نجاح بولس يكتب : الأقباط وكنيستهم .. هل مجرد دور عبادة أم مجتمع بديل ؟؟

كتب : نجاح بولس
بعد غلق المجال العام أمام الأقباط في المجتمع ، لم تعد الكنيسة مجرد مكان لممارسة الشعائر الدينية فقط ، بل تطور دورها حتى باتت مجتمع آمن للأقباط وأولادهم يستوعب إحتياجاتهم وتطلعاتهم الشخصية ، ويمارسون من خلاله أنشطة إجتماعية وثقافية ورياضية لم يعد المجتمع قادراً على تسديدها بعدما تشبع كلياً بثقافة طاردة للأخر ومكرسة بعدم إنخراطه في تكوينها ، حتى تفرق الذنب فلم نعد قادرين على تحديد ما إذا كانت مسئولية المجتمع بمفرده ، أم ساهمت أخطاء بعض قيادات الكنيسة لإستقطاب الأقباط داخل أسوارها في التكريس لهذا الوضع المعيب >
 الكنيسة أصبحت ملجأ أخير لشباب الأقباط من ذوي المهارات الرياضية ليمارسوا هواياتهم عبر فعاليات رياضية ترعاها الكنيسة ، بعدما أغلقت أبواب الأندية في وجوههم وخلت الساحة الرياضية الرسمية من أي منهم وهي الظاهرة التي بات المجتمع معترف بها ولا يستطيع إنكارها ، فضلاً عن حالة مراكز الشباب في القرى والمدن الصغيرة والتي إكتظت بمظاهر البلطجة والعنف حتى باتت طاردة لجميع العناصر الجادة سواء من الأقباط أو غيرهم .
 الكنيسة أصبحت متنفس إجتماعي للأقباط يدعم التواصل والتفاعل الشخصي بين أعضائها لعدم توافر بدائل وظيفية في مجتمعهم المحلي . – الكنيسة وفرت بدون قصد فرصة لأولئك الباحثين عن تحقيق الذات ، والذين يفشلون في الإنخراط عبر الفعاليات السياسية والاجتماعية بالمجتمع العام لعوامل الإقصاء والتمييز ، حتى وجدوا ضالتهم عبر أنشطة الكنيسة التي أتاحت لهم فرص متعددة للإشراف والقيادة وتحمل المسئولية .
 حتى العملية التعليمية بعدما إعتراها من تشويه لجأت المؤسسة الكنسية الى بدائل موازية ، لتصحيح المفاهيم وفك الإشتباك وإرتباك الهوية لدي أبناء الأقباط ، أثر مناهج وسياسات تعليمية تنعتهم بصفات غير صفاتهم وهويات مخالفة ومتصادمة مع هوياتهم الأصلية . شئنا أم أبينا الكنيسة بالنسبة للأقباط ليس مجرد مكان للعبادة بل مجتمع ومتنفس بديلاً ، وأي إعتداء عليه من فئات ضالة أو قرارات رسمية بإغلاقه ، يقابله المجتمع القبطي ولا سيما فئاته العمرية الصغرى بكل عوامل الضجر والتمرد الإجتماعي ، فالعبث بكنيستهم يمثل مساس بهويتهم وتاريخهم الحضاري وحرياتهم الشخصية .
ولعل البديل الطبيعي يحتاج إلى جهد ومثابرة وخطوات كثيرة وثقيلة لن تنجز بدون دعم الإرادة السياسية لتعزيز مبادئ المواطنة والتعايش السلمي ، وتكريس أركان الدولة المدنية الحقيقية التي تستوعب جميع مواطنيها دون تفرقة ، وتمنح لهم الفرص العادلة للإنخراط عبر فعالياتها وأنشطتها الإجتماعية والسياسية والرياضية والثقافية ، وحينئذ سينطلق الأقباط تدريجياً خارج أسوار الكنيسة لممارسة أنشطتهم اليومية غير محملين الكنيسة لأدوار ومسئوليات ليست منوطة بتحملها ، وفي إتجاه موازي ستتلاشى تدريجياً حدة التوترات الطائفية المتعلقة بدور العبادة ، لتغير طبيعة دور الكنيسة لدى الأقباط من مجتمع بديل لدورها الطبيعي في التوجيه الروحي والتعليم الديني .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار