا بأن مناحم بيجين لن يمنحه أكثر من معاهدة منفصلة، وهو ما حدث بالفعل. ورغم أن خطاب السادات في الكنيست كان قويًا ومؤثرًا، إلا أنه خرج عن الإطار العربي العام، وجاء رد بيجين “مهذبًا في الشكل لكنه عنيف جدًا في المضمون”.
كما أوضح أن محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية المستقيل، دوّن في مذكراته تفاصيل كواليس مفاوضات كامب ديفيد، التي كشفت أن الوفد المصري حاول تنبيه السادات إلى مخاطر عدة، لكنه لم يلتفت إليها.
وأكد نافعة أن المعاهدة المصرية الإسرائيلية كانت سيئة للغاية، إذ لم تنتج سلامًا حقيقيًا، بل أضعفت مصر والموقف العربي، حيث انفصلت القاهرة عن باقي الدول العربية ومنها سوريا والفلسطينيون، مما أضعف أوراق القوة العربية أمام إسرائيل. وأضاف أن سيناء أصبحت منزوعة السلاح مع وجود قوات أجنبية تابعة لأمريكا لا يمكن إخراجها إلا بموافقة إسرائيل، وهو ما يماثل “قوة احتلال”.
نافعة: السادات برع في الحرب وعجز في السياسة.. ومراهنته على واشنطن أفقدت مصر مكاسب 73
و قال الدكتور حسن نافعه، إن الاتفاقيات الدولية تخضع لقواعد ومعايير دولية لكنها تُدار أحيانًا خارج سقف القانون، مشيرًا إلى دور مجلس الأمن وصلاحياته في حالات الطوارئ. وأضاف نافعة أن أي اتفاقية بين دولتين «تصبح اتفاقية دولية بعد موافقة المجالس النيابية للبلدين»، لكن النظام الدولي «لا يحكمه القانون دائماً، بل يُوظَّف في لحظات معينة»، وأن مجلس الأمن يمتلك صلاحيات فوق الدول ضمن البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وتناول نافعة موضوع إلغاء الاتفاقيات قائلاً إنه «يمكن إلغاء الاتفاقية بسهولة» من الناحية الشكلية، لكن ذلك يتطلب قوة حقيقية؛ لأن إلغاءها من دون قدرة اقتصادية وعسكرية وسياسية قد يُكلِّف الدولة خسارة أراضٍ (مثل سيناء في حالة التطبيق التاريخي)، ويجعل الموقف الانسلاخي أو الاستسلامي هو السائد. وأكد أن ذلك يتطلب «قوة اقتصادية وعسكرية وسياسية كبيرة»، لأن «الضعف يجعل موقفك استسلامي طول الوقت».
وحول تبعات الصراع في المنطقة، شدد نافعة على أن الطرف الأول المعرّض لتهديد وجودي هو الشعب الفلسطيني، يليه الشعوب العربية عمومًا، وسأل: «هل مصر جاهزة للمواجهة؟ هذا هو السؤال الأهم الآن».
كما استعرض نافعة ملاحظات على طبيعة القيادات العسكرية التي حكمت مصر، قائلاً إن «كل رؤساء مصر كانوا من العسكريين، لكن كل واحد له طبيعته»، وبيّن الفروق بين نماذج الحكم: اعتبر جمال عبد الناصر نموذج الرئيس الثوري صاحب مشروع وطني، بينما وصف نموذج حكم حسني مبارك بأنه «نموذج الموظف». وختم بالقول إن مصر تحتاج إلى «نظام يحقق الحد الأدنى من الديمقراطية والاستقرار السياسي الحقيقي ومواجهة الأطماع الخارجية».
واختتم نافعة بالقول إن المصريين كانوا يتطلعون إلى سلام حقيقي ورخاء اقتصادي بعد المعاهدة، لكن ما حدث هو العكس، مؤكدًا أن اتفاقية كامب ديفيد لم تحقق مكاسب ملموسة لمصر، وأضعفت أمنها القومي والعربي على حد سواء.




