«أفرِجٌوا عن سجناء الرأي».. محمد سعد عبدالحفيظ لـ «السلطة الرابعة»: مبررات الدولة بشأن الحصار الإعلامي انتهت.. وهناك فصيل بمجلس نقابة الصحفيين يحاول إقصاء الآخر.. حوار

فى خضم تغيرات سريعة ومتلاحقة مرت بها «صاحبة الجلالة» خلال السنوات السبع الماضية، تتصل بتراجع نسب توزيع الصحف حينًا والتشريعات المنظمة حينًا آخر، ومساحات الرأي والتعبير ومدى تأثير «وسائل الإعلام» على مختلف شرائح المجتمع، وكلها أسباب دفعت «السلطة الرابعة» لإجراء حوار مع صوت يغرد خارج السرب، ويقدم إجابات وتحليلات جديدة تفسر المجريات والمستجدات الجارية كما هي وما يجب أن تكون فى المستقبل.

ولمدة ساعة كاملة، حاورت «السلطة الرابعة»، الكاتب الصحفي محمد سعد عبدالحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، الذى وضع تشخيصًا مفصلًا عن المهنة، وما يتعلق بإشكاليات التناول الإعلامي للأحداث، والتشريعات الجديدة المنظمة.

ولـ«عبدالحفيظ» كتابات تتسم بالجدية فى الطرح والتحليل وحدة فى النقد، إذ تجدها تأخذ اتجاهًا تنظيريًا أقرب للواقعية منها للمثالية.

وفى حديثه الذى سيُنشر خلال حلقات متواصلة، يرى عضو مجلس نقابة الصحفيين أن المشهد الصحفي والإعلامي فى مصر خلال السنوات الخمس الأخيرة، مُلبد بالعديد من الغيوم. يضيف:” مرحلة ما قبل وما بعد ثورة 25 يناير، كانت الحالة الإعلامية فى مصر تعاني من إنفلات واضح، حيث غابت القواعد المهنية والأعراف والأكواد المعترف بها فى معضم المؤسسات الدولية.

محمد سعد عبدالحفيظ: هناك حالة من الحصار على الإعلام

ويفسّر الكاتب الصحفي محمد سعد عبدالحفيظ، هذا الوضع الإعلامي، قائلًا:” الانحيازات كانت واضحة ومعلنة، وغابت كل معايير المهنية المطلوبة، حتى إن القائمين لم يصطنعوا فيما يقدمونه”.

وتابع:” تلى ذلك أن الدولة فى مرحلة ما بعد 2015 تدخلت بشكل مباشر فى تنظيم المشهد الإعلامي، وفى مرحلة لاحقة كان هناك نوع من الحصار والسيطرة على المنصات الإعلامية حتى وصلنا لحالة من التطابق أو ما يسمى «الصوت الواحد» فى المناقشات والطرح والعناوين.

ويعتقد الكاتب الصحفي محمد سعد عبدالحفيظ، أن هذا المنهج فى التدخل، دفع المتلقي إلى هجرة وسائل الإعلام المحلية، حيث خاض رحلة من البحث عن منصات بديلة ولها أغراض، مضيفًا:” الجمهور العادي بدأ فى متابعة عدد من المنصات الأخرى التى تبث من تركيا والتى هي إخوانية الهوى والتمويل من أجهزة لها أجندة محددة».

واستكمل:” تلك المنصات الإخوانية تسعى إلى تكسير الدولة وإشاعة نوع من الفوضى”.

ويقول:” بالإضافة إلى منصات التواصل العشوائية، والمشار إليها تاه الجمهور والحقائق، وأصبحنا فى حالة من الفوضى، وما أقدمت عليه الدولة من سيطرة كان بمثابة نوع من الفوضى الموازية، حيث أن ذلك دفع الملتقي أكثر إلى التوجه للقنوات البديلة التى تسعى إلى إشاعة الفوضى ونشر شائعات ومعلومات مغلوطة”.

محمد سعد عبدالحفيظ: القوانين المنظمة للصحافة شرعنت عملية حصار وتقييد العمل الصحفي

وتطرق حديث الكاتب الصحفي محمد سعد عبدالحفيظ، إلى مسألة إصدار القوانين المنظمة للصحافة والإعلام ومدى تأثيرها على أوضاع الصحفيين، وأبرز الملاحظات بشأنها.

