الحزب الاشتراكي المصري: ستنتصر البشرية على جائحة كورونا
قال الحزب الاشتراكي المصري، في بيان اليوم، إن مصر والبشرية تواجه أكبرَ تحدٍ وبائى عالمى نشهده فى حياتنا وفى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، مُتمثلاً فى جائحة “كوفيد ـ 19” المعروفة بوباء “كورونا”.
وأعلن العالم ومن ضمنه مصر أنهم فى حالة حرب مع الوباء، وهى حرب ستُكلل بالانتصار حتماً مثلما انتصرت البشرية على كل الأوبئة التى مرّت عليها تاريخياً، والنضال يتمثل فى الحصار والوقاية واكتشاف اللقاحات والأدوية للعلاج، من أجل تقليل الخسائر البشرية والمادية وحصرها فى أضيق الحدود.
وأوضح الحزب، أن الحكومة المصرية اتخذت الكثير من الإجراءات المُلائمة مثل إغلاق المنشآت التعليمية والترفيهية، وفرض الحظر والتباعد الاجتماعى وتعقيم الأماكن، إضافة إلي إجراء التحاليل وحجز الحالات الحادة والحرجة فى 27 مستشفى عزل، والحجز فى الرعايات المُرَكَّزة للحالات المحتاجة، وهو ما شاركت فيه القوات المسلحة مع مختلف أجهزة الدولة، بجهدٍ ضخمٍ مشهود.
وتابع، أن الاستجابة للجانب الحاد من المشكلة بما هو مُتاح من إمكانيات تُواجَه بمحدودية الإمكانيات الوقائية والتشخيصية فى الكثير من الدول المتقدمة والمتخلفة، والتنافس الحاد على استيرادها من الدول المُنتجة فى ظل المنافسات الضارية وغير المتكافئة، حيث أخذت كل دولة تُفَصِّلُ استجاباتها فى حدود إمكانياتها، فمثلا الدول ذات الإمكانيات العالية تُجرى فحص الفيروس على كل المشتبه بهم، وعلى عينات من المواطنين، لقياس مدى الانتشار والبؤر الساخنة له، بينما تقتصر الدول ذات الإمكانيات المحدودة كمصر، بل وانجلترا، على عمل التحليل للحالات ذات الاحتمال العالى للإصابة.
وأوضح الحزب أن التحدى الأكبر يتمثل فى هيكل الخدمات الصحية الذى عانى طويلا فى مصر من تقليل الإنفاق والتدهور، وخصوصاً فى ظل السياسات التقشفية المطبقة عبر عقود مضت، وبالذات منذ الاتفاق على قرض صندوق النقد الدولى 2016- 2019.
وتابع، يبلغ مُعَدَّل أسرّة المستشفيات فى مصر 1.4 سرير لكل 1000 مواطن، وكان 2.2 فى الستينات، وفى الدول المُتقدمة يصل إلى ما بين 4 ـ 10 سرير، كما أن مصر لا تمتلك سوى 10300 سرير رعاية مُرَكَّزة، عام وخاص، بنسبة سرير واحد لكل مائة ألف من السُكّان تقريباً، بينما المتوسط فى آسيا 7.3 سرير وفى أوروبا 8.3، والعجز فى الأطباء فى مصر يصل إلى 50% حيث لا يوجد سوى 1.2 طبيب لكل 1000 مواطن، بينما المطلوب ألّا يقل عن المُعَدَّلات العالمية اللائقة وهو 3 لكل 1000، ناهيك عن أن العدد يصل فى الدول المتقدمة إلى 6 ـ 10 طبيب، كما يزيد العجز فى التمريض أيضا عن 50%، رغم أن بلدنا مُنتجة بوفرة للكوادر البشرية، ولكن هيكل الأجور الضعيف يعمل بشكلٍ طارد، ويرجع إليه السبب فى نزوح 70 ألف طبيب مصرى إلي دول الخليج، إضافة إلى 20 ـ 25 ألف طبيب مصرى موزعين بين أمريكا وأوروبا واستراليا!
وأشار إلى أن الجذر الرئيسى لمشاكل الهيكل الصحى، من ضعف الأجور، ونقص المُستلزمات، ومحدودية البنية التحتية من ناحية المنشآت الطبية، يكمن فى الضعف الشديد فى ميزانية الصحة، وهو الضعف المُتواصل منذ سياسة الانفتاح الاقتصادى فى سبعينات القرن الماضى، حتى تبوأت مصر ترتيب الدولة قبل الأخيرة فى أفريقيا، فيما يخص نسبة الإنفاق الصحى إلى الناتج المحلى الإجمالى (ن.م.أ). وهو ما التفت إليه الدستور المصرى، فحدَّد وجوب ألّا يقل الإنفاق الصحى عن 3% من الناتج المحلى الإجمالى (ن.م.أ)؛ يزيد تدريجياً حتى يصل إلى النسب العالمية (6%). ووصلت تلك النسبة بعد عام من وضع الدستور إلى 2.2% من الناتج المحلى الإجمالى، إلّا أن الشروط الانكماشية للاتفاق مع صندوق النقد الدولى قللته حتى وصل عام 2019 ـ 2020 إلى 1.5% من الناتج المحلى الإجمالى!
وأضاف أن هذه الجائحة أظهرت الاحتياج الحاد للتكفُّل بعلاج جميع المواطنين وفق نظام تأمينى أو حكومى شامل، بشكل يوضح بشدة خطأ نظامنا التأمينى الحالى (قانون 2 لسنة 2018)، فهو تأمين اختيارى وليس شاملاً، ويُستبعد منه من لا يقدر على الاستمرار فى دفع الاشتراك. كما أنه لم يغطِ سوى نحو نصف سُكّان بور سعيد وليس كلهم، كما أن المدى الزمنى للتطبيق (15 سنة) غير واقعى، وواجبٌ علينا إعادة النظر فى هذا القانون لتعميم نظام تأمين حقيقى يشمل جميع السكان، ويرتبط بقاعدة بيانات الرقم القومى، وتدفع الدولة تكلفة كل العمالة غير المنتظمة (12 مليوناً غير أسرهم). كما يجب مشاركة الدولة فى تمويل التأمين الصحى، والاكتفاء باشتراك المواطنين بدون مساهمات نقدية عند تلقى العلاج، وتحمُّل الدولة مسئولية علاج الأطفال وطُلّاب المدارس وليس أولياء الأمور.
وثمن الحزب تطبيق بعض السياسات الاقتصادية التوسُعيّة الجيّدة مؤخراً، ضمن مجهودات مواجهة توابع أزمة “كورونا المتجدد، كوفيد ـ 19″، بتوسيع الإنفاق الاجتماعى على المحتاجين، وتدعيم الشركات، وتخفيض فائدة القروض عليها، وتجميد بعض من مستحقاتها لديها، كوضعٍ استثنائى، إلّا إننا نتمنى ـ ونحن نرجو لبلادنا كل التوفيق فى الانتصار على الجائحة ـ انتهاز الفرصة لمواجهة جذريّة لعيوب نظامنا المزمنة، الصحية والاقتصادية، علي نحو ما بينّاه، فهذا هو حق شعبنا فى الحياة، والدرس الرئيسى لتجربة “كورونا” الذى تبدّى للعالم أجمع.