د. أمل قنصوه تكتب.. بطولة أم وحلم ابنتها فى دخول الصيدلة

إنها ليست مجرد أم، بل مدرسة من الصبر والتضحية، تثبت أن وراء كل إنجاز حكاية عطاء لا ينضب، وأن الأم هي اليد التي تمسك بزمام الأمل وتزرع النجاح في قلوب أبنائها.
ففي كل بيت مصري هناك حكاية بطولة صامتة بطلتها أم، تحمل على عاتقها هموم البيت وتربية الأبناء، وتضىء لهم الطريق بالحب والتضحية، من بين هذه الحكايات تبرز قصة أم مصرية لم تدخر جهدًا في سبيل رسم مستقبل مشرق لابنتها، كانت تقف بجوارها، تتابع دروسها، تذلل العقبات أمامها، وتشجعها على المثابرة والاجتهاد. ومع اقتراب مرحلة الثانوية العامة، تحولت حياة الأسرة إلى خلية عمل يقودها قلب الأم، حيث وفرت كل الأجواء المناسبة لابنتها، وساندتها في أصعب اللحظات.
كانت تعلم أن الطريق طويل ومرهق، لكن حبها ورغبتها في رؤية ابنتها ناجحة كانا أكبر من كل الصعاب. رتبت البيت ليصبح أكثر هدوءًا، أرجأت متطلباتها الشخصية، وتحملت أعباء الحياة وحدها، فقط كي تمنح ابنتها فرصة أن تحقق حلمها وتلتحق بكلية الصيدلة.
فمنذ سنوات الطفولة كان يراود الفتاة حلم واحد لا يغيب عن بالها: أن تلتحق بكلية الصيدلة. كانت ترى في مهنة الصيدلة رسالة إنسانية نبيلة، تجمع بين العلم وخدمة الناس. وكلما كبرت، كبر معها الحلم، حتى صار هدفها الأوحد في مرحلة الثانوية العامة. ومع كل يوم كانت الأم تذكّرها بأن الأحلام تتحقق بالجد والاجتهاد، فكانت الابنة تذاكر بعزيمة لا تهدأ، حتى وصلت إلى يوم الحصاد، ورأت باب كلية الصيدلة يُفتح أمامها، لم تتمالك الأم دموعها وهي ترى حلمها يتحقق: ابنتها تدخل كلية الصيدلة، وتبدأ أولى خطواتها نحو مستقبل مشرق. كانت تلك اللحظة أول فرحة حقيقية تُكلل سنين الكفاح والسهر والتعب.
لم تكن الأم بالنسبة لابنتها مجرد مربية أو داعمة في مشوار التعليم، بل كانت صديقة قريبة منها تشاركها أحلامها ومخاوفها، تستمع إليها بإنصات، وتُشعرها دائمًا أنها ليست وحدها في معركتها مع الكتب والدروس. هذه العلاقة المليئة بالثقة والود جعلت الابنة أكثر قوة وإصرارًا، فوجود أم بجانبها كأقرب صديقة منحها الدعم النفسي الذي ساعدها على تخطي أصعب اللحظات بثبات وابتسامة.
هذه القصة ليست مجرد حكاية نجاح فردية، بل هي نموذج ملهم للأمهات المصريات اللواتي يثبتن كل يوم أن وراء كل نجاح عظيم امرأة عظيمة. فالأم التي تُنجب وتربي وتزرع القيم، هي ذاتها التي تصنع الأمل في أجيال قادمة تحمل مشاعل العلم والعمل.
تحية تقدير لكل أم مصرية تجاهد في صمت، وتزرع الأمل في قلوب أبنائها، وتجعل من حياتها جسرًا يعبرون به نحو المستقبل. كل نجاح يحمل بصمة أم عظيمة، وكل دعوة في جوف الليل هي سر من أسرار التفوق. رحم الله من رحلت، وبارك في عمر من تعيش بيننا، وجعل تعب الأمهات في ميزان حسناتهن.




