“معلومات الوزراء” يستعرض أهم المبادرات الدولية لترشيد استهلاك الطاقة
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقرير جديد تحت عنوان ” ترشيد الطاقة هو الوضع المعتاد الجديد”، تناول خلاله كيفية تحقيق كفاءة الطاقة، وأهم الاستراتيجيات الدولية في هذا المجال.
أشار التقرير إلى أن ترشيد استهلاك الكهرباء في المنازل هي الطريقة السريعة لتوفير الطاقة، حيث تمثل الكهرباء والوقود المستخدمان في تدفئة المنازل وتبريدها وإنارتها ما يقرب من 40% من استهلاك الطاقة في أوروبا وهي مسؤولة عن نحو 35% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتُعد المنازل أكبر مستهلك للطاقة، لذا، فإن جعلها أكثر كفاءة يمكن أن يكون له تأثير كبير على تحقيق الأهداف المناخية، كما يساعد ترشيد استهلاك الطاقة في تقليل تأثير الانبعاثات على البيئة، وذلك لأنه يتم توليد نسبة كبيرة من الكهرباء، من خلال الفحم أو النفط الخام أو أنواع الوقود الأحفوري الأخرى، لذا من الضروري أن يتم إيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية داخل بيئة العمل عندما لا يتم استخدامها، وخلافًا للاعتقاد الشائع، فإن إيقاف تشغيل الكمبيوتر في نهاية اليوم لن يقصر من عمره بل يمكن أن يوفر الكثير من الطاقة، وبالتالي يمكن أن يساعد توفير الطاقة داخل المكتب في تقليل فاتورة الطاقة للشركة ككل وتقليل مساهمتها في انبعاثات غاز الاحتباس الحراري.
ولفت التقرير الانتباه إلى العديد من الاستراتيجيات الدولية ومنها؛ “الولايات المتحدة” حيث تشير خطة برنامج الهيدروجين التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE)، إلى أن الوزارة تتجه بخطى جادة نحو وضع نظام مؤسسي شامل للهيدروجين في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتضمن مبادرة الحكومة الفيدرالية الأمريكية التي تتعلق بالهيدروجين كمصدر للوقود، حشد الجهود لتوفير التمويل اللازم؛ من خلال تعهد وزارة الطاقة بتوفير استثمارات بقيمة 100 مليون دولار أمريكي.
وعن استراتيجية “الاتحاد الأوروبي” للتحول نحو قطاع تدفئة وتبريد فعَّال ومستدام، ذكر التقرير أن قطاع التدفئة والتبريد يستحوذ على 50% من استهلاك الطاقة السنوي في “الاتحاد الأوروبي”؛ حيث يمثل 13% من استهلاك النفط، و59% من إجمالي استهلاك الغاز (الاستخدام المباشر فقط)، وهو ما يعادل 68% من جميع واردات الغاز، في هذا السياق، ومن أجل تقليل تسرب الطاقة من المباني، وزيادة الكفاءة إلى أقصى حد، وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة، قدمت “المفوضية الأوروبية” أول استراتيجية لتحسين التدفئة والتبريد في المباني والصناعات، والتي تحدد الإجراءات التالية؛ تسهيل ترميم المباني، وزيادة حصة الطاقات المتجددة، وإعادة استخدام مخلفات الطاقة من الصناعة، إشراك المستهلكين والصناعات.
وبخصوص الاستراتيجية الصينية، فإن خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الخمسية للصين (FYPs) توفر إطار عمل لتخطيط برامج كفاءة الطاقة وتطوير السياسات، فيما تقوم الحكومة بإصدار خطط عمل تفصيلية لكفاءة الطاقة وخفض الانبعاثات، تغطي القطاعات والسياسات والبرامج الرئيسة وتشمل الأهداف التفصيلية، وتوزيع المسؤوليات، حيث يتم دعم جهود كفاءة الطاقة بعدة طرق؛ من خلال: دعم المشروعات الاستثمارية؛ في إطار برنامج الحكومة للقضاء التخلف الصناعي، والطاقات المهدرة، إضافة إلى المعاملة الضريبية التفضيلية؛ والتي تتضمن الإعفاء من تعريفة الاستيراد أو ضريبة القيمة المضافة على الواردات لبعض السلع المرتبطة بكفاءة الطاقة، والإعفاءات المؤقتة لضريبة دخل الشركات، وأيضاً الترويج للتكنولوجيا الجديدة، وكفاءة الطاقة في القطاع الصناعي وقطاع البناء.
أما بشأن الاستراتيجية اليابانية، فقد تبنت اليابان في 26 ديسمبر 2017، استراتيجية للهيدروجين؛ تمثل اتجاهها ورؤيتها لتحقيق مجتمع قائم على الهيدروجين، وتقدم خطة عمل لتحقيق ذلك، وتهدف اليابان بحلول عام 2030، إلى إنتاج سلاسل توريد على نطاق تجاري لتوليد 300 ألف طن من الهيدروجين سنويًا، وتقليل تكلفة الهيدروجين، كما تهدف الدولة أيضًا إلى استهداف سلاسل التوريد الدولية وإنتاج الهيدروجين بأسعار دولية تنافسية اعتبارًا من عام 2030.
واستعرض تقرير المركز أهم المبادرات الحكومية العالمية لجعل المنتجات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة ومنها؛ المملكة المتحدة ووكالة الطاقة الدولية حيث أطلقت عام 2021 مبادرة عالمية لمضاعفة كفاءة المنتجات الرئيسة المتداولة دوليًا بحلول عام 2030، ومبادرة “المباني الذكية مناخيًّا” التي أطلقها البيت الأبيض، ومبادرة “أسبوع توفير الطاقة” لمواجهة ارتفاع الأسعار والتي أطلقتها بريطانيا، إضافة إلى تكثيف الهند مبادراتها لتعزيز ترشيد الطاقة، كما تبنت هيئة طرق دبي مبادرة “النقل العام الموفر للطاقة في دبي”، ومبادرة “الصحراء إلى الطاقة” التي أطلقها بنك التنمية الإفريقي.
وسلط تقرير مركز المعلومات الضوء على إطلاق مصر مبادرة لترشيد استهلاك الكهرباء للحفاظ على الاحتياطات الأجنبية، في أغسطس 2022 جاء الإعلان بأن مصر ستطبق برنامجًا لخفض استهلاك الكهرباء في محاولة لزيادة صادرات الغاز الطبيعي وزيادة احتياطات النقد الأجنبي. فكلما تم تقليل استهلاك الكهرباء، كلما وفرت البلاد العملة الصعبة.
وتطرق التقرير إلى أنه في عام 2022، أصبحت شركة “كرم سولار” أول شركة خاصة تحصل على تصريح لتوزيع الكهرباء في مدينة مرسى علم من قِبل “هيئة تنظيم الكهرباء المصرية”، وبناءً على ذلك، أطلقت الشركة “شبكة مرسى علم للطاقة الشمسية”، وهي الحل الإقليمي الأول من نوعه للطاقة والذي يهدف إلى تزويد المنتجعات في جميع أنحاء مرسى علم بالطاقة من خلال الاتصال بالشبكة الوطنية والطاقة الشمسية، ويرجع السبب الذي جعل مرسى علم وجهة جذابة لمشروع “كرم سولار” إلى مكانتها كوجهة سياحية مزدهرة، فضلًا عن كونها موقعًا خارج شبكة التوزيع، الأمر الذي يجعل المصدر الأساسي للطاقة في مرسى علم هو مولدات الديزل، وقد تسبب هذا الأمر في مشكلة كبيرة للعديد من سكان المدينة، خاصة وأن مولدات الديزل تُعد مصدرًا إشكاليًا للطاقة نظرًا لأنها تسبب أنواعًا مختلفة من التلوث.
كما أبرز التقرير أهم مبادرات الشركات للتحويل للطاقة النظيفة ومنها، شركة “تويلف” والتي حولت ثاني أكسيد الكربون إلى وقود ونظارات شمسية، وشركة “هيليوجين” والتي قامت بالقصاء على الحاجة إلى الوقود الأحفوري في الصناعات، وشركة “إيه إي إس” التي كثفت جهودها لتوسيع نطاق الطاقة النظيفة، وقيام شركة “سبان” بإنتاج لوحات كهربائية ذكية مناخيًّا، بالإضافة إلى قيام شركة “إنيرجي نيست” بتطوير بطاريات حرارية لتحقيق مرونة جديدة في الطاقة النظيفة.
كما أشار التقرير إلى إطلاق الولايات المتحدة الأمريكية مبادرة جديدة لتشجيع السكان على استهلاك الطاقة النظيفة، وخفض فواتير الكهرباء، فضلًا عن توفير وظائف جيدة الأجر في صناعة الطاقة الشمسية المحلية، كما أطلقت المملكة المتحدة برنامج “الطاقة لسكان لندن” والذي يسعى إلى تحقيق ثلاث غايات رئيسة وهي: جعل منازل لندن دافئة وصحية بأسعار مناسبة، وجعل أماكن العمل أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، وتزويد العاصمة بمزيد من الطاقة النظيفة المحلية، بالإضافة إلى قيام العاصمة الدنماركية كوبنهاجن بوضع “خطة مناخية جديدة” لتصبح من خلالها أول عاصمة خالية من الكربون بحلول عام 2025؛ حيث تنص الخطة على أن المشروعات يجب أن تؤمن وتُحسن نوعية الحياة في المدينة وأن تخلق فرصًا للابتكار والوظائف والنمو الأخضر، كما قامت شركة “بلوك باور” بجعل مدينة “إيثاكا” الأمريكية أول مدينة خالية من انبعاثات الكربون في البلاد.
وأبرز التقرير أهم مبادرات الأفراد والمجتمع المدني لترشيد استهلاك الطاقة، ففي المؤتمر العالمي السنوي السابع لـ “الوكالة الدولية للطاقة” حول كفاءة الطاقة، اتفق وزراء الطاقة من جميع أنحاء العالم على أن كفاءة الطاقة وإجراءات جانب الطلب تؤدي دورًا مهمًا بشكل خاص في الوقت الحالي؛ نظرًا لارتفاع أسعار الطاقة العالمية وتقلبها؛ مما يلحق الضرر بالأسر والصناعات والاقتصادات بكاملها.
ودعت الوكالة جميع الحكومات والصناعة والمؤسسات وأصحاب المصلحة إلى تعزيز إجراءاتهم بشأن كفاءة الطاقة، وفي هذا السياق، يمكن للحملات التوعوية جيدة التصميم أن تحفز الأفراد على تقليل استخدامهم للطاقة، فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة الأمريكية، تشير بعض التقديرات إلى أنه يمكن توفير ما يصل إلى 20% من الطلب على الطاقة المنزلية بإجراء بعض التغيرات السلوكية في القطاع السكني.
وتشير أحد التقديرات الخاصة بالهند إلى أن إمكانية توفير الطاقة من خلال التعديلات السلوكية ستكون في حدود 3.4 إلى 10.2 تيراواط/ ساعة سنويًا بحلول عام 2030.
كما أطلقت وزارة الاقتصاد والعمل المناخي الألمانية حملة توعية للمواطنين تُسمى “80 مليونًا معًا من أجل تغيير الطاقة”، من أجل دفع الألمان للحفاظ على الطاقة لتقليل اعتماد البلاد على مصادر الطاقة المستوردة، بحيث تقوم الحملة بالإعلان في الأماكن التي يتجمع فيها الكثير من الأفراد سواء أكان ذلك في المحطات الرئيسة أو عبر الإنترنت.