زواج المال بالسلطة..العلاقة المحرمة

ما اجتمعت الثروة والسلطة إلا وكان الفساد ثالثهما، ويرى البعض أن العلاقة بين السلطة والمال جريمة كاملة ومكتملة الأركان، فمقابل الثروة تتنازل السلطة عن أعز ما تملكه الأمانة والشرف ويكون الوليد لقيطا ، فإذا أردت إفساد أي مجتمع، فما عليك إلا فتح باب الزواج بين السلطة والمال، أي تسمح لرجل الأعمال أن يكون رجل سياسة اوعضواً في البرلمان، أو وزيراً أو رئيس وزراء، أو حتى رئيس دولة، وهنا يشارك رجل الأعمال في صنع القرارات التي تخدم مصالحه أولاً وأخيراً .
وقديماً كان رجال الأعمال يخسرون المنافسة في مواجهة الشخصيات القومية المعروفة مثل محمد عبدالعليم داود وأحمد طنطاوى وغيرهم بحسهم وولائهم وانتمائهم للشعب والوطن، وقديماً أيضاً كان رجال الأعمال يهتمون بأعمالهم وتجارتهم فقط، وكانت السياسة من نصيب أهلها، لكن الصورة تغيرت، وأصبحت السلطة هدفاً وأمنية، وحلماً لرجال الأعمال، ففي غياب الضمير، يسلك رجال الأعمال مسالك عدة للسيطرة على السلطة كن أجل حماية مصالحه المشبوهه بهدف تحويل مؤسسات الدولة إلى مناطق نفوذ، وبالتالي واستخدام نفوذهم فى تحقيق مصالحهم التي غالباً ما تكون مصالح فاسدة مثل تجارة الأثار و المخدرات والسلاح وغسيل الأموال وغيرها ولو لم تكن كذلك، ما كان شيء يضطرهم إلى التحايل، ومن هذه المسالك أيضاً مزاحمة السياسيين على مقاعدهم، ومن أجل تكوين علاقات مع وزراء أو مسؤولين كبار، وهذه الطريقة يراها البعض أقل كلفة من الوجود خارج دائرة السلطة، حيث يصبح الراشي والمرتشي شخصاً واحداً، والقاعدة أن رجال الأعمال لا يعطون شيئاً من دون مقابل، فالمال يشتري النفوذ والفعل، والمحصلة هي المردود المالي الكبير من الصفقات الأكثر ربحاً، والتي يكون وراءها رجال السياسة بشكل مباشر أو غير مباشر .

يطبق رجال الأعمال شعار اخدمني أخدمك بمهارة وفن وحرفية، وأحياناً بوقاحة نادرة يحسدون عليها، وحتى لا نعمم، فهناك الفضلاء من رجال الأعمال الذين جمعوا بين السياسة والتجارة، ومنهم رئيس وزراء تركيا الذي كان تاجراً، ولولا دا سيلفا رئيس البرازيل السابق لذا فإن رجل الأعمال المحترم الشريف هو الذي يصل إلى المنصب السياسي من دون النظر بعين الاعتبار للمال، بخلاف آخرين يحلمون بالغنائم، وخصوصاً الكبيرة منها، وينظرون إلى المنصب السياسي باعتباره حلماً كبيراً يتقاتلون من أجله كوسيلة لزيادة ثرواتهم، والتحول إلى إمبراطوريات .

رجل الأعمال إن لم تكن لديه تقوى أو أخلاق فإنه يتحول إلى شيطان كبير، يستخدم ماله في النفاذ إلى مراكز صنع القرار لدى الطبقة الحاكمة، بهدف انتزاع تسهيلات غير مشروعة، خارج إطار القانون، لم يكن بمقدوره الحصول عليها، إلا من خلال صاحب القرار الفاسد الذمة .

الأمر الذي يغيب عن أهل السياسة أن المردود المادي الذي يحصده رجال الأعمال يفوق كثيراً المقابل الذي يتقاضاه أهل السلطة نظير التسهيلات التي يقدمونها لهم . إن إعفاء رجل الأعمال من دفع مستحقات كبيرة للدولة مقابل مبالغ بسيطة تقدم للمسؤولين كرشوة، يؤدي إلى تعاظم ثروتي رجل الأعمال الراشي ورجل السياسة المرتشي، ويخسر المجتمع مبالغ طائلة مستحقة من المفترض إنفاقها لتحسين البنية التحتية من خدمات صحية وطرق وتعليم وخلافه .

لابد من أتخذ قراره بإبعاد رجال الأعمال عن شؤون الدولة حيث يتم شراء ضمائر المسؤولين ، لغسل آثار ما اقترفوه من جرائم فالخطورة في الخلط بين السلطة والمال، أنه يؤدي إلى تحويل التاجر إلى حاكم، والحاكم إلى تاجر، وتتحول الأوطان إلى هياكل كرتونية، تعصف بها الرياح في أي زمان، إلى أي مكان، ويتربص الخطر بالأمن القومي من جميع الاتجاهات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
مجزرة عيد الميلاد.. 11 قتيلًا في حادث دهس مأساوي بألمانيا الاتحاد الأوروبى يقرر صرف قرض ميسّر بمليار يورو لصالح مصر مشاركة فاعلة للمركز العربي الأوروبي في المنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت بالرياض نلتقى.. نتحاور .. نتشارك .. من أجل مصرنلتقي.. نتحاور.. نتشارك.. الحزب السياسى الجديد يوجه رسائل قبل التدشين الرسمى برلمانية تتقدم بطلب إحاطة بشأن تدني خدمات تأسيس الشركات VIP في الهيئة العامة للاستثمار حزب الإصلاح والتنمية عن استضافة مصر القمة الحادية عشرة للدول النامية الإسلامية: فرصة لتعزيز التعاون والتنمية المستدامة "قضايا المرأة" تقيم مائدة حوار بعنوان: "الآليات الدولية ووضع النساء فيها.. ماذا بعد ٣٠ سنه من منهاج عمل بكين" الجنايات تبرئ متهمين من تحويلات واتجار بالنقد الاجنبي  عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية: الدعم الحكومي من خلال الريف المصري ومستقبل مصر لعب دورا كبيرا في تطوير القطاع الزراعي المصري مدحت الزاهد يكشف تفاصيل اجتماع الحركة المدنية الديمقراطية