حقيقة اتفاق السلام المزعوم بين إثيوبيا والصومال برعاية تركيا

في الأيام الأخيرة، تداولت وسائل الإعلام تقارير تشير إلى توقيع اتفاق سلام “تاريخي” بين إثيوبيا والصومال برعاية تركيا.

الإعلان جاء خلال مؤتمر صحفي في أنقرة، حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الاتفاق يُعد خطوة كبيرة نحو إنهاء التوترات بين البلدين وفتح صفحة جديدة للتعاون والسلام.

كان المؤتمر بحضور الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد.

ومع ذلك، أظهرت تحريات لاحقة وتدقيق في المصادر الرسمية أن هذه التقارير قد لا تكون دقيقة كما أُشيع.

فقد نفت وسائل الإعلام الصومالية الرسمية، وعلى رأسها صحيفة “الأخبار الصومالية”، صحة هذه الادعاءات.

وأكدت الصحيفة أن الرئيس الصومالي لم يلتقِ برئيس الوزراء الإثيوبي ولم يبرم أي اتفاقيات معه. كما شددت على موقف الصومال الثابت الذي يرفض تقسيم أراضيه ويؤكد على سيادة البلاد ووحدتها.

الأمر اللافت هو غياب أي إعلان رسمي عن هذا الاتفاق في المنصات الحكومية الصومالية. فالمواقع الإخبارية المعتمدة، مثل موقع “قراءات صومالية”، لم تذكر شيئًا عن التوصل إلى اتفاق، بل استمرت في انتقاد سياسات الحكومة الإثيوبية تجاه الصومال. هذه الانتقادات المستمرة تعكس بوضوح أن أجواء التوتر لم تُحل بعد، وهو ما يتناقض مع الرواية التركية عن توقيع اتفاق سلام.

أما الصور التي نشرتها الرئاسة التركية، والتي قُدمت كدليل على نجاح المفاوضات، فقد تبين لاحقًا أنها صور قديمة تعود إلى جولات سابقة من المباحثات جرت في يناير وأغسطس من هذا العام. الأمر أثار تساؤلات حول دقة المزاعم المتعلقة باتفاق السلام الجديد، خاصة مع غياب أي تصريحات أو توثيق من الجانب الصومالي أو الإثيوبي يدعم هذه المزاعم.

على الجانب الإثيوبي، لم تصدر الحكومة الإثيوبية أي تأكيدات رسمية بشأن الاتفاق المزعوم. وفي ظل غياب الشفافية حول تفاصيل هذا الإعلان، يبقى الوضع غير واضح، مما يعزز الشكوك بشأن صحة الأخبار المتداولة.

يأتي هذا الالتباس في وقت حساس تشهده العلاقات بين إثيوبيا والصومال، حيث تتشابك التوترات الحدودية والمصالح الإقليمية. ومن المعروف أن الصومال طالما عبرت عن قلقها من السياسات الإثيوبية، خصوصًا فيما يتعلق بدعم الميليشيات المحلية وتأثيرها على استقرار المنطقة.

ورغم المساعي التركية المستمرة للعب دور الوسيط في القضايا الإقليمية، إلا أن هذه الحادثة تُلقي الضوء على أهمية التحقق من الأخبار قبل تبنيها. كما تبرز الحاجة إلى دبلوماسية شفافة ومباشرة تعكس حقائق الأوضاع على الأرض بدلاً من الاعتماد على صور قديمة أو تصريحات غير مدعومة بالأدلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!