تفاصيل قضية فساد ساركوزي.. هل انتهى مستقبله السياسي؟
سيبقى تاريخ الأول من مارس عالقا في ذهن النخبة السياسية في فرنسا، بعد أن حكم على ثاني رئيس سابق للجمهورية في عهد الجمهورية الخامسة نيكولا ساركوزي، بالسجن 3 سنوات، منها سنة واحدة نافذة، فيما يسمى بقضية “التنصت على المكالمات الهاتفية”.
وأدين ساركوزي بالفساد واستغلال النفوذ من محكمة الجنايات في باريس، وغادرها من دون الإدلاء بأي تصريح، إلا أن محاميه أعلن في وقت لاحق أنه سيستأنف الحكم الذي وصفه بـ”الشديد للغاية”، وبالتالي سيتم وقف تنفيذ الحكم لأن المحكمة لم تطلب تنفيذه المؤقت.
وتعود القصة إلى عام 2014، إذ يُشتبه أن ساركوزي البالغ من العمر 66 عاما، حاول الحصول من قاضي محكمة النقض غيلبرت أزيبرت، على معلومات سرية حول تحقيق استهدفه، وفي المقابل وعده بالتدخل واستعمال سلطته حتى يحصل القاضي على منصب مرموق في إمارة موناكو.
واستندت التهمة إلى محادثات هاتفية جمعت بين الرئيس السابق ومحاميه عبر خط غير رسمي، من هاتفين مدفوعين مقدما تم شراؤهما باسم “بول بيسموث”.
تهم ثقيلة
على هذا الأساس، قضت محكمة الجنايات بالحكم عليه 3 سنوات، منها سنة نافذة بتهمة إبرام “اتفاق فساد”.
وبحسب جريدة “لو موند” الفرنسية، أشارت المحكمة إلى أن “إثبات اتفاق الفساد ينبع من مجموعة من القرائن الجادة والدقيقة والمتسقة، الناتجة عن علاقات الصداقة الوثيقة للغاية التي نشأت بين الأطراف”.
ووفقا للجريدة، أعلنت كريستين مي رئيسة الغرفة الإصلاحية الثانية والثلاثين في باريس، أن ساركوزي الذي كان “ضامنا لاستقلال العدالة، استخدم وضعه كرئيس سابق لمكافأة قاض خدم مصلحته الشخصية”.
الرئيس الفرنسي السابق لم يكن حاله أحسن من حال محاميه تييري هيرتسوغ، الذي اعتبرته المحكمة مذنبا أيضا بتهمة الرشوة وخرق الأسرار المهنية، وحكمت عليه بالسجن 3 سنوات اثنتان منها مع وقف التنفيذ، مع منعه من مزاولة مهنة المحاماة لمدة 5 سنوات، وقد قام هو أيضا باستئناف الحكم.
نفس الحكم نطق به في حق أزيبرت، وبحسب المحكمة فإنه “لم يتجاهل بإصرار التزاماته الأخلاقية فحسب، بل إنه خان أيضا ثقة زملائه في محكمة النقض”.
نهاية المسار السياسي
ويقول المحلل السياسي ستيفان زومستينغ، في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “الحكم لم يكن متوقعا، ولم يعتقد أحد أن الأمور ستسير على هذا النهج”، لكنه يرى أن “استئناف الرئيس الفرنسي الأسبق يجعل الحكم الصادر غير نهائي، وسيتم البت فيه من جديد سواء بعد أشهر أو حتى بعد سنوات”.
وحول مشوار الزعيم اليميني السياسي وإمكانية عودته إلى الخريطة السياسية الفرنسية، يتابع زومستينغ: “سمعنا كثيرا عن عودة ساركوزي إلى الساحة السياسية من جديد، وترشحه المرتقب للرئاسيات المقبلة، لكن الأمر كان يبدو صعبا للغاية لأنه متابع في عدة قضايا ثقيلة. الآن وبعد النطق بهذا الحكم ورغم استئنافه، أكاد أجزم أن عودته مستحيلة”.
ويختم المحلل السياسي حديثه قائلا: “هذا الحكم يعتبر الأول في تاريخ فرنسا الحديث، لأن ساركوزي أول رئيس يصدر في حقه حكم بالسجن النافذ. وفي هذا إشارة إلى عودة توازن القوى بين الشخصيات السياسية والقضاة. إذ أنه في السنوات الأخيرة نلاحظ غياب المتابعات القضائية في حق السياسيين، وأظن أنه بهذا الحكم دخلنا عهدا جديدا”.
ويواجه ساركوزي القضاة مرة أخرى في 17 مارس الجاري في قضية “بيغماليون”، المتعلقة بنفقات حملته الرئاسية عام 2012.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس اليميني السابق جاك شيراك خضع لمحاكمة مشابهة، وحُكم عليه قبل حوالي 10 سنوات بالسجن مدة عامين مع وقف التنفيذ، لإدانته بترتيب وظائف وهمية عندما كان عمدة لباريس.