وقال الكاتب الصحفي محمد سعد عبدالحفيظ:” فى 2018 صدرت ثلاثة قوانين لتنظيم العمل الصحفي استنادًا إلى ما جاء فى دستور 2014، وهم  قوانين 178، و179، و180، والمعنيين بالهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، والمجلس الأعلى لتنيظم الإعلام”.

ويضيف قائلًا:” كنا نأمل أن تتيح هذه القوانين مناخًا من الحرية لعمل الصحفيين، وأن تنظم العمل الصحفي، ولكن ما وجدناه أن تلك التشريعات قننت الحصار والتقييد على العمل الصحفي”.

وتابع:” المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أصبح بموجب قانون 180 لسنة 2018، حسيب ورقيب ومفتش فى النوايا، حتى إن الأمر لم يقتصر على الجرائد والقنوات إذ طال أيضًا صفحات الفيس بوك التى يصل متابعيها إلى 5 آلاف، وأصبح كذلك قادرًا على الحجب والإغلاق والوقف وعدم وجود ضيوف بعينهم”.

عضو الصحفيين: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تحول دوره إلى رقيب وقاضي وجلاد

وواصل:” تحول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المعني دوره أن يكون تنظيمي وإدارى بحت، حيث إصدار مخالفات تجاه الوسائل الإعلامية أو إحالة الصحفيين أو الإعلاميين إلى نقابته لمحاسبته، إلى دور رقيب وقاضي وجلاد فى ذات الوقت”.

وتابع:” الأصل فى القوانين والتشريعات أن تتيح مناخًا من الحرية للعمل الصحفي، وأن ترفع القيود على العمل الصحفي لكن العكس هو ما حدث، وجاءت هذه التشريعات لوضع مزيد من القيود وبناء جدران من الحصار للعمل الصحفي، حيث أعطت الحق لرئيس المجلس الأعلى أن يتدخل بشكل مباشر لوقف برنامج من البرامج أو حجب موقع أو جريدة، مثل ما حدث بجريدة الفجر”.

واستكمل:” القوانين 179 و180 فى حاجة إلى إعادة نظر لتنقيحهم من المواد التى قننت التدخل المباشر لهذه المؤساسات”.

عبدالحفيظ: القوانين الصادرة كانت نتيجة لضعف الجماعة الصحفية

وأضاف:” هذه القوانين كانت نتيجة مباشرة لضعف الجماعة الصحفية فى مواجهة التشريعات التى صدرت من هذا النوع، بالإضافة إلى عدم إيمان مؤسسات الدولة ومنها البرلمان بفكرة حرية الصحافة”.

ويرى عبدالحفيظ، أن مؤسسات الدولة كانت ترى أنها تواجه فى الفترة منذ 2014 وحتى وقت قريب، أنها تخوض حربًا مع الجماعات الإرهابية تستهدف كسر الدولة وتفتيتها، مضيفًا:” الآن بعد أن سادت حالة من الاستقرار من الضروري أن تتاح مساحة أكبر من الحرية والتعبير”.

واستكمل:” عداد العمليات الإرهابية “صفر”، وتسود البلاد حالة من الاستقرار، وذلك بفضل جهود الدولة التى استطاعت أن تقضى على هذه الجماعات، ولذا من الضروري أن تكون هناك مرحلة جديدة”.

عبدالحفيظ: تكأة الدولة المستندة على محاربة الإرهاب انتهت

وعن اتصال الاجراءات المتبعة لكبح جماح جماعة الإخوان، قال عبدالحفيظ:” كنا نواجه حرب مع جماعات إرهابية، استهدفت كسر الدولة وتفتيها، وهو ما كان مقبولًا أن يتم اتخاذ تدابير لازمة، لكن بعدما انحصرت وتراجعت العمليات الإرهابية، وبفضل جهود الدولة استطاعت أن تقوض العمليات الإرهابية، أى أن «التكأة» انتهت وهذا اعتراف من مؤسسات الدولة، فالدولة تقول دائما:” لقد نجحنا فى دحر الإرهاب”، وما دمنا نجحنا لابد إذًا أن يتم وضع قواعد لبناء دولة مدنية حديثة، وأساسها صحافة حرة ومعبرة، فالصحافة هي لسان حال الشعوب وعين الشعوب تجاه مؤسسات الدولة المختلفة.

واستكمل:” الفساد والمحسوبية والتسلط ينتشر فى غياب الرقابة، وهو ما يتم حصاره وفقًا ل« 3 مسارات»، الأول:- الأجهزة الرقابية، ثم البرلمان، ثم الرقابة الشعبية، والتى تمثلها الصحافة والإعلام، إذ تعبر عن الشعب أو المحكوم لتسليط الضوء على أى خلل، هذا هو مفهوم الديمقراطية”.

عبدالحفيظ: مش معقول نقابة الصحفيين أنها تطلع كدا وكأنها انتحاري

وفي ظل ما يصدره البرلمان من تشريعات منظمة للصحافة، ومدى تفاعل نقابة الصحفيين مع الأمر، أكد عبدالحفيظ أن نقابة الصحفيين جزء من الحالة العامة أو المناخ العام، مشيراً إلى أنه طالما تراجعت الحريات العامة وزادت عملية الحصار على الصحافة والإعلام فمن الطبيعي أن نقابة الصحفيين دورها يكون محدودا”.

وأضاف:” لو المجال العام أكثر رحابة، وأصبح المناخ أفضل، لكان دور النقابة غير مقتصر على تقديم عدد من الخدمات بل سيكون لها دور فى الاشتباك مع القوانين والتشريعات واللوائح المقيدة، ورفع سقف الحرية للعمل الصحفي، مضيفاً:” مش معقول نقابة الصحفيين أنها تطلع كدا وكأنها انتحاري”.

وأكد عبدالحفيظ أن هناك نوايا حقيقية لدى مؤسسات الدولة الحاكمة لبدء مرحلة جديدة من الصحافة والإعلام، مشيراً إلى أن هناك بوادر بشأن فتح المجال العام، حيث أن حالات الملاحقة والمراقبة اللصيقة بدأت تقل حسبما أشار.

خلاف داخل مجلس نقابة الصحفيين.. محمد سعد عبدالحفيظ يشرح الأسباب

وفي ظل وجود حالة من الاضطراب داخل مجلس نقابة الصحفيين واحتدام خلاف بدى على السطح، فسر عبدالحفيظ ذلك قائلا:” الأزمات التى تلاحق مجلس النقابة فى العام الأخير أثرت على أداء الكيان النقابي، فعندما يكون هناك كتلة داخل المجلس مصرة على إبعاد مجموعة من الاعضاء تم انتخابهم وتمثيلهم من الجمعية العمومية، فهذا مؤثر بالتأكيد.

وتابع:” بالرغم من ذلك تصر كتلة أخرى التى تظن أنها أغلبية على تجميد نشاط الآخرين النقابي وعدم تكليفهم بأي مهام أو حقائب داخل النقابة، والأصل أن يكون هناك تنوعا وأصوات مختلفة، وهو ما يثير حالة من الجدل الصحي الذى ينتقل بطبيعة الحال إلى الجمعية العمومية، فمؤسسات الدولة المختلفة تعلم أنها أمام جمعية بها تنوع وتعدد وآراء، وتضع فى اعتبارها وأجندتها أن نقابة الصحفيين معنية بالحفاظ على حرية الصحافة وتعبر بشكل حقيقي عن جموع الصحفيين”.

محمد سعد عبدالحفيظ: هناك توجهات داخل مجلس النقابة

واستطرد:” المؤسسات مطمئنة لوجود مجموعة لها توجه داخل النقابة، وليس من صالح البلد أن يكون هناك صوت واحد داخل نقابة الصحفيين، خصوصًا فى هذا الكيان، الذى يجب أن يكون به تنوع، وهى من وقت التأسيس ومجلسها يعبر عن التنوع فى التوجهات، مضيفاً:” هذه المرة الوحيدة على مدار 100 سنة أن يكون مجلس النقابة يعبر عنه صوت واحد أو توجه واحد”.

وبشأن حبس عدد من أعضاء الجمعية العمومية، أوضح عبدالحفيظ أن هناك تسعة صحفيين نقابيين محبوسين، بالإضافة إلى آخرين ليس بهم حصر.

وأضاف:” كان عدد المحبوسين أكبر العام الماضي، ولكن القائمة شهدت إخلاء 7 أو 8 صحفيين منهم خالد داوود، وآخرين صدر ضدهم أحكام فى قضايا عنف وإرهاب، مشيراً إلى أن هذه تهمة تحتاج إلى تفسير، مضيفاً:” يعني اية صحفي شارك جماعة إرهابية في أعمال عنف”، هذا غير منطقي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار