رمضان عرفة يكتب.. العنف يهدد كرامة الطلاب فى آداب بنها

لم نعد نندهش كثيرا حين تتصدر مواقع التواصل خبرا عن مشاجرة في مدرسة أو جامعة، لكن أن يأتي العنف من أستاذ جامعي داخل حرم كلية الآداب بجامعة بنها، فذلك ما يستحق وقفة تأمل وغضب معا.
الأستاذ الذي يفترض أن يكون قدوة في ضبط النفس، وحكمة في التعامل، ومرونة في احتواء الخلاف، نراه اليوم يفقد أعصابه ويهوي على أحد طلابه بالاعتداء، كأنه في ساحة قتال لا في قاعة محاضرات.
وفقا لما نشرته الصحافة، وقعت الواقعة خلال امتحان منتصف الفصل الدراسي بتاريخ 4 نوفمبر 2025، حين طالبه الأستاذ بشراء كتاب جامعي، ثم طُلب منه الخروج لعدم قدرته على دفع المبلغ، ليصاب الطالب بالصدمة عندما اعتدى عليه الأستاذ بالضرب أمام زملائه، ما استدعى تدخل الأمن.
المشهد صادم ليس لأنه حدث فحسب، بل لأنه يكشف جانبا خطيرا من أزمة أعمق في الجامعات المصرية: أزمة القيم والسلوك قبل أن تكون أزمة تعليم. فالجامعة التي يفترض أنها مصنع للعقول أصبحت في بعض الحالات مرآة لتصدع منظومة الأخلاق والتربية. كيف ننتظر من أستاذ يعتدي بيده أن يعلم طلابه الحوار، أو أن يغرس فيهم روح التسامح والتفكير النقدي؟
لنكن منصفين، لا أحد ينكر الضغوط التي يتعرض لها أعضاء هيئة التدريس من أعباء مالية وإدارية وضغط طلابي، ولكن أبدا لا يمكن تبرير العنف، ولا يمكن أن يتحول العلم إلى غطاء لسلوك يتنافى مع الإنسانية قبل المهنة.
وفي خطوة مسؤولة، أحال رئيس جامعة بنها الأستاذ المتورط في الواقعة إلى التحقيق العاجل، مؤكدا أن الجامعة لن تتهاون مع أي تجاوز يمس القيم الجامعية أو يهدد العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين الأستاذ والطالب. خطوة تحسب لإدارة الجامعة التي أدركت أن التستر على الخطأ أخطر من الخطأ نفسه، وأن كرامة الطالب لا تقل شأنا عن هيبة الأستاذ.
الواقعة، رغم مرارتها، يمكن أن تكون جرس إنذار لإعادة تقييم ما يحدث داخل قاعات الدرس الجامعية، وما إذا كنا لا نزال نخرج أجيالا تتعلم الحوار والبحث، أم أننا ننتج خريجين يعيشون تحت وطأة الخوف من سلطة الأستاذ لا احترام علمه.
إن كرامة الطالب خط أحمر، واحترام الأستاذ واجب، ولكن لا يمكن أن يبنى الاحترام على الخوف أو الإهانة. المطلوب الآن ليس فقط محاسبة المخطئ، بل مراجعة شاملة لثقافة التعامل داخل الحرم الجامعي، لأن الجامعة التى يمارس فيها العنف لن تخرج سوى خريجين عاجزين عن الحوار، غاضبين من مجتمع لم يعلمهم سوى لغة اليد لا لغة العقل.




