فى انتظار الإشارة.. اردوغان يحشد قواته لابتلاع شرق الفرات

عاد المسؤولون الأتراك من جديد لإطلاق تهديداتهم باجتياح مناطق إضافية في سورية، لكن هل يجازف الرئيس التركي رجب إردوغان بشنّ حرب على الأكراد السوريين، حلفاء واشنطن، الخطوة التي ستزيد لا محالة من التوتر مع الولايات المتحدة، التي أعلنت تعليقها مشاركة تركيا في برنامج طائرة F-35 الشبح المقاتلة، بسبب أزمة صواريخ S-400 الروسية.

“إذا لم تتم إقامة المنطقة الآمنة بشمال سورية، فستبدأ على الفور عملية عسكرية بشرق الفرات”، تلك كانت تهديدات أنقرة على لسان وزير خارجيتها جاويش أوغلو، قبل لقاء الطرف التركي مع المبعوث الأمريكي الخاص لمحاربة داعش جيمس جيفري، حيث يبدو هذا الموضع أحد أولويات السياسة الخارجية التركية في الفترة المقبلة بجانب تجنب عقوبات قاسية بعد استلام منظومة S-400، بحسب صحيفة جمهورييت.

موقع المونيتور الأمريكي، أشار إلى أن إردوغان وبعد أن راوغ لفرض تواجده بإدلب عن طريق تأجيل المعارك الجارية هناك حالياً ضد فصائل النصرة باتفاق مع روسيا عام 2018، فهو الآن يضع نصب عينيه جبهة أخرى تماماً، وهي منطقة شرق الفرات حيث تتأهب القوات التركية منذ فترة لغزو المنطقة بدعوى مكافحة عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) وعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) المكون الرئيسي لقوات سورية الديموقراطية حليفة واشنطن.

الجيش متأهب 
حسب صحيفة هابير7 الشهر الحالي، أرسلت أنقرة أكثر من 50 دبابة وبطاريات صواريخ وكتائب عسكرية إلى محيط محافظة شانلى أورفا على الحدود مع سورية، وقد ترافق ذلك بحسب صحيفة إخلاص هابير فيما بعد بإرسال وحدات خاصة من الكوماندوز مع صواريخ محمولة ومركبات مدرعة ومعدات لاعتراض الإشارات اللاسلكية إلى منطقة حسا في محافظة هاتاي، وذلك لمنع أي محاولة للاستهداف المناطق الحدودية  بالعمق التركي أثناء إجراء العملية.

صورة مسرح العمليات اكتملت بحسب المونيتور الذي أكد حشد أنقرة للواءين مدرعين و لواءين ميكانيكيين وكذلك لواءين من الكوماندوز على جبهة سروتش-آكجاكالى حيث تتخذ وضعية هجومية على مدى 40 كيلو متراً قرب الحدود مع سورية، كما أن إجراءت أنقرة شملت كذلك إلغاء أجازات الجنود على الجبهة، والقيام بالتصعيد العسكري ضد مدينة كوباني التي يسيطر عليها الأكراد.

القوات بحسب إخلاص هابير تنتظر إشارة البدء من خلوصي آكار وزير الدفاع وكلاً من رئيس الأركان جولر ياشار وباقي قيادات الأركان البرية والبحرية والجوية، والذين يتواجدون للتفتيش على جاهزية القوات المتواجدة بمحافظة هاتاي انتظاراً لقرار إردوغان بالبدء في اقتحام المنطقة.

صحيفة هابير 7 أشارت إلى أن حكومة العدالة والتنمية تروج لطموحاتها الجديدة في ابتلاع باقي أراضي الشمال السوري بحجة حدوث اجتماع سري عقدته الأمم المتحدة وناقشت فيه  مع ممثلين لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي مسألة استعمالهم للأطفال في الحرب حيث دعتهم إلى عدم استخدامهم ضمن صفوفهم من أجل القتال، وهو ما يعطي التدخل التركي مشروعية حسب إدعاءات أنقرة.

حرب تصريحات
حسب إذاعة دويتشه فيله الناطقة بالتركية فقد اقترحت أنقرة في الاجتماع الذي عقد بين آكار ومساعد وزير الخارجية سادات أونال والمتحدث باسم رئاسة الجمهورية إبراهيم كالن من جهة وجيفري من جهة أخرى، توسيع مجال تواجدها العسكري في الشمال الغربي لسوريا من خلال خطة أعدتها وعرضتها على الطرف الأمريكي عرفت بـ “خارطة الطريق لمنبج”، حيث دعت إلى تطبيقها بأسرع وقت.

