ننشر ملاحظات الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بالشيوخ على خطة التنمية الاقتصادية للعام الجديد

 

 

ينشر موقع السلطة الرابعة فى السطور التالية، ملاحظات الهيئة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بالشيوخ، والذى تقدم بها النائب محمود سامي، عضو اللجنة الاقتصادية، وذلك بشأن خطة التنمية الاقتصادية للعام الجديد، المقدمة من الحكومة.

بعد الاطلاع على المسودة المبدئية لوثيقة خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي (٢٢/٢٠٢٣)، نوجز هنا أهم تعليقاتنا على ما جاء بها:

1. لا تعكس الوثيقة ما جاء في المؤتمر الصحفي لرئيس الوزراء بخصوص ضرورة الإسراع في تنفيذ خطة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد -المرحلة الثانية، خاصة ما يتعلق بزيادة مساهمات القطاع الخاص في التنمية المستدامة، وزيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في الخطط الاستثمارية لتصل إلى ٦٥٪ تدريجيا خلال ثلاث سنوات، في حين عكست الخطة المقترحة للعام ٢٢-٢٠٢٣ انخفاض نسبة مساهمة القطاع الخاص عن تقديرات خطة العام الحالي ٢١-٢٠٢٢، حيث تبلغ النسبة المستهدفة لمساهمة الاستثمار الخاص في الخطة الجديدة ٢١.٤٪ وبمبلغ ٣٠٠ مليار جنيه مقابل نسبة مقدرة عام ٢١-٢٠٢٢ بلغت ٢٥٪ وبمبلغ ٣١٧ مليار جنيه. ومع تفهمنا الشديد أن هذه الوثيقة تم البدء في إعدادها منذ حوالي ٦ أشهر ماضية، الا أن الوثيقة كانت يجب أن تشير في القسم الثالث الخاص بالتوازن الاقتصادي العام “الصورة الكلية” إلى التوجهات العامة الأخيرة للدولة، ونتوقع تعديل الخطة قبل عرضها على مجلس النواب لتعكس تلك التغييرات في السياسات الاقتصادية، كما يجب تعديل الخطة بحيث تشير إلي الوثيقة الهامة المتعلقة بالإعلان عن وثيقة الملكية الحكومية، واستراتيجية الدولة للتخارج من قطاعات اقتصادية متعددة، وتعزيز قدرة القطاع الخاص، وهو أمر يحتاج إلي انعكاسه في وثيقة الخطة سواء في شكل مراجعة أرقام الخطة بشكل يدل علي التغير المأمول هذا العام بشكل تدريجي، أو حتي بالإشارة إلي محتويات الوثيقة والاهداف المتعلقة بها.

2. تستهدف الخطة للعام ٢٢-٢٠٢٣ تحقيق معدل نمو يبلغ ٥.٥٪ وهو معدل نمو به قدر كبير من التفاؤل، ولا يراعي المتغيرات الاقتصادية التي يمر بها العالم حاليا من تأثير الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمية التي جاء أثرها أشد وطأة مما مر به العالم خلال أزمة فيروس كوفيد-١٩، وحالة شبه الاغلاق التام لمعظم بلاد العالم. ويتعظم أثر الأزمة في أن محاولة السيطرة عليها قد يؤدي باقتصاديات العالم إلى الوقوع في ركود قصير إلى متوسط المدى، نتيجة كون الأزمة ناشئة عن نقص العرض، وليس زيادة الطلب. أن معدل النمو المستهدف إذا ما قورن بالمعدلات النمو المتوقعة للأسواق المختلفة كما في جدول رقم (١/٣) فأنه يقرب من أعلي معدل نمو متوقع بين الاقتصاديات العالمية، ولا يعكس حالة الأزمة الاقتصادية التي نمر بها، ونشهدها انعكاساتها في القرارات الاقتصادية مثال إيقاف الاستيراد، ووقف العمل بمستندات التحصيل، والنقص الشديد في المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج مع ارتفاع تكلفتها بنسب فاقت ٢٠٪ في العديد منها، فضلا عن ارتفاع أسعار الشحن تباطأ سلاسل الامداد. من الملاحظ أن معدل النمو المستهدف يقارب معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة الاسيوية (عدا اليابان) والبالغ ٥.٦٪ وهو الأعلى بين الاقتصاديات العالمية، في حين أن معدل النمو المتوقع لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ٤.٥٪، ويبلغ في الدول الناشئة ٤.٦٪.

