حزب التحالف الشعبى الإشتراكى: تزايد الديون الحكومية المصرية وطرحها للتداول للمضاربين الدوليين يثير عميق القلق

 

تابع حزب التحالف دائما مشكلة الاستدانة الحكومية الواسعة ، وتزايد أعباء الديون التى يتحملها فى النهاية المواطن البسيط ، وخاصة الديون الخارجية أو بالعملات الأجنبية ، والتي تمثل خطرا مضاعفا لما تمثله من تهديد للسيادة الوطنية والأمن القومى .

ومع كل الأسف نلاحظ اتجاها متصاعدا فى هذه الاستدانة وصل لدرجة الخطر ، على عكس ما تحاول الدعاية الحكومية تصويره من أن الأمر كله فى الحدود الآمنة . وقد تطور الأمر إلى الإعلان عن بدء تداول الديون المصرية الداخلية فى بورصة يورو كلير الأوربية، بما يعنى استحواذ من يسمون مستثمرين دوليين ، والذين هم فى الواقع مضاربون دوليون على تلك الديون ، بالتأكيد مقابل ضمانات معينة تعنى فى النهاية نوعا من رهن أصول الدولة المصرية مقابل تلك الديون .

وإزاء ماتمثله تلك السياسات من خطورة كبيرة يهمنا التأكيد بشكل أولى على عدد من الحقائق :
أولا – أنه خلافا لما تدعيه الحكومة من أنها نجحت فى سياق ما تسميه خطة الإصلاح الاقتصادى فى تخفيض الدين العام فى مصر ، فإن مراجعة الأرقام تكشف عن تضخم ذلك الدين الداخلى والخارجى بشكل مطلق ، وأنه حتى كنسبة من الناتج المحلى مازال مرتفعا للغاية ، وبالتالى لم تحقق السياسات الحكومية اى اختراق فى هذا المجال رغم مافرضته من أعباء ثقيلة على المواطنين المصريين طوال سبع سنوات . وقد وصل الدين الداخلى إلى ٤.٨ تريليون جنيه ، والدين الخارجى إلى ١٣٨ مليار دولار، أى أن إجمالى الدين العام يقترب من ٧ تريليون جنيه بما يتجاوز ١٠٠ % من الناتج المحلى الإجمالي خلافا لما تروج له الحكومة .

ثانيا – نتيجة لذلك فقد تزايدت أعباء خدمة الدين من فوائد واقساط ، وتبلغ الفوائد فى الموازنة الحالية ٥٧٩ مليار جنيه ، واقساط الديون ٥٩٣ مليار جنيه ، بإجمالي ١.١٧٢ تريليون جنيه ، وهو مايلتهم النسبة الكبرى من الإيرادات التى لا تزيد عن ١.٣٦٥ تريليون ، وأعباء خدمة الدين تصل إلى ٨٦ % من الإيرادات، ولايتبقى لكل اوجه الإنفاق الأخرى سوى ١٩٣ مليار جنيه فقط ، بما يعنى أنه لا حل للحكومة سوى الاستدانة مرة أخرى .

ثالثا – فى سياق التوسع فى الاستدانة لجأت الحكومة لزيادات غير مسبوقة فى الاستدانة الخارجية بحيث تزايد الدين الخارجى من ٤٤ مليار دولار فقط فى عام ٢٠١٤ إلى نحو ١٤٠ مليار دولار حاليا ، وبنسبة زيادة نحو ٣٠٠% فى سبع سنوات . الا أن الأمر لا يقتصر على ذلك فالالتزامات بالعملات الأجنبية تتخطى ذلك المبلغ ، إذ يستحوز الأجانب على حصة كبيرة من الدين المحلى تصل إلى نحو ٣٣مليار دولار ، كما أن الحكومة أقدمت على طرح سندات دولارية على دفعتين فى العام الأخير بقيمة ٨ مليار دولار ويصل العائد عليها إلى نسبة بين الأعلى على الدولار فى العالم تصل إلى ٧.٥ % .

رابعا – المأساة أن كل تلك الديون الهائلة لم يتم توجيهها الى استثمارات ومشروعات منتجة مدروسة، بل لمشروعات عقيمة وعديمة الجدوى لا تخدم فى الحقيقة سوى الشركات والجهات المنفذة العالمية والمحلية، وقلة من المصريين المترفين والأثرياء الجدد .وبذلك فإن ما يسمى إنجازات انما هو نمو يتسم بمزيد من التشوه وتعميق التبعية وزيادة الفوارق الطبقية على حساب الحقوق الأساسية للمواطن من تعليم وصحة وغيرها.
خامسا – وتأتى الخطوة الحالية بتداول أو بيع الدين المصرى الداخلى الهائل فى البورصات العالمية لتزيد من خطورة الأمر ، إذ خلافا لما كان مستقرا من أن غالبية الديون المصرية الخارجية هى لمؤسسات دولية وحكومات ، فإن الأمر يتجه لأن تكون بيد مستثمرين دوليين ومضاربين ومقامرين بكل ماينطوى عليه ذلك من مخاطر كبيرة ، ومن المعروف أن أمثال هؤلاء لم يتورعوا عن رفع قضايا تحكيم وتعويض ضد الحكومة المصرية انتزعوا بها أحكام تعويض بمبالغ طائلة، وما أحكام التعويض التى حصلت عليها إسرائيل فى قضية الغاز ببعيدة عن الأذهان .
سادسا – وتكتمل دائرة القلق بوجود قضية بيع أصول الدولة المصرية، ومبادلة الديون بالأصول، وهو مايضاعف القلق من انتقال أصول الدولة إلى الدائنين والمغامرين الأجانب . ومن المعروف أن تلك الممارسة لها سابقة فى السنوات الأخيرة الحكم مبارك ، عندما تم فتح حساب خاص فى البنك المركزى وضعت فيه حصيلة مبادرة بيع الديون لمبادلتها بالأصول ، و التى يتعامل فيها فى الغالب بعض كبار أصحاب النفوذ استفادة من الفساد الذى يشوب كلا العمليتين ، بيع الديون ، وتقييم وشراء الأصول ، بحيث يحققون استفادة مزدوجة على حساب الشعب . ومن الطبيعى أن كل هذه الممارسات الخطيرة إنما يتزايد خطرها وضررها فى مناخ الغياب الكامل للشفافية وانعدام التوازن السياسى للنظام الذى يغيب أى رقابة ومحاسبة حقيقية .

إننا ننبه مرة أخرى لخطورة تلك السياسات ووصولها لخطوط حمراء تستدعى المراجعة والحوار المهنى والسياسى والشعبى القومى العام لتجنب البلاد أخطارا وأعباءا ثقيلة نرجو أن نتمكن من تجنبها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار