نص كلمة رئيسة حزب “الدستور” خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي للجنة الحريات بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بشأن القضية الفلسطينية

ألقت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، ممثلة عن الأحزاب المصرية، كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر السنوي للجنة الحريات في النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر. وذلك في الفاعلية التي تناقش القضية الفلسطينية.

 

ويشارك في المؤتمر السيد عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق،
والرئيس اليمني السابق علي ناصر محمد، والأستاذ عبد الله السناوي، والأستاذ فريد زهران رئيس الحزب الاجتماعي الديموقراطي. والسفير عبد الله الأشعل، وذلك في مقر الاتحاد بالزمالك.

وقالت “إسماعيل” في نص كلمتها، السيدات والسادة الحضور، تحيةً طيبةً، وتحيةً للدكتور علاء عبد الهادي، الشاعر والناقد. وللشاعر الأستاذ مصباح المهدي، وتحيةً للدكتورة صباح و لاتحاد الكتاب ونقابته على هذه الدعوة الكريمة، وتحية للحضور على المنصة، متسائلة: ماذا يمكنُ أن نقولَ اليوم؟ ولماذا أصبحنا أحيانًا نخافُ من الكلام؟
نخافُ من الكلام، ليس لأن المستبدين يزعجُهم الكلامُ، ولا لأن تجارَ القضايا ومحترفي المزايدة يبتذلون الكلام/ لكن لأن الكلامَ يفقدُ قدرتَهُ على الكشفِ حين يكون مثلَ المضادِ الحيوي/ يسكّنُ الألمَ بعد أن يُعطلَ المناعة.

وأضافت، ونحنُ تعطلتْ مناعتُنا مرارًا حين مرتْ علينا كل الكوارثِ بالمضاداتِ الحيوية/ بالهتافِ والصراخِ والحناجرِ الملتهبة/ بينما مناعتُنا نائمة، وحياتُنا ميلودراما سخيفة/ ومعاركُنا السياسيةُ مجرد ساحةٍ مملةٍ نطلقُ فيها الشتائمَ من منصاتٍ متخيلة. وفي النهايةِ لا شيء، متابعة: نكتب و نتشاجر و نختلف و نتفق و نتكلم ثم ننامُ، ونحن نشعرُ أن كلَ شيءٍ على ما يرام، بينما حياتُنا ليستْ على ما يرام.

 

وتابعت: لم تعدْ الحيلُ التي اخترعناها كافيةً، ولا التواطؤُ كافيًا لنشعرَ بالرضا والفخرِ الذي تمتلؤ به القصائد و الأناشيدُ، وتزدحمُ به الشاشاتُ، وتنتفخُ به ذوات تعيش في غيبوبة سكان الكهف، مستطردة، هذا ما كنتُ أتحدثُ بشأنهِ أمس مع زملائي في الحزب وعددٍ من الأصدقاء في الأحزابِ السياسيةِ المصرية،
ونتساءل ماذا يمكنُ أن نقولَ عن عالم ما بعد السابع من أكتوبر؟ هذا العالمُ الجديد، كيف يمكنُنا وصفَ نضالِ الشعبِ الفلسطيني؟ ومتى تنتهي معاناتُه؟ وهل انتصر ؟ هل سينتصرُ وكيف؟
هل يفيدُ الكلامُ القديم؟ وكيف تغيرتْ لغةُ وخيالُ وخطابُ وسياسةُ عالم ما بعد السابعِ من أكتوبر؟ ماذا يمكنُ أن نطرحَ اليومَ من خلالِ الحديثِ في هذا المؤتمر بجلساته القادمة؟

 

واستطردت رئيسية حزب الدستور، يكشفُ الكلامُ لنا اليومَ أنه حتى اللغةَ تغيرتْ بعد ٧ أكتوبر، والخيالُ أيضًا يتغير، لم تعدْ كل البنى السياسيةُ والآيديولوجيةُ والمدارسُ التقليديةُ في التحليلِ السياسي قادرةً على وصف اللحظة بتعبيراتٍ مستهلكةٍ، يقفُ العالمُ القديم عاجزًا عن فهمِ ما يحدثُ منذ أن كسر خيالٌ يشبهُ الألعابَ الإلكترونيةَ الجدارَ والمحميات الإسرائيلية و الألة العسكرية الصهيونية، ووقفتْ كلُ المنظماتِ الدوليةِ التي قامت بعد الحرب العالمية الثانية عاجزةً لتلعبُ دورَ المنتصرينَ المتعاطفين مع ضحاياهم.

 

واستكملت، لم تستطعْ المؤسساتُ القائمةُ على الهوياتِ القوميةِ أن تغادرَ دورَ المؤدى الصامت، بينما حكوماتُ العالمِ الذي يصفُ نفسهُ بالحرِ والمتحضرِ لا تخجلُ من ضلوعِها في جرائمِ الإبادةِ الجماعيةِ، ودفنِ قضيةِ شعبٍ يعلمُنا كلَ يومٍ كيفَ نتمسكُ بحقوقِنا ووجودِنا أحرارًا رغم الأوضاعِ البائسة.

 

وأضافت، لم يفهمْ الخيالُ السياسي المستهلكِ الذى نعرفه كأجيال ما قبل السابع من أكتوبر؛ لماذا لا يحبُ الفلسطينيون أن يتعاملَ معهم العالمُ كأنهم ضحايا، لأنهم ليسوا ضحايا. بل هم مقاتلون من أجلِ الحياة، ولم يمكنُنا الخيالُ السياسيُ المستهلكُ، والكلامُ القديمُ الذى نجيده من فهمِ الطيفِ الواسعِ الذي تضامنَ مع الفلسطينيين
تضامنًا غيرِ مسبوق، حتى الأجيالُ التي اتُهِمت دائمًا بأنهم غارقةٌ في الاستهلاكِ والتفاهةِ تقودُ المعركةَ اليوم، وتحققُ مكاسبَ كبرى.

 

واختتمت جميلة إسماعيل، قائلة: طيفٌ واسعٌ من جماعاتٍ متعددة ومتنوعةِ الديانات والهويات والقضايا يهتفون: الحرية لفلسطين ..free Palestine
، متسائلة هل يقودنا الكلامُ إلى اكتشافِ الرابطةِ الجديدةِ التي وُلدت من مشاهدتنا، نحنُ وأجيال المستقبلِ للمجزرةِ على الهواءِ عبر البثِ المباشر؟ وهل ندركُ أن هذا الخيالَ الجديد الذي يتمددُ على مهلٍ سيعيدُ تشكيلَ العالم؟ أو بتعبيرٍ أدق روحَ العالمِ الذي يقاومُ عصابات احتكارِ السلطةِ والثروةِ والسلاح؟ وأخيرًا نتمنى أن تجدَ هذه التساؤلات موضعًا فى مناقشاتِ اليوم. وأن
تجدَ لغةُ وخيالُ وخطابُ وسياسةُ عالمَ ما بعد السابع من أكتوبر نصيبًا من التأملِ والتحليلِ من جانبِ المتحدثات والمتحدثين في الجلساتِ التالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار