من الأجداد إلى الأحفاد نرصد تعامد الشمس على كنيسة الملاك ميخائيل بالشرقية
فى إطار احتفالية مصر ومعظم جنسيات العالم التى تحضر إلى معبد أبو سمبل يوم 22 فبراير للاحتفال بتعامد الشمس نرصد ظاهرة تعامد الشمس بكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير بمنيا القمح محافظة الشرقية.
ويشير قداسة القس ويصا حفظى سعيد كاهن دير وكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير إلى أن الكنيسة هى محطة هامة فى مسار العائلة المقدسة وتتعامد عليها الشمس ثلاث مرات سنويًا فى مشهد روحانى يحظى بزيارة المصريين مسلمين ومسيحيين ويستحق الموقع أن يدرج ضمن مسار العائلة المقدسة فى مصر ويوضع على ملف التطوير وعلى خارطة السياحة المحلية والدولية .
وأوضح خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان أن هناك كتابات هامة عن تاريخ الدير ومعالمه المعمارية ومقتنياته ومخطوطاته الهامة منها كتاب “نافذة الماضي على الحاضر دير الملاك ميخائيل الأثري بكفر الدير” تقديم نيافة الحبر الجليل الأنبا تيموثاؤس أسقف الزقازيق ومنيا القمح علاوة على دراسات القس ويصا حفظى سعيد كاهن دير وكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير ورؤيته ومحاولاته لتأريخ الدير وتقديم ذلك فى فيلم وثائقى تشرح تفاصيل هذا التعامد وتلقى الضوء على معالم الدير المعمارية والفنية .
ونوه إلى أن تاريخ الكنيسة يعود إلى القرن الرابع الميلادي وقد بُنيت بالطوب الأحمر والحجارة يسقفها قباب مرتفعة على شكل صليب متساوى الأضلاع على نظام أديرة وادي النطرون وتضم الكنيسة مدافن الرهبان الآباء القدامى وبئر قديم واللقان الأثري الذي يعود إلى القرن الرابع الميلادي المستخدم فى أعياد خميس العهد وعيد الغطاس وعيد الرسل وتتعامد الشمس بالكنيسة ثلاث مرات سنويًا أول مايو على مذبح القديس مار جرجس فى عيد استشهاده، 19 يونيو على مذبح الملاك ميخائيل فى عيده 22 أغسطس على مذبح السيدة العذراء فى عيدها ولكن حجبت أشعة الشمس نتيجة إضافة مبنى خرسانى للخدمات الكنسية على واجهة الكنيسة عام 1984 .
واضاف ريحان أن الموقع كان مقرًا لرهبنة يطلق عليها “رهبنة الغار” وقد أخذت القرية اسمها من اسم الدير وكانت يجتمع الرهبان من المناطق حول الدير لتناول وجبة الأغابى أى وجبة المحبة وهناك اثنين من بطاركة الإسكندرية كانوا على رهبنة الغار التى ظلت حتى القرن الثامن الميلادى وقد مرت العائلة المقدسة بالموقع قادمة من تل بسطا والموقع يرجع إلى القرن الرابع الميلادى لكن مبنى الكنيسة الحالى من العصر الطولونى حيث قام مهندس جامع ابن طولون وهو مسيحى اسمه “سعيد بن كاتب الفرغانى” ببناء الكنيسة بين عامي 872 و 873 م ويتضح ذلك فى نوعية عقود الكنيسة والزخارف الخشبية وحامل الأيقونات الذى يعود إلى سنة 1247قبطية .
ولفت إلى أهمية اللقان بالكنيسة وهو حوض من الحجر الجيرى ويتم الصلاة على مياه اللقان ثلاث مرات فى العام، فى خميس العهد وعيد الرسل وعيد الغطاس وتغسل به أرجل الناس كما غسل السيد المسيح أرجل تلاميذه وغسل الأرجل للتخلص من الذنوب فهو دليل على التوبة لذلك وجد فى خورس المعترفين بذنوبهم .
كما يوجد خورس المتناولين حيث يشترك الجميع فى تناول الذبيحة ويضم ثلاثة مذابح، المذبح الرئيسى وهو مذبح الملاك ميخائيل شفيع الدير ومذبح السيدة العذراء ومذبح القديس مارجرس
ويضم الدير مقتنيات هامة منها إبريق نحاس وآنية زجاجية وأيقونات منها أيقونة للشهيد مار جرجس وأيقونة للشهيدة دميانة والأربعين عذراء والعديد من المخطوطات منها مخطوط عجائب السيدة العذراء وتفسير سفر التكوين وكتاب البشاير الأربعة وسيرة القديس نيقولاوس من دير بأسيوط إحدى محطات العائلة المقدسة.
ونوه القس ويصا حفظى سعيد كاهن دير وكنيسة الملاك ميخائيل بكفر الدير إلى دلالات تعامد الشمس والتى تتعامد فى الأيام المذكورة من العاشرة إلى الحادية عشر صباحًا رغم أن الفتحات التى تدخل منها الشمس ليست كلها فى الشرق، فواحدة فى الشرق وأخرى فى الشمال والثالثة فى الجنوب فهى حسبة فلكية معقدة.
وأن هناك شباك بمذبح مارجرجس يدخل منه على غرفة علوية بين قبتين يطلق عليه الحصن الذى تتميزبه معظم الأديرة للجوء إليه فى حالة هجوم الرومان وكان الكاهن أيام الرومان يلجأ إليه لحين الانتهاء من صلاة التقديس على الذبيحة ثم ينزل ليتناول مع الناس فإذا كان الرومان قد غادروا فقد كتب له عمر جديد أو ما يزالوا موجودين فيقتلوه فيستشهد وسط الناس .
وتابع ويصا حفظى، بأن الإيكونستاسس “حامل الأيقونات” الخاص بالمذبح الرئيسى مؤرخ بعام 1247 قبطية وهو من الخشب المطعم بالعاج عليه رسم الصليب القبطى متوازى الأضلاع وزخارفه تمثل السيد المسيح فى المنتصف حوله التلاميذ حولهم الكرة الأرضية.
وأوضح أن الدير يضم مجموعة من الأيقونات وكل أيقونة تحى قصة من الكتاب المقدس أو سير القديسين والشهداء وأن هناك أربعة أيقونات تعود إلى القرن 11م منها أيقونتان للملاك ميخائيل وأيقونة لأبو سيفين وأيقونة القديس مارجرجس من رسم فنان الخط الواضح كما أطلق عليه فى أوروبا حيث كان يحدد الأيقونة بخط أزرق واضح وبالدير أيضًا أيقونات من القرن 18م رسم أنسطاس الرومى.
ويروى القس ويصا حفظى حكاية أيقونة القديس مارجرس التى سميت دولة “جورجيا” على اسمه وذكر أن أيقونة مارجرس التقليدية تمثله يركب حصان ويفتدى أمامه فتاة كان من المفروض إلقاؤها للتنين أو الشيطان رمز الشر.
ولكن أيقونة مارجرس بالدير هنا لها حكاية خاصة حيث تمثل القديس على حصان خلفه فتى عمره ما بين 14 إلى 15 عام يرتدى ملابس فارسية فعلى رأسه طربوش فارسى وعلى كتفه فوطة ويمسك فى يده إبريق مياه، ويمثل هذا قصة ملك الفرس الذى دخل فى معركة مع ملك جورجيا الحالية وانتصر عليه وأخذ ابنه أسير فى القصر الملكى فى قصر فارس فلجأ ملك جورجيا إلى القديس مارجرس يعاتبه بأنه شفيعه ويحبه فهل يرضى بما حدث من ملك الفرس، فأحضر له القديس مارجرس ابنه بزيه الفارسى ووجد فى الأيقونة صورة ملك جورجيا يعطى مفاتيح المدينة للقديس مارجرس وأطلق عليها اسم جورجيا من ذلك الوقت ومن أشهر الميادين بها ميدان الشهيد مارجرس.
ومن جهته طالب المهندس مجدى غبريال الذي شارك فى أعمال ترميم الدير والكنيسة متطوعًا منذ ١٠ سنوات بفريق متطوع من ٣٠ متخصص وخبير وعالم وباحث وأساتذة جامعات ومهندسين باستكمال أعمال تسجيل الدير والكنيسة بأكملها ضمن الآثار المسيحية بمصر حيث المسجل الآن هو حجاب الهيكل الأوسط فقط وتسجيل كل أيقونات الكنيسة وتبلغ 20 أيقونة والمسجل ثلاثة فقط وكذلك تسجيل المخطوطات والمقتنيات داخل الكنيسة وإدراج الكنيسة ضمن مسار العائلة المقدسة لتشملها رحلة التقديس المعتمدة من البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بروما فهي تبعد 8 كم عن تل بسطا إحدى المسارات المعتمدة فى طريق العائلة المقدسة ووضع الدير والكنيسة ضمن ملف تسجيل مسار العائلة المقدسة تراث عالمي باليونسكو.
وأضاف المهندس مجدى غبريال أن عالم الفلك المرحوم الدكتور مسلم شلتوت أستاذ بحوث الشمس والفضاء والأقمار الصناعية بمعهد البحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان ومرصدي القطامية وحلوان الفلكيين شهد بنفسه ظاهرة تعامد الشمس بالكنيسة وشاهد وعاين تعامد الشمس علي مذبح الشهيد القديس “مارجرجس” والتقط له صورة داخل هيكل الكنيسة وشعاع الشمس ساقطًا علي رأسه وصرح بأن تعامد الشمس الساقط علي محور مذبح كل قديس في مناسبة يوم عيده بهذه الكنيسة الأثرية يختلف تمامًا عن مثيله الساقط علي وجه تمثال “الملك رمسيس الثاني” في معبده بأبو سمبل بأسوان ويجب أن يعلم عنه العالم أجمع، وهذا يثبت إبداع وبراعة المهندس المصري المسيحى في توارث علم الفلك عن أجداده