3. استهدفت الخطة العام الحالي ٢١-٢٠٢٢ معدل النمو يبلغ ٥.٤٪، ومع كل معوقات تنفيذ الخطة وأزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمية، تشير الخطة المعروضة إلي توقع تحقيق معدل نمو في نهاية العام المالي الحالي ٥.٧٪، أي بزيادة عن المستهدف للخطة. والحقيقة قد يرجع ذلك إلى ما أشرت له وثيقة الخطة في البند ٣/٤ من قسم التوازن الاقتصادي من وجود مراجعات على أرقام الناتج المحلي الإجمالي، ونتج عن تلك المراجعات زيادة بلغت ١١.٥٪ في الناتج المحلي لعام ٢١-٢٠٢٢ مسجلة زيادة مطلقة ٨١٩ مليار جنيه كما هو موضح في الشكل (٣/١٢). ونرجو الا تكون الزيادة في أرقام الناتج المحلي الإجمالي، وما به من قفزات، وكذلك معدل النمو الاقتصادي هو ناتج تلك المراجعات وليس انعكاس حقيقي عن تطور واقع الاقتصاد المصري. ويتطلب الأمر أن تتبع وزارة التخطيط مزيد من الشفافية في عرض الوضع الاقتصادي، وما تم تحقيقه من تقدم مع استبعاد نواتج تلك المراجعات لأرقام الناتج المحلي الإجمالي، ومعدل النمو المعدل. وجديد بالذكر أن ما يضع لهذه النقطة من أهمية كبري نسبية، هو أن رقم الناتج المحلي الإجمالي هو أهم المؤشرات الاقتصادية التي تستخدمها وزارة التخطيط، ووزارة المالية في اثبات تحقيق الانضباط المالي بخصوص السيطرة عن نسب معدلات الدين العام داخل وخارج الموازنة، وغيره من المؤشرات التي تستخدم في تجميل الصورة الذهنية للاقتصاد، قد يعبر عن واقع غير حقيقي.

4. تلاحظ لنا بخصوص المستهدفات الرئيسية للخطة في البند ٢/٧ عدم ما يشير إلي معقولية الأرقام ، وعلي سبيل المثال تنمية الطاقة الاستيعابية لسوق العمل بما يسمح بتوفير ٩٠٠ الف فرصة، ،قد يري العديد ومنهم الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الكثير من المؤشرات العكسية لهذا الوضع من خلال السياسات النقدية التي صدرت عن البنك المركزي من رفع أسعار الفائدة وإصدار أدوات ادخار بلغ العائد عليها ١٨٪، ساهمت امتصت أكثر من ٦٥٠ مليار جنيه، وهو رقم يقترب من حوالي ٥٠٪ من حجم الخطة الاستثمارية المستهدفة البالغة ١٤٠٠ مليار جنيه، كما أقرت لجنة السياسات النقدية رفع معدلات الفائدة ٢٠٠ نقطة أساس، وما يترتب عليها من إصدار باقي البنوك الأخرى غير البنك الأهلي وبنك مصر أوعية ادخارية أخرى ذات عوائد مرتفعة، لتمتص جزء هام أيضا من السيولة المتاحة في السوق. كل تلك العوامل تشير إلي دخول السوق في حالة تباطأ هذا العام وركود مصحوب بالتضخم في الأسعار، فضلا عن السياسات التشددية الأخرى التي تسعي للحد من الاستيراد وتباطأ توافر مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية، وكلها عوامل تشير إلي معاناة قطاع الأعمال وخاصة الخاص هذا العام واحتمالية زيادة معدلات تسريح العمالة، وبالتالي قد تزداد نسب البطالة وليس العكس. وقد وجب التنويه أن السياسات النقدية مع احترامنا لاستقلالية البنك المركزي المصري يجب أن تكون على قدر كبير من التنسيق مع السياسات المالية والاقتصادية حتى لا تصل للمهتم بالشأن الاقتصادي رسالة مزدوجة بخصوص التوجهات الاقتصادية، أحدهما تسعي في ظاهرها لكبح ظواهر التضخم، وأخرى تسعي لمواجهة ظواهر الركود الاقتصادي. لذا فأن السياسات النقدية المعلنة للبنك المركزي تفتقد غالبا البوصلة بخصوص الهدف المرجو الحقيقي، وهو مواجهة الدولارة وخروج الأموال الأجنبية، وليس في ظاهر الأمر كبح التضخم الذي في الأصل هو تضخم مستورد، وليس تضخم حقيقي نتيجة زيادة السيولة المحلية، ونعتقد انها تحتاج لمراجعة كبيرة للتأكد من أن تحقيقها للهدف لن يأخذ الاقتصاد المصري لحالة ركود متوسط المدى، ولا يزال الهدف الذي أهملته الحكومة منذ سنوات هو ضرورة زيادة الاستثمار المباشر أجنبي ومحلي، وعدم تقييد الاستثمار الخاص، وهو الحل الأنسب وليس محاولة عكس التدفقات النقدية الخارجة من المحافظ الأجنبية واعادتها مرة أخري للاقتصاد. أن الدخول والخروج المتتابع للأموال الساخنة تسبب في أشد الضرر على الاحتياطات النقدية المصرية وقدرتنا على الوفاء بالتزامات الدولة الخاصة بسداد الديون، ولا يمكن الاستمرار على تلك السياسة بدون مراجعة.

5. أيضا لدينا تحفظات علي مستهدف زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر ليصل إلي ١٠ مليار دولار، وذلك لعدم وضوح الرؤية، والاشارات المتكررة في مؤتمر رئيس الوزراء أن الاعتماد الأكبر في الفترة القصيرة ومتوسطة المدي القادمة علي استثمارات الصناديق السيادية العربية، والتي يتوقع معها أن يكون دخولها من خلال استحواذات علي شركات واستثمارات قائمة مثال الموانئ المصرية، وأغلب الظن أن جزء كبير منها من خلال مقاصة مع الودائع الدولارية التي دعمت بها الدول العربية الدولة المصرية خلال السنوات الماضية، وبالتالي فأن صافي التدفقات الحقيقة لهذا الاستثمار لن يصل بنا إلي رقم ١٠ مليار دولار، وغالبا سوف نستمر علي وضع ٧-٨ مليار دولار معظمها في الاستثمارات البترولية كالعادة.

6. أيضا تشير المستهدفات إلى الوصول بنسبة الدين الخارجي للناتج المحلي الإجمالي إلى حوالي ٣٢٪، ولا تشير الخطة أو الموازنة العامة للدولة إلى إمكانية تحقيق ذلك، نظرا لاستمرار التوسع في الاقتراض، ولا يمكن تحقيق ذلك إلى إذا كان هناك مراجعات جديدة لأرقام الناتج المحلي الإجمالي، أو من خلال المقاصة التي تم الإشارة إليها في النقطة السابقة، بتحويل الديون إلي ملكية في أصول مصرية. يتبقى أن نشير إلى أن حتى رقم ٣٢ ٪ المستهدف لا يزال يفوق المعدلات العالمية، والتي تبلغ نسبتها ٢٥.٨٪ في الدول متوسطة الدخل، و ٣٠.٨٪ في الدول منخفضة الدخل.

7. أخيرا في مجال مستهدفات الخطة، لا يوجد أيضا ما يشير إلى إمكانية تحقيق معدل التضخم المستهدف عند ١٠٪ وهي الشهر الماضي فاقت ١٤٪، ولا يوجد أي دلائل علي تناقصها في الجزء المتبقي من العام الحالي، كما أن قرارات البنك المركزي الأخيرة برفع معدلات الفائدة تشير أن حقيقة معدل التضخم أعلي من هذا الرقم بكثير.

8. بالرجوع إلي تركيبة معدل النمو المستهدف ب ٥.٥٪ في سنة الخطة ٢٢-٢٠٢٣ نري اعتماد كبير علي زيادة مساهمة الانفاق الاستهلاكي في تحقيق معدل النمو، حيث يساهم بنسبة ٣٪ من إجمالي ٥.٥٪ المستهدفة، مقابل مساهمة تبلغ ١.٨٪ في عام الخطة الحالي ٢١-٢٠٢٢ كما هو موضح بالشكل (٣/١٠) أدناه، وهذا يتنافى مع حالة الركود التضخمي التي نمر بها، والتي نتجت علي سياسات نقدية امتصت كثير من العرض النقدي في السوق، ويتوقع أن تستمر علي ذلك خلال فترة زمنية لن تقل عن سنة جزء كبير منها يقع في شهور الخطة المعروضة، وهذا ما أشرنا إليه من تعارض السياسات النقدية التشددية مع السياسات الاقتصادية، ويعطي رسالة مزدوجة متعارضة، وغير مفهوم كيفية اتساقها، حيث يتوقع انخفاض معدلات الاستهلاك بشكل كبير هذا العام. من ناحية أخرى تنخفض قيمة مساهمة الانفاق الاستثماري في معدل النمو من 2٪ إلى 1.5 ٪ رغم زيادة الخطة الاستثمارية في هذا العام بقيمة 200 مليار على الأقل، وبنسبة زيادة ١٦٪ تقريبا عن العام السابق.

9. تعليقا علي تفاصيل الخطة، وفيما يتعلق بتوزيع الاستثمارات الكلية المستهدفة في خطة ٢٢/٢٠٢٣ والبالغ إجماليها ١٤٠٠ مليار دولار، يشير الشكل رقم (٣/٢٢) كم سبق التنويه في الملاحظة الأولي أعلاه إلى التوزيع الاستثنائي للخطة بإعطاء وزن أكثر من ٧٨ ٪ للاستثمارات العامة، وأقل من ٢٢٪ للاستثمارات الخاصة، وأن كان ذلك مفهوم في ظل رغبة الحكومة في تسارع عجلة التنمية، وإحجام القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في التنمية الاقتصادية لمعوقات كثيرة يطول شرحها، إلا أنه وكما أشرنا سابقا يجب أن تصدر خطة معدلة تشير إلي مستهدفات التوجيهات الرئاسية، والمؤتمر الاقتصادي لرئيس الوزراء، وتوضح مستهدفات جديدة للخطة، أو على أقل الاحتمالات يتم شرح التغييرات في السياسات الاقتصادية، والافصاح عن كيفية تحقيقها، والاشارة إلي وثيقة الملكية الحكومية، وأثرها علي تحفيز الاستثمار الخاص.

10. بخصوص توزيع الخطة الاستثمارية علي قطاعات الأنشطة الاقتصادية، لا يزال هناك خلل يتناقض مع مستهدفات الخطة بخصوص تطبيق خطة الإصلاح الهيكلي للاقتصاد بإعطاء أهمية نسبية أكبر لقطاعات الاقتصاد الحقيقي ( الزراعة- الصناعات التحويلية- الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات)، ويوضح الجدول رقم (٣/٨) أن إجمالي الاستثمارات المستهدفة في القطاع الزراعي تبلغ ٨٢.٩ مليار جنيه بنسبة ٥.٩ ٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية، بينما يصل إجمالي الاستثمارات في قطاع الصناعات التحويلية بما فيها تكرير البترول إلي ٩٣.٥ مليار جنيه بنسبة ٦.٧٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية، بينما في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نجد أن الاستثمارات الكلية المستهدفة في القطاع تبلغ ٧٢.٥ مليار بنسبة ٤.٨ ٪ من الاستثمارات الكلية. أي أن إجمالي الأهمية النسبية لقطاعات الاقتصاد الحقيقي مجتمعة تبلغ ١٧.٨٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية، في حين تبلغ الاستثمارات المستهدفة في قطاع النقل والتخزين وحيدا ٣٠٩ مليار جنيه بنسبة ٢١.٩٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية، وبما يزيد عن القطاعات الثلاثة مجتمعة بأكثر من ٤٪ من حيث الأهمية النسبية. وهذا لا يتسق مرة أخرى مع اهداف الإصلاح الهيكلي للاقتصاد – المرحلة الثانية التي يتم الإعلان عنها منذ أكثر من عامين بدون انعكاسها على الخطة الاقتصادية.

 

11. كما يشير جدول (٣/٨) نري أن القطاعات المرتبطة بالمشروعات القومية مثل النقل والتخزين، والتشييد والبناء، والأنشطة العقارية تستحوذ علي أكبر نصيب من الاستثمارات في عام الخطة كما كان هو الوضع في خطة العام الحالي ٢١-٢٠٢٢، حيث تصل الاستثمارات الموجهة لقطاع النقل والتخزين إلى ٣٠٩.٩ مليار جنيه بنسبة تقدر ٢١.٩ ٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية، ويستحوذ قطاع الأنشطة العقارية على ١٥٧.٨مليار جنيه بما يعادل ١١.٣٪ من جملة الاستثمارات الكلية، أما قطاع التشييد والبناء فيستحوذ على ٣٢.٩ مليار جنيه بأهمية نسبية ٢.٣٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية. أي أن إجمالي القطاعات الثلاثة يبلغ ٥٠٠.٦ مليار وبنسبة ٣٥.٧٪ من إجمالي الاستثمارات الكلية المستهدفة. ورغم تحمل الموازنة لعبء تطوير البنية التحتية للبلاد منذ أكثر من ٣ سنوات، لا زالت تلك القطاعات الاهتمام الأكبر من الحكومة دون محاولة التوازن بين قطاعات الاقتصاد الأخرى ودون مراعاة محدودية الموارد، وهناك العديد من تلك الاستثمارات في هذه القطاعات الثلاثة تحتاج لإعادة النظر، والنظر في تأجيلها لفترات مستقبلية، دون أن يؤثر ذلك على خطط الدولة التنموية، ونري ضرورة تحول الحكومة الان بدون تأخير نحو تنمية اقتصادية مستدامة، من خلال نقل الأهمية النسبية لقطاعات الاقتصاد الحقيقي وقطاعات التنمية البشرية كالتعليم والصحة.

12. يشير التوزيع القطاعي للاستثمارات الهيئات الاقتصادية احتلال قطاع النقل والتخزين أهمية نسبية كبيرة من إجمالي الاستثمارات في تلك الهيئات والبالغ إجماليها ٤١٠.٩ مليار جنيه، حيث تبلغ استثمارات قطاع النقل والتخزين مبلغ ٢١٩.٧ مليار وبنسبة ٥٣.٤٦٪ من إجمالي استثمارات الهيئات الاقتصادية كما في الشكل (٤/٢٠). وتتركز استثمارات قطاع النقل بشكل كبير في الهيئة القومية لمترو الانفاق على غرار العام الحالي من الخطة.

13. يوضح الجدول (٣/١٢) الهيكل التمويلي لاستثمارات الهيئات الاقتصادية والبالغ ٤١٠.٩ مليار، والذي يشير أن تمويل استثمارات الهيئات الاقتصادية في معظمه يأتي من خلال القروض المحلية والخارجية وبمبلغ مستهدف ٢٥٠ مليار جنيه، وبنسبة ٦١٪ من إجمالي الاستثمارات المستهدفة للهيئات الاقتصادية، وبالتالي يساهم هذا الدين مع حجم الاقتراض المتوقع في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام ٢٢/٢٠٢٣ والبالغ ١٥٠٠ مليار جنيه في الحاجة لاقتراض إجمالي للعام المالي القادم بمبلغ ١٧٥٠ مليار جنيه، ومما يترتب عليه من زيادة صافي الاقتراض والدين العام بمبلغ ٨٥٠ مليار جنيه تقريبا، مما يرفع من عبء خدمة الدين علي الدولة. وبناء عليه نرى وجود ضرورة قصوى للتمهل في مشروعات النقل والتخزين، والتأكد من حاجتنا الحالة لها، وجدوها الاقتصادية في ظل مرورنا بأزمة مالية واقتصادية قصوى، تتطلب إعادة ترتيب الأولويات واتخاذ قرارات اقتصادية، واجتماعية صعبة، وذلك في ظل ارتفاع كلفة الاقتراض عالميا ومحليا هذا العام.

14. يلاحظ استمرار استثمار جزء كبير نسبيا من خطة الاستثمارات العامة في قطاع الأنشطة العقارية وتحديدا 90 مليار من الاستثمارات المركزية في قطاع التنمية العمرانية، وهي موجهة بالأساس لبناء الوحدات السكنية، ونري أن هناك ضرورة لتأجيل أولوية الاستثمار في تلك الأنشطة في العام القادم، حيث أن الأعوام السابقة شاهدت الاستثمار الكثيف في تلك الأنشطة، ولا يزال جزء الكبير من تلك الوحدات السكنية لم يتم شغله، كما يجب أن تهتم الحكومة أكثر علي توفير فرص عمل لساكني المدن الجديدة، لان من يحتاج السكن، يحتاج أن يعمل أولا، وأن يجد فرص عمل قريبة من سكنه، وهو ما تفقده العديد من المدن الجديدة التي يحجم المواطنين علي شغلها لأنها مجتمعات سكنية، لا يتوافر بالقرب منها فرص للعمل والاستدامة في جودة الحياة، ونري تحويل تلك المخصصات إلي مشاريع الصرف الصحي والمياه، ومخصصات التعليم والصحة أو قطاعات الاقتصاد الحقيقي.

ملخص نهائي ملاحظات الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي

15. فيما يتعلق بقسم التنمية البشرية والاجتماعية من الخطة يشير الجدول (٥/١) إلى تطورات التغطية بخدمات الصرف ومياه الشرب، حيث يشير الجدول إلي أن مستهدف عام ٢٠٢٢هو تغطية الصرف الصحي لنسبة ٩٨٪ للحضر و٦٥٪ للريف، والحقيقة ومن يعمل علي أرض الواقع يدرك أن تلك النسب تحتاج لمراجعة جدية، فجزء كبير من الصرف الصحي خارج القاهرة يتمثل في صرف سلبي علي المصارف والترع وليس صرف صحي من خلال محطات صرف ومعالجة، وهذا الوضع لم يعد مقبول، ويسبب العديد من المشاكل الصحية للمواطنين، والتأثير علي جودة حياة الانسان، واستمرار معاناة الكثير من المواطنين من مشاكل التلوث الغذائي، وامراض الكلي والكبد والاورام. ونري ضرورة التركيز بشكل كامل علي إعادة مراجعة مخصصات الصرف في هذه الخطة، وإعادة ترتيب الأولويات، خاصة مخصصات حياة كريمة، ومخصصات الموازنة لأنهاء توصيل الصرف الصحي، والمياه النظيفة لكل مدن وقري الجمهورية، ثم الانتقال إلى الأولويات التالية. كما أوضحنا أن تأثير هذا الأمر ليس فقط لتحسين جودة حياة المواطنين، بل يساعد بشكل كبير في تخفيض تدريجي لمخصصات الصحة في محافظات الدلتا والصعيد، التي تعني بشكل كبير من الامراض المزمنة، وجزء كبير منا يرجع إلى الملوثات نتيجة عدم وجود صرف، والصرف السلبي في الترع والمصارف.

16. تبلغ الاستثمارات الموجهة لقطاع التعليم في خطة ٢٢-٢٠٢٣ مبلغ ٧٧.٣ مليار جنيه، منها ٦٩.٢ مليار جنيه استثمارات عامة، ٨ مليار جنيه استثمارات خاصة. وتمثل نسبة استثمارات قطاع التعليم ٦.٢٩٪ من إجمالي الاستثمارات العامة، ولا تزال تلك النسبة تمثل نسبة متدنية بالمقارنة بالقطاعات الأخرى مثل النقل والتشييد، ولا زلنا نؤكد أن الاستثمار في التعليم هو حصاد تجارب كثيرة في كيفية تحقيق التنمية المستدامة في العديد من البلاد التي سبقتنا في تجارب إعادة البناء، ولا نحتاج في هذا المجال لمحاولة اختراع العجلة، واعتبار أن هذا القطاع قطاع خدمي ليس له عوائد اقتصادية على المدى الطويل. وبناء عليه نطالب بنقل المخصصات الممكنة من قطاع الأنشطة العقارية هذا العام والبالغة ٩٠ مليار من الاستثمارات المركزية لهذا القطاع. أما علي مستوي الاستثمار الخاص فنعتقد أن تشجيع الدولة للقطاع الخاص للاستثمار في هذا القطاع من خلال تقديم حوافز وتسهيلات قد يشجع القطاع الخاص على الانخراط فيه بمبلغ أكبر من المستهدف، ويتطلب ذلك التوسع في الشراكات مع القطاع الخاص، ومنح الأراضي بتكلفة المرافق حتي يتوسع القطاع الخاص في الاستثمار في الجامعات، والمدارس الخاصة متوسطة المصاريف، مع وضع شروط واسقف للمصاريف الدراسية مقابل هذه الحوافز والأراضي المجانية، مما يخفف عبء انشاء فصول وجامعات جديدة علي الدولة، خصوصا وأن الجامعات الأهلية التي تتوسع في بناءها الدولة من مخصصات الاستثمارات العامة أصبحت بمصاريف دراسية تزيد في بعض الأحيان عن مثيلاتها في الجامعات الخاصة. وهذا الحلول المطروحة تحل جزء من أزمة توفير موارد من موازنة الدولة، وتشجع القطاع الخاص علي زيادة الاستثمار المباشر. ويلاحظ أن مخصصات إحلال الفصول تبلغ حوالي ١٥.٤ مليار جنيه منها جزء كبير في مخصصات حياة كريمة، ولذلك أثر شديد علي عدم تلقي المراكز والمدن خارج حياة كريمة، أو التي ستأتي متأخر في مراحل الخطة نصيب كافي من الموازنة العامة لدعم الفصول بها، بعد أن انصب كل التركيز في أعمال التنمية على مبادرة حياة كريمة وضعف المخصصات في الموازنة العامة للدولة.

