د. عايدة نصيف تكتب :الشخصية المصرية والقضاء على الفساد

هناك حديث عام الآن عن تراجع القيم في الشخصية المصرية، وقد يسأل  البعض  ما الذي حدث في الشخصية المصرية وما أسباب تلاشيها  ، ويأتى ردي بصورة ملخصة الشخصية المصرية لا تتلاشى ولكن ما حدث هو نوع من تراجع بعض القيم والخصائص الأصيلة في الهوية نتيجة عوامل اقتصادية وثقافية والتحديات التي مرت بها مصر عبر العصور، ومن السهولة إعادة إحياء القيم المصرية مرة أخرى لاستعادة جزء أصيل من الشخصية المصرية.. ولكنى وأنا أكتب هذا المقال أردت ربط قضية القضاء على الفساد باسترجاع منظومة القيم الإنسانية مرة أخرى، ولا يمكن القضاء على الفساد بصورة فردية أو صورة منعزلة عن رؤية شاملة لأن الرؤية والكفاح الفردى ضد الفساد يكون نتيجته دائما إخفاقًا وشعورًا مريرًا بخيبة الأمل.

 

ونحن الآن نرى مجهودات من قبل الدولة للقضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية لأنهم في الحقيقة سوس ينخر في جسد الوطن ويعطل مسيرة أي تنمية، ولكن ما يتم الآن من مكافحة الفساد يتم بصورة جزئية ولا يمثل سوى نسبة صغيرة من مساحة كبيرة؛ فالفساد يتمثل في الفساد الأخلاقى والفكرى والاجتماعى بل السياسي والدينى أيضا، القضية كبيرة والمعالجة لابد أن تكون شاملة ودقيقة والكفاح الأساسى الآن هو الكفاح ضد الاستغلال بكل أشكاله وبشتى أنواعه وأقول إنه “أساسى” لأنه يمثل ويمهد الطريق للقضاء على الفساد، وينبغى أن يتم ليس على مستوى الأجهزة الرقابية فقط ولكن يتم على مستوى التضامن المجتمعي إن أردنا أن يتحقق له شيء من النجاح.

 

ومما لا شك فيه أن الإنسان أناني بطبعه ويجب أن نعترف بذلك، وبأن الاعتبارات المعنوية والأخلاقية لا يمكن أن تكون العامل الوحيد في القضاء والكفاح ضد الفساد ولكنهما الحافز الأكبر عندما يقترن بالمبدأ الأخلاقي في تطبيق القانون والعقوبة على الكل دون تمييز أو تفضيل أو محاباة؛ ومن ثم فالخطوة الأولى في مكافحة الفساد بصورة جدية هو القضاء على الاستغلال، وأن تحل الأخلاق الجماعية محل الأخلاق الفردية، فقضية القضاء على الفساد قضية أولية وآنية لتحقيق التغيير نحو الأفضل فلا تمييز في المحاسبة بين الغفير والوزير، وأعتقد أن الأجهزة الرقابية الآن بدأت تطبيق ذلك بالفعل ولابد من مساندة هذه الخطوات الجادة من قبل الدولة بالتضامن المجتمعى والوعى الدقيق لقيمة وطن ينطوى على أخلاقيات التقدم.

 

لابد أن يكون هناك وعي مجتمعي للقضاء على الفساد ووعي ثقافي أنه لا تقدم دون علاج المرض وعلته الموجودة في الكثير من مؤسسات الدولة؛ فقد خصص الرئيس عامًا للشباب وعامًا للمرأة وأدعوه أن يخصص عامًا للقضاء على الفساد والفاسدين؛ فلا بناء بغير أساس سليم فلنبني بيتًا على الصخر وليس بيتًا على الرمل، ولنضع قضية القضاء على الفساد قضية كفاح من قبل القنوات الرسمية والقنوات المجتمعية، بجانب تطبيق القانون على الجميع وإيقاظ وعي المجتمع وإعادة إحياء القيم الأخلاقية الإنسانية مرة أخرى في الشخصية المصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار