وزير الخارجية الأمريكي يرسم صليبًا على جبهته خلال لقاء تلفزيوني: عادة دينية أم إشارة سياسية؟

أثار ظهور وزير الخارجية الأمريكي بعلامة صليب مرسومة على جبهته خلال لقاء تلفزيوني حديثًا جدلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتقد البعض أن هذه العلامة تحمل دلالات سياسية أو إشارة إلى ما يُعرف تاريخيًا بـ”الحروب الصليبية” التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ قرون.
لكن حقيقة الأمر أن الصليب المرسوم على جبهة الوزير الأمريكي يعود إلى عادة دينية متجذرة في العديد من الطوائف المسيحية الغربية، وذلك بمناسبة “أربعاء الرماد” (Ash Wednesday)، وهو يوم مقدس يُعتبر بداية الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح أو عيد القيامة.
أربعاء الرماد: طقوس دينية ورمزية روحية
يحتفل المسيحيون في العديد من الطوائف، مثل الكاثوليك واللوثريين والمورافيين والأنجليكان (الأسقفيين) والبروتستانت المتحدين والمعمدانيين، بيوم أربعاء الرماد كبداية لفترة الصوم الكبير. وتتمثل إحدى العادات الرئيسية في هذا اليوم في وضع الرماد على الجبهة بشكل صليب، كرمز للتوبة والصلاة والتذكير بزوال الحياة الدنيا.
يُحضَّر الرماد عادةً من حرق سعف النخيل الذي استُخدم في احتفالات “أحد الشعانين” من العام السابق. وتعود جذور هذه العادة إلى العصور التوراتية، حيث كان الرماد يُستخدم كعلامة على التوبة والحزن والندم، كما ورد في نصوص العهد القديم.
تاريخ العادة وتطورها
بحلول نهاية القرن العاشر، أصبحت عادة وضع الرماد في أربعاء الرماس شائعة في أوروبا الغربية. وفي عام 1091، أمر البابا أوربان الثاني بتعميم هذه الممارسة في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا اليوم معروفًا باسم “Feria Quarta Cinerum” (أربعاء الرماد) في الكتب الليتورجية.
أربعاء الرماس حول العالم
في بعض الدول، مثل جمهورية أيرلندا، يُعتبر يوم أربعاء الرماد يومًا وطنيًا للامتناع عن التدخين، حيث يرتبط الإقلاع عن التدخين بالتخلي عن الرفاهية خلال فترة الصوم الكبير. وفي المملكة المتحدة، بدأ الاحتفال بيوم الامتناع عن التدخين في أربعاء الرماد عام 1984، ويُحتفل به الآن في ثاني أربعاء من شهر مارس.
من الجدير بالذكر أن الكنائس الشرقية الأرثوذكسية لا تحتفل بأربعاء الرماد، باستثناء بعض المجتمعات الأرثوذكسية في الغرب التي تحتفل به في تواريخ مختلفة وفقًا لتقويمها الخاص.
بينما أثارت علامة الصليب على جبهة وزير الخارجية الأمريكي تساؤلات حول دلالاتها السياسية، فإنها في الواقع تعكس ممارسة دينية عميقة الجذور في الثقافة المسيحية الغربية، تُذكر المؤمنين بالتوبة والتواضع وروحانية الصوم الكبير.