17. فيما يتعلق بقطاع الخدمات الصحية تبلغ حجم الاستثمارات الكلية المستهدفة ٥٤.٩ مليار جنيه منها ٤٦ مليار جنيه استثمارات عامة، ويلاحظ انخفاض الاستثمارات المستهدفة في قطاع الصحة بمقدار ٩.٥مليار جنيه عن خطة العام الحالي ٢١-٢٠٢٢ والتي كانت تستهدف حجم استثمارات كلية في قطاع الصحة يبلغ ٦٤.٤ مليار، وهو انخفاض غير مبرر في ظل الحديث عن إصلاح القطاع الصحي ومد منظومة التأمين الصحي الشامل. وتمثل الاستثمارات العامة في القطاع الصحي نسبة ٤.١١٪ من إجمالي الاستثمارات العامة، وهي نسبة لا تليق وتحتاج لإعادة النظر، وإعادة توجيه مخصصات الخطة من قطاعات أخري مثل التشييد والبناء، والأنشطة العقارية، والنقل إلى هذا القطاع الهام الذي يجب أن يكون على رأس الأولويات. أيضا يلاحظ ضعف الاستثمار الخاص في القطاع الصحي بالرغم من وجود فرص حقيقة لجذب استثمار مباشر أجنبي، ومحلي لخدمة طبقات اجتماعية تستطيع تحمل تكلفة صحية متوسطة التكاليف، وقد قام جهاز حماية المنافسة بمنع بعض صفقات الاستحواذ علي بعض المستشفيات الخاصة لمنع احتكار تقديم الخدمة الصحية، وقد تكون ذلك دافع للحكومة لتقديم تسهيلات للقطاع الخاص للتوسع في هذا النوع من الاستثمار من خلال منح حوافز وتسهيلات للمستثمرين تتمثل في تقديم أراضي بتكلفة المرافق مع وضع شروط بخصوص تسعير تقديم الخدمة في مقابل تلك الحوافز والتسهيلات.

18. فيما يتعلق بمشروع حياة كريمة، لا زال هذا المشروع من أهم المبادرات التنموية التي تستحق كل إشادة ، ولكن هذه الخطة تفتقد للكثير من الشفافية في تحديد المراكز المشمولة في الخطة، وتقسيمها علي المحافظات، ولدينا شك كبير في المؤشرات المستخدمة في تحديد الفجوات التنموية، فالعديد من المراكز المشمولة في المرحلة الأولي والثانية ليست أسوء حالا من المراكز المقترحة للمرحلة الثالثة، كذلك لدينا تحفظ شديد علي منهجية تنفيذ المبادرة من حيث السعي إلي تحقيق تطوير شامل لقرى المبادرة في كل مرحلة، دون تحديد أولويات محددة في شكل المشاريع الأكثر الحاحا، وهذا الأمر يترتب عليه عدم انجاز والانتهاء حتي الان من قرى المرحلة الأولي في المواعيد المحددة، نتيجة تشعب المشاريع في كل قرية، وعدم التنسيق بين المشاريع المتداخلة، كما أن ذلك يترتب عليه هدر كبير في الموارد المحدودة، ومن المعروف أن هذا الهدر في الموارد قد يصل إلي من بين ٣٠٪:٥٠٪ في الدول متوسطة وضعيفة الدخل في مثل هذه المبادرات. لذا فأن هذه المبادرة تحتاج إلى إعادة هيكلة كلية بحيث يتم ترتيب الأولويات علي حسب المشاريع بحيث يتم الانتهاء من مشاريع الصرف الصحي والمياه في كل قري المبادرة، ثم الانتقال إلى التعليم والصحة، ثم توصيل الغاز الطبيعي، ومن ثم إحلال مراكز الشباب والمراكز الثقافية.. وهكذا.

19. في العام الماضي أشارنا في تقريرنا علي مبادرة حياة كريمة سوف تخلق بعض الفجوات التنموية بين القري ومدن ومراكز المحافظات غير المشمولة في المبادرة، فلا يصح أن تكون قرى وعزب بها كل نواحي التنمية بما فيها توصيل الغاز والطرق المرصوفة، في حين أن المراكز والمدن الرئيسية ليس بها صرف صحي أو طرق سليمة، وقد تكرمت وزيرة الخطيط مشكورة بتبني هذا الطرح، واقتراح مبادرة جديدة تحت اسم مبادرة التجمعات الحضرية ضمن مبادرة حياة كريمة، ولكن تحتاج هذه المبادرة أن توازن في توزيع الموارد المالية المحدودة بين مبادرة حياة كريمة الأصلية، ومبادرة التجمعات الحضرية حتي لا نصل إلي فجوة تنموية بين القرى، ومدن المراكز والتجمعات التابعة لها ، بما يخلق توترات اجتماعية وأمنية في المحافظات، وتنقلب مزايا المبادرة إلي سلبيات. أخير يجب علي وزارة التخطيط الحصول علي معلومات دقيقة عن احتياجات القري وعدم الاعتماد علي تقارير المحليات ، هناك الكثير من المشاريع المقترحة في المبادرة تمثل هدر للمال العام مثل مباني الخدمات العامة، ومباني الخدمات الزراعية حيث أن العديد من الوحدات المحلية لقري المبادرة ملتصقة، ولا تحتاج للمباني خدمية منفصلة، مع مراعاة عدم توفير الدولة لموظفين جدد للعمل بتلك المباني، ويستعاض عن ذلك بإنشاء مباني خدمية في المراكز التي يتبعها تلك القري، وينطبق ذلك علي انشاء الوحدات الصحية وطب الأسرة التي يعاني القائم منها بالفعل من عدم وجود أطقم طبية، وبالتالي نحن ننشي وحدات جديدة لا تضيف شيء للخدمة الصحية، ويستعاض عن ذلك بتمويل إحلال المستشفيات المركزية، والعامة التي تقدم خدمة أفضل علي مدار ٢٤ ساعة لأهالي تلك القري المستهدفة من المبادرة.

 

20. فيما يتعلق بالتنمية المكانية نلاحظ أن توزيع الاستثمارات علي المحافظات غير عادل كما كل عام، فالمحافظات ذات عدد الكثافة السكانية الأكبر، تحصل علي مخصصات استثمارية أقل مثال محافظات الشرقية والدقهلية وكفر الشيخ، وللعالم الثالث علي التوالي لا زالت محافظات الدلتا تلقي النسب الأضعف في حجم الاستثمارات العامة، وتذهب الأغلبية للمناطق الحضرية المحيطة بالقاهرة، يليها محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية، وهو ما يساهم في تدني نصيب الفرد في هذه المحافظات من الاستثمارات العامة ويخلق خلل تنمويا معكوسا مع مرور الوقت، فاذا استمرت الخطة الاقتصادية علي هذا الوضع لعدد من السنوات، سوف تتحول الدلتا لأماكن لتركز الفقر كما هو حال الصعيد حاليا، فمثلا محافظة مثل جنوب سيناء التي يبلغ عدد سكانها 113 ألف نسمة تحصل علي مخصصات استثمارية تقدر ب6.2 مليار جنية وهي نفس المخصصات الاستثمارية لمحافظة مثل الدقهلية عدد سكانها 6.8 مليون نسمة.

21. وفي نفس السياق لا زال توزيع مخصصات دواوين عام المحافظات لا تتناسب مع الكثافة السكنية التي تخدمها، ويظهر ذلك على مدار العديد من السنوات في محافظات الدلتا. ويجب أن نلفت النظر أن محافظات الدلتا بعد أن مصدر كبير للدخل القومي نتيجة تحويلات مواطنيها من العمل في دول العالم وخاصة الخليجية، أصبحت بها نسب بطالة متزايدة نتيجة أعمال توطين الوظائف في تلك الدول، مما يترتب عليها وجود العديد من التشوهات الاجتماعية المتزايدة في الدلتا مثل زيادة السرقات وأعمال البلطجة وحالات الانفصال الاسري مما يشي أن الاضطرابات الاجتماعية ستتزايد بشكل مطرد في الدلتا اذا لم تعي الحكومة ضرورة النظر إليها بشكل جدي ومحاولة وضع خطط عاجلة، لمواجهة اتساع الفجوة التنموية وزيادة معدلات البطالة وقلة الفرص المتاحة للتوظيف وعدم توافر أراضي كافية للتنمية في محافظات تبلغ نسبة استغلال الأراضي المهولة بها ١٠٠٪، وقد يترتب المر إعادة توطين مواطنين تلك المحافظات في أماكن جديدة بها فرص عمل وتنمية اقتصادية حقيقة. وفي الوقت الحالي نطالب وزارة التخطيط بزيادة المخصصات الاستثمارية بما فيها مخصصات دواوين المحافظات بمناقلة بين المحافظات بعضها وبعض بمراعاة التوازن الاقتصادي المكاني للخطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار