“قصة مريم”.. المصرية التي شاركت في تطوير التلسكوب الخارق “جيمس ويب”
لكن ما قد لا يعلمه كثيرون، وجود فتاة مصرية في العشرينات من عمرها، شاركت بقدر ما في تحقيق هذا الإنجاز، عبر مساهمتها في تطوير وإطلاق “جيمس ويب”، التلسكوب الذي التقط هذه الصور.
الفتاة هي مريم هيثم عصمت، باحثة الدكتوراه في مجال الفيزياء الفلكية بجامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة، التي تحدثت إلى موقع “سكاي نيوز عربية” في أول حوار لها بعد الكشف عن صور “ناسا” المذهلة.
بعد إنهاء تعليمها الأساسي في مصر، سافرت مريم في منحة لدراسة الفيزياء، إلى جانب الأدب، بالولايات المتحدة، قبل أن تستطيع ترك بصمتها على إنجاز فلكي ضخم يتحدث عنه العالم الآن.
قالت مريم: “كنت مهندسة برمجيات وعملت على جزء مهم جدا في هذا التلسكوب وهي كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (Near Infrared Camera Instrument)، لاكتشاف كواكب خارج المجموعة الشمسية باستخدام الإشعاع الكهرومغناطيسي، وعملت على هندسة وتطوير البرامج الخاصة بهذه الكاميرا”.
وأضافت: “كانت مشاركتي بالعمل في التلسكوب في الفترة من يونيو 2019 إلى يناير 2020، وكانت في البداية تدريبا خلال دراستي الجامعية بكلية ليكومينج بالولايات المتحدة، وبعدها عملت على تطوير التلسكوب كجزء من فريق بحثي كبير، واستغرقت المدة التي عملتها ضمن هذا الفريق حوالي 6 أشهر”.
وأوضحت: “مهمتي كانت حل مشكلات البرامج الخاصة بكاميرا الرصد بالأشعة تحت الحمراء، لمساعدة العلماء على استخدام أدوات التلسكوب من أجل النظر حرفيا إلى الوراء، لملاحظة كوننا كما كان قبل أكثر من 13 مليار سنة”.
ولتبسيط الأمر قالت: “التلسكوب به عدد من الأدوات. أنا كنت أعمل على واحدة منها مع فريق عمل، وكان عملي يتركز على كاميرا الأشعة تحت الحمراء، وكيف أجعلها ترى الكواكب”.
واستطردت قائلة: “بمعنى آخر، كان لا بد أن أعرف وأفهم شكل هذه الكواكب بناء على أبحاث أخرى سابقة، وماذا يمكن أن نراه بالأشعة تحت الحمراء، لكي أقوم بهندسة جزء معين من الأداة أو الكاميرا على هذا الأساس، كي نرى هذه الكواكب ونتوسع في معرفة ما يوجد خارج المجموعة الشمسية”.
وعن رد فعلها بعد الإعلان عن أول صور التقطها التلسكوب “جيمس ويب”، قالت مريم: ” دمعت عيناي وكانت الدنيا لا تسع فرحتي، فالتلسكوب لن يفيد المجتمع العلمي فقط لكنه سيفيد الجنس البشري بشكل عام. كنت أقرأ عنه وأنا في مصر وانتظرت بفارغ الصبر عملية إطلاقه التي تأخرت، والحمد لله أنني سافرت ودرست المجال وقدمت على تدريب به، وبعدها أصبحت جزءا من فريق بحث يعمل على تطويره”.
ولم تقتصر دراسة مريم على الفيزياء الفلكية فقط، بل إنها خاضت أشواطا في دارسة الأدب أيضا، وعن هذا تقول: “حصلت على درجتي بكالريوس، الأولى في العلوم تخصص فيزياء فلكية مع تخصص ثانوي في الرياضيات، والثانية في الأدب الإنجليزي والأميركي تخصص كتابة إبداعية”.
وأضافت: “رسالة تخرجي ببكالوريوس الفيزياء الفلكية بأعلى مرتبة شرف كانت عن موضوع تقييد كثافة الإلكترونات في المجرة، حيث حددت عدد النجوم الطارقة في مجرة درب التبانة، التي تضم كوكب الأرض، المرئية بالإشعاع الجاذبي والكهرومغناطيسي لتلسكوب اسمه LISA أو (Laser Interferometer Space Antenna)”.
واستطردت قائلة: “يفترض أن LISA سيطلق عام 2034، ويرصد النجوم الطارقة والثقوب السوداء والأجسام الأخرى التي تنتج عنها موجات الجاذبية”.
وأكملت حديثها: “أما رسالة البكالوريوس في الأدب فكانت عن تطوره بشتى أنواعه ولغاته من مصر القديمة إلى مصر الحديثة، وحاليا أنا باحثة دكتوراه في فيزياء الفلك بجامعة جونز هوبكنز، وأعمل باحثة مساعدة في مجال المادة المظلمة، ومعيدة فيزياء في قسم الفيزياء والفلك بجامعة جونز هوبكنز، ومدرسة لغة إنجليزية مستقلة لطلبة الجامعة”.
أما عن تعاونها مع الجهات المصرية فقالت مريم: “تطوعت لدى وكالة الفضاء المصرية لمدة 7 أشهر كجزء من مشروع جمعية قرية القمر الدولية، حيث ترأست فريق البحث العلمي، وأحاضر عندما تتم دعوتي بالجامعات بمصر قدر المستطاع في المؤتمرات والندوات، وغطيت حدث إطلاق تلسكوب جيمس ويب باللغة العربية لصالح الجمعية المصرية للفلك، ويسعدني ويشرفني أن أفيد مصر والعالم العربي عند أي فرصة تتاح”.
وأثنت مريم على والديها قائلة “إنهما على قدر عال من الثقافة. كبرت في منزل يحث على العلم والمعرفة والفن بشكل عام. أمتن لأبي وأمي بشكل يفوق الوصف لما قدماه لي من مساعدات”.
ونصحت الباحثة المصرية الأجيال الجديدة المهتمة بمجال الفيزياء والفلك، قائلة: “نصيحتي امتداد لنصيحة أمي: افعلي ما تحبينه وما يسعدك. علم الفلك والكونيات ليس له آخر وتطبيقاته كثيرة”.
وتابعت: “علم الفلك في يومنا هذا يمكن أن تبدأه من أي مجال له ثقل في الفيزياء والرياضيات، لذلك اعمل ما تحبه وتابع برامج التدريب في وكالات الفضاء من مواقعها الإلكترونية. اسأل واستفسر”.