الحزب الاشتراكي المصرى وقراءة فى ملف تنمية مصر بين الحديد والصلب وقطار الرصاصة
اصدر الحزب الإشتراكي المصرى بيانا اليوم ،بشأن قرار الحكومة بتصفية مصنع الحديد والصلب ، وجاء البيان كالتالي:
” في نفس الأسبوع الذي يتم فيه الإعلان عن تصفية مصنع الحديد والصلب بحلوان لخسائره التي بلغت تسع مليارات جنيه يعلن فيه عن قطار الرصاصة المعتزم إنشاؤه بين العين السخنة والعلمين بتكلفة إجمالية 360 مليار جنيه! وإذا لم يكن هذا كافيا لفتح ملف مستقبل التنمية في مصر فماذا يمكن أكثر من ذلك؟!
تأتى التنمية في المحل الأول بالصناعة والزراعة، والأهم هو الصناعة التي توفر فرص العمالة في ظل الفقر الحالي (30% حاليا حسب الإحصاءات الحكومية) والبطالة الحالية (نحو 10% حسب الإحصاءات الحكومية أيضا). والحديد والصلب يقع في موقع القلب من مستقبل الصناعة، أي صناعة، بحكم كونه مصدرا أساسيا للكثير من الصناعات المغذية للتنمية في مختلف المجالات، أو ما يطلق عليه الترابطات الأمامية والخلفية مع مختلف المجالات. بل والمفارقة الأخرى هي الإعلان الحكومي عن النية أو الرغبة، بمناسبة تطوير السكك الحديدية، في إقامة مصنع لصنع قضبان السكك الحديدية في نفس الوقت الذي يتم فيه تصفية المصنع الوحيد الذي ينتجها في مصر!
التنمية الحكومية لها أولويات مختلفة، وهي تنمية الخدمات التي أعلنت الحكومة سابقا أنها تعتزم زيادة نسبتها في الناتج المحلى الإجمالي من 50% حاليا إلى 70% عام 2030! ويتبجح البعض بأن الاتجاه الحديث في أمريكا والعالم المتقدم تتجه لزيادة مساهمة تنمية الخدمات، ويغفلون أن “خدماتهم” هي تنمية تطوير تكنولوجيا الإليكترونيات والاتصالات، بالإضافة للخدمات المالية، بينما “خدماتنا” تقتصر على الطرق والكباري والإنشاءات وبيع الأراضي والتنمية العقارية مع بناء المولات والمنتجعات السياحية!
قلب التنمية، بجانب تنمية الإنتاج الزراعي الصناعي، هو التنمية البشرية والتنمية التكنولوجية، وعمادها التعليم والصحة، ولكن في بلادنا في العام الحالي تبلغ نسبة الإنفاق على التعليم 2.3%، والصحة 1.5%، والبحث العلمي 0.4% من الناتج المحلى الإجمالي، وبإجمالي للمجالات الثلاث 4.2% من الناتج المحلى الإجمالي، أي لم تصل إلى نصف النسبة الدستورية التي يحددها ب 10% على الأقل وتزيد تدريجيا حتى تصل للنسبة العالمية!
قامت مصر في فترة تنمية بنيتها الصناعية في الخمسينات والستينات بتوسع شديد للبنية التحتية من سكك حديد وطرق، لكي تخدم احتياجات التنمية مثل طرق أسوان والواحات والإسكندرية محملة على السد العالي والحديد والصلب وغيرها، بينما تهدف تنمية الخدمات حاليا إلى تلبية احتياجات المرفهين من أصحاب المنتجعات وغيرها وتنفيذ مطالب صندوق النقد والبنك الدوليين باقتصار الحكومة على تنمية الخدمات وترك التنمية الإنتاجية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي، على أن تقتصر صناعاتنا على الصناعات الملوثة للبيئة التي يلفظها الغرب في بلاده مثل الصناعات البترولية والأسمدة والسيراميك!!
اتبعت الحكومة تلك التوصيات منذ التنازل عن السيادة في اختيار أولويات التنمية عام 1974، ومضى نحو نصف قرن في انتظار رؤوس الأموال المصرية والأجنبية لتنمية مصر ولم تأتِ حتى الآن، فقط أتت لكي تشترى الأصول المصرية التي بناها الشعب المصري بعرقه في العقود الماضية، وبقروض من البنوك المصرية رغم تحريم الحكومة على القطاع العام ضمان قروضه من البنوك المصرية! بالإضافة إلى هذا الحرص على تصفية القطاعات المتقدمة للصناعة المصرية مثل شركة المراجل البخارية والحديد والصلب.
وكأن كل إيرادات تبديد أصول التنمية في بلادنا بالخصخصة لا تكفي فزاد عليها مضاعفة الديون لتتجاوز 120 مليار دولار حاليا! أي أن تنمية المرافق تتم على حساب ما بنيناه في السنوات الماضية وضيعناه بالخصخصة وعلى حساب الأجيال القادمة التي ترث الديون الحالية! أي أننا نعيش اليوم على حساب الأجيال الماضية والآتية! آن الأوان لكي يقول الشعب كلمته في تخطيط مستقبل التنمية في بلاده والكف عن تبديد أصولنا بالخصخصة والتخطيط لتنميتها الحقيقية بالزراعة والصناعة والتنمية البشرية، تنمية معتمدة على الذات، وليس “بتنمية” الخدمات على حساب مضاعفة الديون! “