الطرف الأمريكي وأمام رغبة أنقرة في غزو المنطقة وإدارة المنطقة الآمنة المزمع تكوينها صرح أنه لابد من التمهل والقيام بالعديد من الاجتماعات بين المسؤولين العسكريين لتقييم الأمر، وهو الأمر الذي أثار المسؤولين الأتراك ليطلقوا إدعاءاتهم بضرورة التحرك بسرعة حيث صرح آكار أن تركيا لم يعد بإمكانها تحمل هذا الوضع، ففي إشارة إلى تواجد قوات الاتحاد الديموقراطي في منبج بجانب عدم قيام واشنطن بجمع الأسلحة الثقيلة التي أعطتها للحزب لمكافحة داعش كما اتفقت مع أنقرة من قبل.
أما مولود تشاويش أوغلو فقد صرح قائلاً “الاقتراحات الأمريكية غير مطمئنة بالنسبة لنا على الإطلاق، لقد اعتدنا على هذا الإلتفاف عند الحديث عن وضع منبج” ثم أكمل “لابد الكف عن هذا الإلتفاف، إن صبرنا ينفذ، كان لابد من التفاوض حول المنطقة الآمنة منذ فترة”.

يذكر أن جيفري كان قد صدم أنقرة من قبل حينما أكد على أن قوات الاتحاد الديموقراطي شريك للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، متعهداً بعدم المساس بأمنهم، حيث صرح حسب صحيفة روداو قائلاً “لانريد أن يتعرض شركاؤنا الأكراد الذين يمثلون العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية لأي ضرر، لذا نقوم بالعمل على الحصول التعهدات اللازمة من كل الأفراد بخصوص هذا الشأن”.

العقبات الخمس
حسب المونيتور، فإنه بالإضافة إلى أن المعسكر التركي نفسه منقسم حول ما إذا كان يجب الوثوق بإدارة ترامب أولا فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة، خاصة أن تحركات الرئيس الأمريكي قد تدفع بإجبار انقرة على الاعتراف بشرعية تواجد قوات الاتحاد الديمقراطي في باقي الأراضي السورية، عند الموافقة على المقترح الأمريكي الساعي إلى إنشاء منطقة آمنة في مثلث كوباني-تل أبيض-عين عيسى الموازي لمنبج، خاصة أنه يعمل على موافقة الاتحاد الديموقراطي بهذا الأمر.

لكن المعضلة أن أنقرة مجبرة على التنسيق مع واشنطن بهذا الشأن، فالقيام بتصرف أحادي يعني عدم حصول الطائرات التركية سواءً أو عمودية أو مسيرة على تصريح بالطيران فوق منطقة المعارك، حيث لن تسمح أمريكا بهذا الأمر، والعسكريون الأتراك يدركون درس معارك درع الفرات -أغسطس 2016-جيداً حيث حسمت بسهولة بواسطة الغطاء الجوي الذي أعطي الضوء الأخضر الأمريكي.

العقبة الأهم حسب المونيتور تتعلق بخمس نقاط أساسية، وهي أولاً إصرار أنقرة على أن تمتد المنطقة العازلة من جرابلس حتى أكجاكالى بعمق 40 كيلومتراً، بحيث تؤمن قواتها على الأرض من هجمات قذائف الهاوتزر، كما أن ذلك سيغنيها عن الحاجة لدعم جوي قريب لنقاط المراقبة التركية في المنطقة العازلة بتلك الحالة، لكن هذا الأمر يقابله إصرار كردي على المقترح الأمريكي لتكون بعمق 10 كيلومتراً، وتصبح بموجبها شمال الشمال السوري في يد تركيا، بينما الجنوب يسيطر عليه الأكراد ويفصل بينهما في تلك الحالة نهر حجور، كذلك يتسعر الخلاف حول الأسلحة الثقيلة التي تصر أنقرة على سحبها لمدى 20 كيلومتراً من المنطقة العازلة مقابل الإصرار على تواجدها من جانب الأكراد لحماية الشعب الكردي في تلك المنطقة.

العقبة الأخرى تكمن في رغبة أنقرة في إدارة التجمعات الحضرية مثل كوباني وتل أبيض لتحتلها على غرار عفرين وتطرد منها الأكراد بحجة أنها مناطق ذات أغلبيات عربية أساساً، لكن الأكراد يرفضون الانسحاب من الإدارة المحلية لتلك المناطق حتى مع تطبيق اتفاق المنطقة الآمنة.
العقبة الثالثة تكمن في رغبة أنقرة بانسحاب الأمريكان من المجال الجوي السوري لتؤمن وحدها المنطقة العازلة، في مقابل إصرار الأكراد على إعلان حظر طيران بالمنطقة تخوفاً من ضربات أنقرة العسكرية التي قد توقع بالمدنيين بحجة ملاحقة العمال الكردستاني، كما تفعل في القرى الحدودية بكردستان العراق وتوقع عشرات المدنيين، مثل قرية آرادين.

العقبة الرابعة تتعلق بإشراك أنقرة لميليشياتها غير المنضبطة في تكوين وإدارة أجزاء من المنطقة العازلة، في ظل رفض للأكراد بسبب الفظائع التي ارتكبوها في عفرين وتهجير أغلب سكانها كما وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

العقبة الأخيرة، وتتعلق بتخوف أنقرة من دعوة واشنطن للشركاء الدوليين من أجل فصل ومراقبة الحدود المتفق عليها بين القوات التركية والأكراد في الشمال السوري، وما سيؤديه ذلك من شل أيادي أنقرة وميليشياتها في القيام بأي عمليات تهجير أو انتهاكات كون ذلك سيكون موثقاً كجرائم حرب ضد الأتراك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار