حزب المحافظين ينظم قراءة قانونية شاملة لقانون العمل الجديد بالشراكة مع المؤسسات القانونية

نظمت الهيئة التشريعية بحزب المحافظين، بالتعاون مع المؤسسة العربية للمحاماة والأكاديمية العربية لفض المنازعات، جلسة نقاشية موسعة لتحليل قانون العمل الجديد، بهدف تقييم فلسفته التشريعية وإسهاماته في تطوير البنية القانونية المصرية. جاءت الفعالية ضمن سلسلة قراءات قانونية تعتمد على أوراق بحثية أعدها فريق من الخبراء والمحامين لتحديد الإيجابيات والسلبيات تمهيدًا لصياغة مقترحات للائحة التنفيذية.
نقاش حول العلاقة بين القانون والسلم المجتمعي
أكد محمد تركي، عضو المجلس الرئاسي للحزب، أن النقاش حول قانون العمل يختلف عن السابق نظرًا لارتباطه المباشر باستقرار المجتمع، قائلًا: “علاقات العمل تُمسك بجذور السلم المجتمعي، لذا نحرص على قراءة شاملة تدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية”.
من جانبه، أوضح عبدالرحمن الحديدي، رئيس الهيئة التشريعية بالحزب، أن القوانين المنظمة لعلاقة الفرد بالدولة تُعد ركيزة أساسية في الدول النامية لضمان الحد الأدنى من العيش الكريم، مشيرًا إلى أهمية موازنة دور القطاع الخاص بين “خلق فرص عمل ومنع هيمنة بعض الشركات على العمال”.
توعية المجتمع وقراءة النصوص بمنظور عملي
بدوره، شدد شعبان علم الدين، رئيس المؤسسة العربية للمحاماة والأكاديمية العربية لفض المنازعات، على ضرورة رفع الوعي المجتمعي بنصوص القانون الجديد لتفادي تحولها إلى “حبر على ورق”، لافتًا إلى أن التشريعات العمالية في الدول الرأسمالية تهدف لحماية العامل من سيطرة أرباب العمل.
وكشف عن محاور النقاش الرئيسية، والتي تشمل:
– الحقوق النسوية وبنود الإجازات.
– تنظيم عقود العمل عن بُعد كتطور تشريعي غير مسبوق.
– آليات فض المنازعات والتحكيم.
– السياسات العقابية وضوابطها.
قانون العمل الجديد يُحدث طفرة في حقوق المرأة العاملة بحسب الخبيرة القانونية نورا إبراهيم
وصفت الدكتورة نورا إبراهيم، من المؤسسة العربية للمحاماة، قانون العمل المصري الجديد بأنه “خطوة تاريخية” لدعم حقوق المرأة العاملة، معتبرة أن المواد من 53 إلى 60 تمثل طفرة تشريعية تعكس التزامًا بتحقيق العدالة ومواءمة التحديات الأسرية والمهنية. جاء ذلك خلال تحليلها للإصلاحات التي شملتها النسخة الجديدة من القانون، والتي ركزت على تعزيز الحماية الاجتماعية والمهنية للنساء.
أشارت إبراهيم إلى أن المادة (54) من القانون الجديد رفعت مدة إجازة الوضع إلى أربعة أشهر مدفوعة الأجر، مقارنة بـ 90 يومًا في التشريع السابق، مع تحديد الاستحقاق بثلاث مرات كحد أقصى خلال مدة الخدمة. كما منحت الحامل تخفيضًا في ساعات العمل بدءًا من الشهر السادس، ومنعت تكليفها بساعات إضافية حتى نهاية السنة الأولى بعد الولادة، ما يُقلل الضغوط الصحية والنفسية.
أوضحت أن المادة (60) حافظت على اشتراط توفير حضانة في أماكن العمل إذا تجاوز عدد العاملات 100 عاملة، لكنها أضافت آلية تنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لتوفير بديل في حال تعذر الإنشاء، وذلك مقارنة بالنص القديم (المادة 95) الذي لم يُقدم حلولًا بديلة، مما كان يُعرقل توظيف النساء في بعض القطاعات.
سلطت الضوء على المادة (55) التي تضمن للمرأة العودة إلى وظيفتها أو ما يعادلها بعد إجازة الوضع، مع حظر فصلها أثناء الإجازة أو بسببها، وهو حق لم يُنص عليه بوضوح في القانون السابق. لكنها لفتت إلى استمرار شرطية الحماية؛ حيث تفقد العاملة حق التعويض إذا عملت لدى جهة أخرى خلال الإجازة.
أكدت إبراهيم أن المادة (53) تجاوزت النص القديم (المادة 88) في شمولية منع التمييز، حيث نصت على المساواة في الأجر بجميع عناصره (نقدية أو عينية) مقابل العمل ذي القيمة المتساوية، مع إلزامية استشارة المجالس القومية للمرأة والأمومة عند تحديد المهن المحظورة على النساء، مما يعزز الشفافية في تطبيق النصوص.
قانون العمل الجديد في مصر 2025 يدعم المرونة الوظيفية ويُدخل عقود عمل غير تقليدية
وعرض شعبان علم الدين، بجث المحامية آية سيد، المتدربة بالمؤسسة العربية للمحاماة، والتى أشارت إلى أن قانون العمل المصري الجديد (رقم 14 لسنة 2025) يُعد نقلة نوعية في تنظيم علاقات العمل، عبر إدخال أنماط عمل مرنة وغير تقليدية تواكب التطورات العالمية، وتراعي مصالح العمال وأصحاب الأعمال على حد سواء.
حيث أبرزت المادة (96) من القانون ثلاثة أنماط عمل رئيسية:
1. العمل عن بُعد: أداء المهام خارج مقر العمل باستخدام التقنيات الحديثة، مما يقلل التكاليف التشغيلية، ويدعم التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، ويسهم في تمكين المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة.
2. العمل المرن: تنفيذ المهام في أوقات غير متصلة أو بعدد ساعات أقل، مع حرية الاتفاق على التفاصيل بين الطرفين، ما يعزز الكفاءة ويدعم الطلاب أو من يرغبون في دخل إضافي.
3. تقاسم العمل: توزيع المهام بين أكثر من شخص يتقاسمان الأجر والأدوار، وهو ما يُناسب الوظائف التي تحتاج إلى تخصصات متعددة.
كما أشارت الدراسة إلى أن هذه الأنماط تعكس سعي المشرع لمواكبة متطلبات الاقتصاد الحديث، مع الحفاظ على حقوق الأطراف. وأكدت أن نجاحها مرهون بضمان تطبيق عادل، وتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتفعيل اللوائح التنفيذية، ما يسهم في جعل سوق العمل المصري أكثر جذبًا للاستثمارات.
قانون العمل الجديد يُعزز الوساطة لتسوية المنازعات العمالية بديلًا عن التقليد القضائي
—
أكد الخبير القانوني محمد عبدالقادر، منسق إداري مساعد بالأكاديمية العربية لفض المنازعات، أن قانون العمل المصري الجديد (2025) أحدث تحولًا جذريًا في آلية تسوية النزاعات العمالية، عبر إرساء نظام مؤسسي للوساطة، وذلك مقارنةً بالتقليد القضائي المهيمن في القانون القديم (رقم 12 لسنة 2003).
ركز القانون القديم على الحل القضائي كمسار رئيسي، حيث كانت معظم المنازعات تُحال مباشرةً إلى المحاكم العمالية. وعلى الرغم من إمكانية الصلح خلال الجلسات، لم تكن هناك آليات واضحة أو حوافز للوساطة، مما أدى إلى إطالة أمد النزاعات وزيادة العبء على القضاء.
نص القانون الجديد (المادة 218) على إنشاء مركز الوساطة والتحكيم كهيئة مستقلة لتسوية النزاعات وديةً، مع تشجيع الأطراف على اللجوء إليه قبل التقاضي. كما ألزم المركز بتأهيل وسطاء متخصصين، وفرض إجراءات سريعة (مثل تشكيل هيئة التحكيم خلال 15 يومًا)، ما يُسرع حل الخلافات ويخفف الضغط على المحاكم .
.
قانون العمل الجديد 2025 يُحوِّل التحكيم إلى آلية مرنة ومؤسسية لحل النزاعات العمالية
أوضحت المحامية نيرة محمد، المنسق الإداري بالأكاديمية العربية لفض المنازعات، أن قانون العمل المصري الجديد (2025) أحدث تحولًا جذريًا في نظام التحكيم العمالي، مقارنةً بالقانون القديم (رقم 12 لسنة 2003)، عبر جعله اختياريًا وإنشاء مركز متخصص لتسريع الفصل في المنازعات.
وقالت ان نص القانون القديم على التحكيم كخطوة إجبارية بعد فشل الوساطة في النزاعات الجماعية، حيث كانت تُشكل هيئة تحكيم مؤقتة لكل نزاع بقرار من الوزير المختص، تضم قاضيًا وممثلين عن العمال وأصحاب الأعمال. وكان الحكم يصدر خلال 30 يومًا ويُعتبر نهائيًا، لكن النظام افتقر إلى إطار مؤسسي دائم.
واشارت الى ان القانون الجديد (المادة 227) حول التحكيم إلى آلية طوعية يمكن الاتفاق عليها مسبقًا أو بعد نشوب النزاع. كما أنشأ مركز تحكيم متخصص تابع لوزارة القوى العاملة، يضم محكمين مؤهلين يشترط فيهم الحصول على إجازة في الحقوق واجتياز تدريبات معتمدة، وفقًا للمادة 226. وتشكل هيئة التحكيم خلال 15 يومًا من إحالة النزاع، مع إلزامها بإصدار الحكم في وقت قصير.
وأشارت ان التعديلات تهدف إلى:
– تقليل الاعتماد على القضاء عبر تسريع إجراءات التحكيم.
– توفير حماية قانونية واضحة لتنفيذ الأحكام.
– ضمان مهنية المحكمين عبر شروط صارمة في الاختيار.
وأكدت نيرة محمد أن التحول من النظام الإلزامي إلى المؤسسي الاختياري يُعزز ثقة الأطراف في آلية التحكيم، ويسهم في استقرار بيئة العمل. يُتوقع أن يُخفف النظام الجديد العبء عن المحاكم، ويرسخ مبادئ الشفافية والعدالة الناجزة، تماشيًا مع رؤية مصر 2030 لتحسين مناخ الاستثمار.
طقانون العمل المصري الجديد 2025 يُغلظ العقوبات ويستحدث آليات رادعة لحماية حقوق العمال
كشف الدكتور هيكل الرواي، المستشار القانوني بالأكاديمية العربية لفض المنازعات، عن توجه قانون العمل المصري الجديد (2025) لتغليظ العقوبات على مخالفات العمل، مع استحداث آليات رادعة جديدة لضمان التزام أصحاب العمل بالمعايير التشريعية، وذلك في إطار تعزيز الحماية القانونية للعمال ومواكبة المعايير الدولية.
واشار ان القانون الجديد، رفع قيمة الغرامات المفروضة على مخالفات مثل التمييز في الأجور أو انتهاك شروط السلامة المهنية، لتبدأ من 5 آلاف جنيه وتصل إلى 50 ألف جنيه، مقابل عقوبات أقل وضوحًا في القانون القديم.
كما أصبح إغلاق المنشأة إلزاميًا في حالات مثل تشغيل عمالة دون ترخيص (المادة 291)، أو مخالفة شروط العمل الآمنة (المادة 285)، كما شملت عقوبة الحبس مخالفات جديدة كالاستغلال المادي للعمال، إلى جانب المخالفات المتعلقة بالصحة والسلامة، وايضا نصت المادة (298) على معاقبة المسؤول الإداري عن المخالفات إذا ثبت علمه بها، ما يمنع التهرب من المسؤولية عبر إسنادها للكيان القانوني.
ووصف الرواي التعديلات بأنها “نقلة نوعية نحو تحقيق توازن في علاقات العمل”، مؤكدًا أن تشديد العقوبات يُرسي دعائم نظام تشريعي رادع، يدعم استقرار سوق العمل ويُعزز ثقة العمال في العدالة الوظيفية. يُذكر أن هذه التعديلات تأتي ضمن خطة الدولة لتحسين مناخ الاستثمار، تماشيًا مع رؤية مصر 2030.




