قيادات المعارضة المصرية تتشارك في مواجهة المال السياسي: زهران وجميلة وقرطام وإمام والسادات يرفعون راية المشاركة

رغم المشهد الانتخابي المزدحم بتكتلات المال السياسي والأحزاب ذات النفوذ المالي، تُثبت أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية أنها ما زالت تمتلك القدرة على التمسك بدورها الوطني والإصلاحي، عبر خوضها الانتخابات البرلمانية المقبلة بروح التحدي والإصرار على التمثيل الحقيقي لصوت المواطن.
تشارك هذه الأحزاب تحت مظلة تحالف الطريق الديمقراطي الحر، وتحالف الطريق الحر، حيث يضم الأول أحزاباً مثل المصري الديمقراطي الاجتماعي، العدل، الإصلاح والتنمية، إلى جانب تحالف الطريق الحر الذي يضم حزبي الدستور والمحافظين، ويخوض الانتخابات عبر 25 مرشحاً على المقاعد الفردية، في خطوة تُعيد رسم خريطة المعارضة المدنية داخل البرلمان المرتقب.
ورغم محدودية الإمكانيات المادية مقارنة بأحزاب الموالاة الثرية، إلا أن هذه الأحزاب تراهن على رصيدها السياسي، ومصداقيتها، وكوادرها ذات الخبرة التشريعية والقدرة على التعبير عن الناس، في مواجهة تغول المال السياسي ومحاولات تحويل المنافسة الانتخابية إلى معركة نفوذ بدلاً من معركة أفكار وبرامج.
فريد زهران.. الإصلاح من داخل المعادلة
يقف السياسي المخضرم فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في مقدمة من يؤمنون بأن المشاركة هي الطريق الوحيد للإصلاح، لا المقاطعة أو الانسحاب.
حيث يرى زهران أن دخول الحزب ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر لا يعني ذوبان المعارضة في السلطة، بل إثبات أن المعارضة الرشيدة يمكن أن تكون شريكاً في بناء الدولة، لا خصماً منها.
يتميز زهران بقدرة نادرة على الجمع بين الواقعية السياسية والمبدأ الديمقراطي، إذ يرفض خطاب المزايدة، ويدافع عن دور حزبه كصوت للعقل داخل البرلمان، مستنداً إلى إرث الحزب في الدفاع عن العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.
ويعتبر أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من البرلمان، من خلال تشريعات تضع مصلحة المواطن فوق أي حسابات سياسية أو مالية.
وفي ظل التحديات التي تواجه القوى المدنية، يمثّل زهران نموذج القائد الصبور والمثابر، الذي يخوض معركة الوعي لا معركة المقاعد، مؤمناً بأن وجود صوت مدني داخل المؤسسات هو الضمان الوحيد لاستمرار الحياة السياسية المتوازنة.
جميلة إسماعيل.. عناد الأمل في وجه الإقصاء
تخوض جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، المعترك البرلماني المقبل برؤية تؤكد أن العمل السياسي المدني لا يُقاس بالموارد بل بالمواقف، فبرغم ما تواجهه الأحزاب المعارضة من تضييق مالي وتنظيمي، تتمسك إسماعيل بضرورة المشاركة باعتبارها معركة وعي ومسؤولية تجاه الوطن.
عرفت جميلة إسماعيل بمواقفها الجريئة وقدرتها على التعبير عن طموحات جيل كامل من الشباب الذين يرون في السياسة وسيلة للإصلاح السلمي لا للصدام، وتؤمن أن البرلمان هو المنبر الشرعي لتجسيد هذا الأمل، وأن الأحزاب المدنية قادرة على استعادة ثقة الناس من خلال خطاب واقعي وصادق بعيد عن الشعارات.
تتمتع إسماعيل بكاريزما قيادية تجمع بين الحزم والرؤية الاجتماعية، فهي تدرك أن تمثيل حزب الدستور في المنافسة الانتخابية رغم محدودية التمويل هو تجسيد لفكرة المقاومة السياسية النبيلة التي تضع كرامة المواطن ومصالحه فوق الحسابات المادية.
أكمل قرطام.. مدرسة الليبرالية الوطنية
يخوض أكمل قرطام، رئيس حزب المحافظين، المعترك الانتخابي مدافعاً عن الليبرالية الوطنية كطريق للتوازن بين الحرية والتنمية، فقد استطاع عبر سنوات طويلة أن يحافظ على تماسك حزبه كإحدى التجارب الليبرالية القليلة في مصر، منفتحاً على التحالفات دون أن يتنازل عن المبادئ.
قرطام يمثل نموذج رجل الدولة المدني، الذي يرى أن الإصلاح لا يكون بالصدام، بل بالعقل والتخطيط والمسؤولية، لذلك يخوض حزب المحافظين الانتخابات ضمن تحالف الطريق الحر بإيمان بأن المنافسة الحقيقية هي منافسة برامج وأفكار، لا منافسة أموال وشعارات.
ويؤكد قرطام في مواقفه أن مشاركة حزبه في الانتخابات ليست مجرد إجراء سياسي، بل واجب وطني للحفاظ على المساحة الديمقراطية داخل النظام السياسي، وأن وجود أصوات ليبرالية مسؤولة في البرلمان هو ضرورة لتوازن القرار الاقتصادي والاجتماعي في مصر.
عبد المنعم إمام.. لسان الشباب وعقل الإصلاح الاقتصادي
يمثل عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، الوجه الشاب للمعارضة المدنية الحديثة، حيث استطاع في برلمان ٢٠٢٠ أن يقدم نموذجاً للقيادة السياسية التي تجمع بين الفكر الاقتصادي والاجتماعي، مؤمناً بأن السياسة تبدأ من هموم الناس اليومية لا من صراعات النخب.
يرى إمام أن خوض الانتخابات واجب على كل حزب يؤمن بالتغيير، لأن الابتعاد عن الساحة يعني تركها لسطوة المال والنفوذ، ولذلك يقود حزبه نحو معركة انتخابية تقوم على الجرأة في الطرح، والمصداقية في الموقف، والالتزام بمبدأ الكفاءة قبل الولاء.
وفي ظل ضعف الإمكانيات، يراهن إمام على قوة الفكرة ونزاهة الأداء، داعياً إلى برلمان يعبر عن المواطن العامل والمزارع والشاب الباحث عن فرصة، لا عن المستثمر أو رجل الأعمال وحده، ومن هنا تأتي جسارته في مواجهة أحزاب الثروة بخطاب العدالة والمساواة.
محمد أنور السادات.. خبرة التوازن وإرث الدولة الوطنية
يمتلك محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، تاريخاً سياسياً عريقاً جعله من أكثر الشخصيات قدرة على التحرك بين المعارضة والمشاركة بذكاء ووعي، فقد عرف دائماً بدعوته إلى الحوار واحترام المؤسسات، دون التخلي عن حق النقد والمساءلة.
يدرك السادات أن المعركة الانتخابية المقبلة ليست فقط تنافساً على المقاعد، بل تحد لقيمة العمل الحزبي نفسه، ولهذا يسعى من خلال حزبه إلى تأكيد أن الإصلاح ممكن من داخل الدولة لا ضدها، وأن المعارضة الوطنية قادرة على أن تكون داعماً لمسيرة التحديث والإصلاح التشريعي.
ويتمتع السادات بقدرة استثنائية على قراءة المشهد السياسي بدقة، مؤمناً بأن التعددية لا تُقاس بعدد الأحزاب بل بمدى استقلال مواقفها، ومن هنا تأتي جسارته في خوض المعترك الانتخابي بثقة الهادئ الواثق، لا بصخب المزايدين، مستنداً إلى رصيد من المصداقية والعقلانية السياسية.
ويمكن القول إن أحزاب الحركة المدنية اليوم تتبع مبدأ الشجاعة السياسية في أبهى صوره، إذ اختارت خوض معركة البرلمان 2025 وهي تدرك أن الطريق مليء بالعقبات، لكنها تؤمن أن التمثيل المدني الحقيقي لا يُمنح بل يُنتزع بالنضال والإصرار.
من خلال قادتها الذين يجمعون بين الحكمة والمبدأ ( زهران، جميلة إسماعيل، قرطام، إمام، والسادات) حيث تؤكد هذه الأحزاب أن المشاركة ليست مغامرة بل واجب وطني، فهم يخوضون معركة ليست فقط من أجل مقاعد، بل من أجل إعادة تعريف السياسة في مصر (سياسة تقوم على خدمة الناس، لا خدمة المصالح).
وبذلك، يصبح تحالفهم المدني الديمقراطي أحد صمامات الأمل في أن تشهد الحياة البرلمانية المقبلة حضوراً قوياً للعقل، وصوتاً صادقاً للمواطن، ومقاومة حقيقية لتغول المال والنفوذ باسم الوطن.




