تطورات خطيرة وتصعيد في إسرائيل وغزة
تواصل التصعيد العسكري بين حركة حماس وإسرائيل الأربعاء والذي حصد حتى الآن 65 قتيلا فلسطينيا بينهم 16 طفلا، إضافة إلى مقتل سبعة أسرائيليين، مع ضربات إسرائيلية جديدة على قطاع غزة وإطلاق أكثر من ألف صاروخ من القطاع في اتجاه إسرائيل، ما أثار مخاوف من “حرب شاملة”.
وللمرة الأولى منذ حرب غزة في 2014، تتعرض إسرائيل لهذا الحجم من الأضرار: منازل مهدمة، وسيارات مدمرة، وإصابة منشأة نفطية.
وقد وافق مجلس الوزراء السياسي والأمني مساء الأربعاء على تصعيد هجمات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، حسب طلب رئيس الأركان أفيف كوخافي. وأن إسرائيل لن تتجه إلى وقف إطلاق النار، وأنه تم إصدار تعليمات أخرى تم قبولها بالإجماع.
وأعلنت إسرائيل اليوم مقتل جندي في صاروخ أطلق من قطاع غزة، ما يرفع عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي منذ الإثنين إلى سبعة، بينما قتل 56 شخصا في قطاع غزة في ضربات إسرائيلية، بينهم 14 طفلا. وأكدت حركة حماس اليوم مقتل عدد من قادتها. كما قتل ثلاثة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة في مواجهات مع قوى أمن إسرائيلية.
وبدأ التصعيد بعد مواجهات بين فلسطينيين وقوى الأمن الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة استمرت أياما، لا سيما في محيط المسجد الأقصى، على خلفية تهديد بإخلاء أربعة منازل لعائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين يهود، وتسببت بإصابة أكثر من 900 فلسطيني و32 شرطيا إسرائيليا بجروح.
صواريخ القسام وتدمير مبنى في غزة
أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أنها أطلقت مئة وثلاثين صاروخا في اتجاه إسرائيل، ردا على تدمير مبنى مكون من أربعة عشر طابقا في غزة. في الوقت ذاته، أفيد عن إطلاق صافرات إنذار في تل أبيب.
وقالت القسام في بيان إنها “قصفت (مدن) عسقلان ونتيفوت وسديروت بمئة وثلاثين صاروخاً رداً على قصف برج الشروق (مبنى مكون من 14 طابقا)، وكردٍ أولي على اغتيال ثلة من قادة القسام”. وكانت أعلنت في وقت سابق مقتل عدد من قادتها في غارة جوية على موقع للحركة.
ودمرت غارة جوية إسرائيلية مبنى مكونا من 14 طابقا في مدينة غزة، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس.
ويضم برج الشروق المدمر مكاتب تلفزيون الأقصى التابع لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. وذكر المراسلون أن طائرات إسرائيلية أطلقت صاروخين “تحذيريين”، ثم ثمانية صواريخ أدت إلى تدمير كلي للبرج وألحقت أضرارا جسيمة في عدد من البنايات المجاورة.
مقتل طفل
وقتل طفل في السادسة من عمره الأربعاء في إسرائيل بصاروخ أطلق من قطاع غزة، وفق ما أفاد مسعفون إسرائيليون، بعد دفعة جديدة من الصواريخ أطلقتها حركة حماس.
وجاء في بيان لخدمة الطوارىء الإسرائيلية أن المسعفين “لم يتمكنوا من إنقاذ الطفل بسبب خطورة إصابته”. وبذلك، يرتفع عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي منذ بدء التصعيد الإثنين إلى سبعة، بينما بلغ عدد القتلى في قطاع غزة الذي يتعرض لضربات إسرائيلية مكثفة 56.
مقتل جندي إسرائيلي
أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مقتل أحد جنوده بصاروخ أطلقته حركة حماس على قواته بالقرب من قطاع غزة، في اليوم الثالث من التصعيد العنيف بين الجانبين.
وأضاف البيان “قتل الرقيب عومر طبيب (21 عاما) صباح الأربعاء في هجوم بصاروخ مضاد للدبابات أطلقته حركة حماس من قطاع غزة”.
وقال الجيش الإسرائيلي “إن جنديا آخر أصيب بجروح خطيرة في الهجوم ، فيما أصيب ضابط بجروح متوسطة”. ومنذ الإثنين، أطلق نشطاء في غزة أكثر من ألف صاروخ، بحسب ما أفاد الجيش الإسرائيلي في اتجاه إسرائيل. وردّ الجيش بمئات الضربات الجوية على قطاع غزة الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليوني شخص وتسيطر عليه حركة حماس.
مقتل قيادي بكتائب القسام
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الأربعاء مقتل “قائد لواء غزة” في الكتائب وعدد من القادة والعناصر الآخرين في غارة إسرائيلية على مواقع للحركة.
وقالت في بيان وصلت نسخة منه وكالة فرانس برس إنها “تزف (…) استشهاد باسم عيسى أبو عماد قائد لواء غزة في كتائب القسام، وثلةً من إخوانه القادة والمجاهدين الذين ارتقوا أثناء عدوان الاحتلال على مواقع ومقدرات وكمائن المقاومة”.
وأضاف “نؤكد على أن هؤلاء الأبطال الذين ارتقوا في معركة سيف القدس، خلفهم آلاف من القادة والجند يواصلون المسير ويحملون الراية ويذيقون العدو الويلات”.
وكان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الداخلي (شين بت) أعلن مقتل باسم عيسى وثلاثة قادة آخرين في حماس في ضربات على القطاع. وسمى الشين بت أيضا جمعة طحلة، الذراع الأيمن لمحمد ضيف، قائد الكتائب، وجمال زبدة، مسؤول تطوير القدرات التقنية للحركة، وكاظم الخطيب، مسؤول قسم الهندسة في حماس.
وتقول الأجهزة الإسرائيلية إن قرابة عشرة مسؤولين آخرين في حماس قتلوا، بالإضافة إلى مقتل كوادر في حركة الجهاد الإسلامي، وذلك في ضربات على قطاع غزة منذ الإثنين. وفي بيان منفصل، قالت القسام إنها أطلقت عشرات الصواريخ بعد ظهر الأربعاء في اتجاه مدينتي أشدود وديمونة الإسرائيليتين. ومنذ الصباح، شن سلاح الجو الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مواقع عديدة لحماس، ومقر قيادة الشرطة ومواقع أمنية.
وظهرت عدة مقاطع مصورة تظهر لحظات وآثار القصف الإسرائيلي على مبانٍ سكنية في غزة.
عنف في مناطق أخرى
وامتد العنف مساء الثلاثاء إلى عدد من البلدات العربية الإسرائيلية. واعتقلت الشرطة 21 مشتبها بهم خلال احتجاجات عنيفة في جسر الزرقاء ووادي عارة (شمال). في اللد المجاورة لمطار بن غوريون الدولي حيث تم تعليق الرحلات الجوية موقتا، أعلنت حالة الطوارئ بعد “أعمال شغب” قامت بها الأقلية العربية، على حد قول الشرطة الإسرائيلية.
وندّد الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الأربعاء بما وصفه بأنه “اعتداء منظم ضد اليهود” نفذته “عصابة عربية متعطشة للدماء” في مدينة اللد المختلطة في وسط إسرائيل. واستخدم الرئيس الإسرائيلي كلمة “بوغروم”، في إشارة الى الاعتداءات والمجازر التي تعرض لها اليهود في ظل الامبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر.
وأعلنت الشرطة الإسرائيليّة أنّ رجلاً وفتاة قُتلا الأربعاء في المدينة أثناء وجودهما داخل سيّارة أصابها صاروخ أطلِق من قطاع غزّة. وتأججت الصدامات في المدينة (47 ألف يهودي و23 ألف عربي)، بعد مقتل عربي من المدينة خلال مواجهات مع يهود.
في الضفة الغربية المحتلة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية الأربعاء مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي خلال صدامات منفصلة اندلعت في جنين وقرب مدينة الخليل. وكان مصدر أمني فلسطيني أفاد الثلاثاء عن مقتل ضابط مخابرات فلسطيني وإصابة آخر برصاص الجيش الإسرائيلي عند مفترق بالقرب من مدينة نابلس.
دعوة روسية
دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأربعاء إلى عقد اجتماع عاجل للجنة الرباعية حول الشرق الأوسط سعياً إلى إنهاء التصعيد المستمر منذ أسبوع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في موسكو، إنّ “المهمة الأكثر إلحاحا تتمثّل في عقد اجتماع للّجنة الرباعية للوسطاء الدوليين، روسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي”.
إيفاد مبعوث أمريكي
وأعلن وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن الأربعاء أنّ الولايات المتحدة ستوفد مبعوثا إلى الشرق الأوسط لحض الإسرائيليين والفلسطينيين على “وقف التصعيد”.
وقال بلينكن إنّ هادي عمرو، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، سيكلف بالحضّ “نيابة عن الرئيس بايدن على وقف تصعيد العنف”.
وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء دعوته إلى “إنهاء العنف” بين إسرائيل والفلسطينيين أثناء مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن “وزير الخارجية كرر دعوته لكافة الأطراف إلى خفض تصعيد التوترات وإنهاء العنف”. وأشارت الوزارة إلى “حاجة الإسرائيليين والفلسطينيين للعيش بأمان” و”التمتع بالقدر نفسه من الحرية والأمان والازدهار والديمقراطية”.
مجلس الأمن
وعقد مجلس الأمن الدولي الأربعاء اجتماعا طارئا هو الثاني خلال ثلاثة أيام حول التصعيد في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين، وأخفق مجدداً في تبني إعلان مشترك وسط استمرار معارضة الولايات المتحدة لأي نص، وفق ما نقل دبلوماسيون.
وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس “بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يظهر مجلس الأمن قلقه من خلال الاجتماع، ولا حاجة للمزيد”. وقال دبلوماسي آخر طلب عدم الكشف عن هويته “لا يبدو أن الولايات المتحدة تعتبر أنّ إصدار بيان يساهم في وقف التصعيد”. ولفتت مصادر عدّة إلى انّ 14 عضوا في المجلس المكوّن من 15، كانوا يؤيدون تبني المجلس إعلانا مشتركا يهدف إلى تخفيف حدة التوتر.
قلق من “حرب شاملة”
يتصاعد القلق داخل المجتمع الدولي. وحذّر مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند الثلاثاء من أنّ العنف المتصاعد بين إسرائيل وحركة حماس المسيطرة على قطاع غزّة سيُفضي إلى “حرب شاملة”. ودعا وينسلاند الطرفين إلى “وقف إطلاق النار فورا”، مضيفا أن “الحرب في غزة ستكون مدمرة والناس العاديون هم من سيدفعون الثمن”.
وزير الدفاع الإسرائيلي
لكن لا مؤشرات حتوقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الأربعاء إن “الجيش سيواصل هجومه من أجل ضمان هدوء تام ودائم (…) يمكننا التحدث عن هدنة عندما نحقق هذا الهدف فقط”، في إشارة واضحة الى ضرورة وقف حركة حماس تهديداتها بإطلاق الصواريخ على إسرائيل. وبدأت الغارات الإسرائيلية المكثفة على غزة بعد إطلاق دفعات من الصواريخ في اتجاه الأراضي الإسرائيلية.
وقال المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس في لقاء مع صحافيين عبر الانترنت صباح الأربعاء إن “أكثر من ألف صاروخ” أطلقت من غزة تم اعتراض 850 منها بمنظومة الدرع الصاروخية أو سقطت على إسرائيل، بينما سقط مئتان في قطاع غزة منذ مساء الإثنين.
وبعد ليلة شهدت تبادل عمليات قصف بين حركة حماس التي تسيطر على القطاع وإسرائيل، قال الجيش إنه أنجز فجر الأربعاء “سلسلة من الغارات” الجديدة والواسعة “استهدفت منازل تعود إلى أعضاء رفيعي المستوى في منظمة حماس الإرهابية”. وأشارت حماس إلى أن هذه “الغارات المتتالية” أسفرت عن تدمير مقر قيادة الشرطة.
تصريحات نتنياهو ورد حماس
وأطلقت حماس مساء الثلاثاء وابلا من الصوارخ على تل أبيب بعدما دمرت غارة اسرائيلية بالكامل مبنى مكونا من 12 طابقا في وسط مدينة غزة، كانت لقادة في الحركة مكاتب فيه. وتحدثت الحركة عن تدمير مبنى آخر يضم مقر محطة تلفزيونية محلية ومساكن ومتاجر في تسعة طوابق وأطلقت دفعة جديدة من الصواريخ. وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن حماس “ستتلقى ضربة لم تكن تتوقعها”.
في المقابل، أكد رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في كلمة تلفزيونية إنه “مستعد” لخوض المعركة وتصعيد العملية التي أطلق عليها اسم “سيف القدس”. وأضاف هنية “إذا أرادت (إسرائيل) التصعيد، فالمقاومة جاهزة وإذا أرادت (إسرائيل) التوقف فنحن مستعدون أيضا”، داعيا قوات الأمن الإسرائيلية إلى الانسحاب من حرم المسجد في القدس الشرقية. ودعت الأسرة الدولية إلى الهدوء في مواجهة أسوأ دوامة عنف منذ سنوات.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا طارئا مغلقا الأربعاء سيكون الثاني خلال ثلاثة أيام. وانتهى الاجتماع الأول الإثنين من دون بيان مشترك بسبب تحفظات الولايات المتحدة على تبني نص “في هذه المرحلة”.
ردود أفعال دولية
دعا الاتحاد الأوروبي الأربعاء إلى “وقف فوري” للعنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية “لتجنب صراع أوسع”، في بيان صدر عن وزير خارجيته جوزيب بوريل.
وقال بوريل إنّ “الإطلاق العشوائي للقذائف من قبل حماس وجماعات أخرى باتجاه مدنيين اسرائيليين أمر غير مقبول. مع الاعتراف بحاجة إسرائيل المشروعة لحماية سكانها المدنيين، يجب أن يكون الرد متناسبا وخاضعا لأقصى درجات ضبط النفس”.
ودعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأربعاء إلى “وقف التصعيد” بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعدما تحادث هاتفيا مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين. وكتب ميشال في تغريدة على “تويتر”، “أنا قلق جدا من تصاعد العنف الأخير والهجمات العشوائية. يجب إعطاء الأولوية لوقف التصعيد وتجنب الخسائر في الأرواح البشرية البريئة في الجانبين”.