هلال عبدالحميد يكتب.. ورحل عمرو جميل الجميل

على الرغم من فارق السن الكبير الإ اننا كنا صديقين
لم تمر عليَّ فترات حزن منذ فترة طويلة كما مرت بي عندما سمعت بخبر رحيله
عمرو جميل فوزي عمران شاب مختلف،طيبة قلب ولسان، علاقات واسعة ممتدة
عاش حياته القصيرة للغاية في مرض عضال، ولكنه كان يقاوم المرض بروح مرحة وابتسامة صافية وقلب منفتح على الحياة.
عمرو مع الحق دومًا، وإذا ارتبت في أمر ولم تتمكن من اتخاذ قرار فانظر لموقف عمرو منه ستجد القرار!
كانت جنازته الساعة ١٢،٥ صباحًا، ولم يعلن عنها الا تقريبا قبلها بأقل من ساعة، لا أعرف كيف تجمعت كل هذه السيارات والموتوسيلات والتكاتك،
ولا ادرى كيف اجتمع في الصلاة عليه كل هؤلاء البشر، أمتلا المسجد عن آخره وامتلأ الشارع أمامه وبجواره
في العزاء لم أر عزاءً كعزاء عمرو من الساعة التاسعة صباحًا وحتى العاشرة مساء وتدفقات المعزين لا تنقطع سيل جرار من المعزين يملأ السرادق الكبير والمندره والشارع أمام السرادق يمتد لحوالي ٥٠٠ مترًا
أعداد هائلة من كل القرى ومراكز المحافظة ظلت تتدفق على سرادق العزاء دون انقطاع حتى أن تلاة القرآن كانوا يكتفون بآية أو آيتين حتى يتمكن الناس من الدخول عندما يخرج من بالداخل.
عائلتنا كبيرة العدد للغاية ومترامية الأطراف وشديدة الخلافات فيما بينها، ولا أتذكر أنها اجتمعت على شيء سوى على حب عمرو جميل، جمعت جنازته كل العائلة شبابها وكهولها وحتى أطفالها
رأيت في جنازته أقارب لم اراهم من ٣٠ سنة، ورأيت شبابًا لم اقابلهم من قبل
لم تتجمع العائلة على حب عمرو فقط بل تجمع مركز ساحل سليم كله على حبه، كانت أطياف المعزين تتدفق من جميع قرى المركز بلا استثناء ومن عدد من مراكز المحافظة.
كيف جمع عمرو كل هؤلاء المحبين مع سنواته القليلة؟! وكيف جمع في حبه المتناقضات ؟!
حتى من يكرهون بعضهم البعض، ويتنافرن ويتصارعون اجتمعوا على حب عمرو!
ما بين المستشفيات والبيت ودكانه كانت حياة عمرو في سنواته الأخيرة.
تكالبت عليه عدة أمراض فتاكة، فكانت تنهش جسده الهزيل، ولكنها لم تتمكن من روحه ابدًا ، ظل متماسكًا قويًا مواجهًا سهام أمراضه بروح معنوية عالية كثيفة تجعل الابتسامة تستقبل كل محبيه، وكأنه لا يتألم
كيف أمتلك عمرو كل هذه القوة والروح المعنوية ليواجه غيلان أمراضه المفترسة ؟!
بينما كان يواجه الفشل الكلوي والقلب وغيرهما صابرًا جامدًا لسنوات، جاءه الطوفان ليفجر شرايين المخ فجأة فسقط الجسد المتماسك لسنين، وتهاوت القامة الشامخة تحت انفجار شرايين مخه الصامدة، فلم يمهله انفجار الشرايين سويعات حتى فاضت روحه الطاهرة النقية الصامدة لبارئها
اكتب كلماتي هذه وأنا ابكي
كلنا حزن ونمر بأوقات عصيبة لفراق عمرو الذي كنت انا اتوقعه، ولكنني متيقن بالله بأننا ونحن الحزانى هو ذهب إلى حيث الراحة والسعادة وراحة البال والنعيم المقيم بإذن الله تعالى.
كيف لا وهو الذي تقبل مرضه بالشكر، ومعاناته بالصبر والآمه بالابتسام،كيف لا ومثلنا الشعبي يقول : من حبه الله حبب فيه خلقه
رحلت بجسدك يا عمرو، ولكن روحك الطيبة الطاهرة ستظل ترفرف علينا في سلام وحب ويقين
لا أعرف هل نحن من من نحتاج لدعائك أم أننا يجب أن ندعوا لك؟!
نحن تعودنا الدعاء لمن يفارقوننا، ولذا سندعوا لك بالرحمة والمغفرة وأن يظلك الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وأن يجعل مرضك الطويل في ميزان حسناتك وان يسكنك الله الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولائك رفيقا وآخر دعوانا أن الحمد لله




