في إطار إعداد رؤيتها لتقديمها في الحوار الوطني – قراءة في وثيقة ملكية الدولة .. الورشة الثانية للأمانة الفنية للحركة المدنية
نظمت الأمانة الفنية للحركة المدنية، أمس الأحد، لليوم الثاني على التوالي، ورشة العمل الثاني في المحور الاقتصادي تحت عنوان “قراءة في وثيقة ملكية الدولة” بمقر حزب الاصلاح والتنمية، بحضور عدد من الأحزاب السياسية والشخصيات العامة والخبراء الاقتصاديين. وذلك في إطار عمل الحركة المدنية على تحديد رؤيتها في مختلف القضايا وصياغتها وإعداد الأوراق والملفات المختلفة تمهيدا لتقديمها ضمن الحوار الوطني، إذ تنظم الحركة عددا من ورش العمل الأساسية والمتخصصة، يتم خلالها تجهيز هذه الأوراق على يد خبراء ومتخصصين.
أدار الجلسة الدكتور محمد عبد الغني، وكان المتحدثين الرئيسيين بها د. محمد حسن خليل- الحزب الاشتراكي المصري، أ. الهامي الميرغني (حزب التحالف الشعبي)، أ. محمد كرم (الحزب الشيوعي المصري)، م. يحي حسين عبد الهادي (القيادي بالحركة المدني)، الدكتور أحمد سيد النجار – الخبير الاقتصادي- معقباً على الأوراق المقدمة.
بدأت الورشة باستعراض قدمه عضو الحزب الشيوعي المصري محمد كرم، لبعض النقاط المحورية المتعلقة بالتساؤل حول إصدار الوثيقة دون الانتهاء من مناقشتها في الحوار الوطني، والنظر إلى المؤسسات الدولية أنها مؤسسات محايدة، إضافة إلى التعويل على القطاع الخاص دون وجود دلالات علي قدرته علي القيام بالتنمية، بجانب قياس التقدم الاقتصادي على أساس معدلات النمو.
كما طالب كرم بضرورة توضيح بعض الأمور وبينها أنه لم يصدر بالوثيقة كيفية مشاركة القطاع الخاص، كما اقترح ضرورة مراجعة الوثيقة استنادًا إلى رؤية واقعية لمص، وقياس التقدم الاقتصادي على أساس الأجور والمرتبات، وإزالة التوجه الخاص بالتخارج على مدار 3 سنوات، و وضع حد أدني لاحتمالات مدى مشاركة القطاع الخاص، و رفض طرح شركات القوات المسلحة في البورصة وعدم خصخصتها، كما رفض خصخصة الشركات المملوكة للدولة (الرابحة)، مع تبني استراتيجية تصنيع وطني، وعدم الاقتراض من مؤسسات دولية أو حتى صينية.
فيما تحدث الباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني عن القطاع العام، موضحا حاجة الدولة المصرية لرؤية مختلفة في إصلاح الاقتصاد المصري، وطالب بضرورة وقف مشروعات البيع قبل البدء في الحوار الوطني، ملمحا أن عمليات البيع لدول الخليج تحول المصريين إلى عمال لدى تلك الدول.
وفي كلمته، شدد د. محمد حسن خليل، عضو الحزب الاشتراكي المصري عن ضرورة وقف جميع المشروعات الإنشائية غير الضرورية الجارية في الوقت الراهن.
وعقب الدكتور أحمد السيد النجار- الخبير الاقتصادي، في البداية على عنوان الوثيقة، كما أوضح أن الخصخصة ليس لها علاقة بالاستثمار، فهي تقطع الطريق أمام الاستثمارات الحقيقية المحتملة، إذ يتم توجيه الأموال المفترض أن تقوم باستثمارات في مشروعات جديدة في حال تهيئة البيئة الاستثمارية نحو عمليات الخصخصة والشراء، موضحا أن الوثيقة لا تحمل رؤية ماذا بعد؟!
وشدد النجار على ضرورة إيجاد قانون ضريبي موحد يطبق على جميع القطاعات، كما أشار إلى أنه قد تم تنفيذ الوثيقة قبل البدء في الحوار الوطني، وينبغي على الدولة أن توقف كل شئ لحين الانتهاء من الحوار الوطني ومخرجاته لإثبات جدية الحوار.
وشدد النجار على أهمية القطاع العام والخاص، فالاقتصاد يحتاج أن يقف على قدمين والسير معا، والقطاع الخاص لابد أن يكون وفق قواعد عادلة وعامة، لافتا لأهمية الاستقرار القائم على التراضي، و ليس من الضروري تبني نموذج معين في الرأسمالية، ولكن هناك طبيعة خاصة لكل حالة.
وأوضح أن القطاع العام له اهميته في التواجد ولكن بمراقبة شعبية صارمة وقوانين عادلة، مع أهمية تداول وشفافية المعلومات. منوها لأهمية البحث العلمي، إذ لم يورد بالوثيقة أي اشارة إليه، موضحا أن نسبة الانفاق عليه الآن تبلغ 0.1% بدلًا من أن يكون 1% من الموازنة العامة للدولة.
وفيما يتعلق بشركات القوات المسلحة وطرحها في البورصة؛ أشار النجار إلى أنها “مال عام” ينطبق عليه ما ينطبق على المال العام، لافتا أن إنتاج شركات القوات المسلحة لاحتياجاتها فقط، موضحا أن الحل في الوضع الحالي ليس الخصخصة ولكن إصلاح القطاع العام، وليس إصلاح أحوال العاملين فقط، بما يجعله يورد فائض للموازنة العامة للدولة.
كما أشارإلى أن معدل الإدخار في مصر ضئيل جدا وصل إلى 3.1% في حين أن المعدل العاملي 22%، والمعدل للدول المماثلة لمصر 30%، في حين يصل في دول مثل شرق آسيا إلى 45%..
فيما أكد د. يحي حسين عبد الهادي، القيادي بالحركة المدنية على أن المشكلة ليست اقتصادية ولكن سياسية.
وجاءت مداخلة رئيس حزب العدل عبد المنعم إمام- حزب العدل- مختلفة، إذ توافقت رؤيته مع ما جاء بالوثيقة، وأكد على أن الموظفين في القطاع العام لا يتمتعون بالمحاسبة الكافية، وأنه لا يمكن بيع شركات خاسرة.
وتحدث النائب السابق طلعت خليل – حزب المحافظين- قائلًا أن زيادة ميزانية تكافل وكرامة تدل على الفشل، وأن الوثيقة تحمل ثلاث توجهات، وكلها متداخلة ومتناقضة. وأن آليات التنفيذ هي البورصة، ومن ثم فالوثيقة تحتاج إلى إعادة نظر، معتبرا إياها وثيقة سياسية وليست اقتصادية، لافتا أن أحد فصول الوثيقة هو صندوق مصر السيادي، جاء ذو عنوان براق، لكنه يحمل في طياته مشاكل جمة، بدءً من قانون إنشائه، مرورا بآليات التنفيذ، وهي في منتهي الخطورة، ولن تؤدي إلى نتائج جيدة، فمثلا عندما تحدثت الوثيقة عن قناة السويس، كان من الأولى الحديث بصفة عامة عن السفن العابرة بالبحر الأحمر أو البحر الابيض المتوسط، كما تمت الإشارة إلى أن هيئة المجتمعات العمرانية تحقق كل عام فائض 0% في حين أنها تحقق مئات المليارات، وتساءل إلى أين تذهب تلك الاموال؟!
ومن جانبه أكد دكتور مهندس محمد عبد الغني أن السياسة تقود الاقتصاد، وأن استقلالية قرار مصر السياسي في خطر، إذا استمر ما يحدث وتطبيق تلك الوثيقة، وأشار إلى أنه لم يحدث حوار مجتمعي بشأن تلك الوثيقة قبل إصدارها والبدء بتنفيذها حاليًا، منوها أنه إذا استمر الوضع والعمل بتلك الوثيقة فسيؤدي إلى انفجار مجتمعي.
وأضاف عبدالغني أن ثمة ضرورة و أهمية لمراجعة وتعديل قانون التعاقدات الحكومية لتحقيق المساواة والعدالة بين الشركات، وأكد أن شركات القوات المسلحة هي ملك عام للشعب المصري، ونرفض التفريط فيها ، فهي تعد رصيد للاقتصاد الوطني، و في حال نقل ملكيتها، تكون لقطاع الاعمال، مع المحافظة علي ما تم فيها و تنميتها، وعدم الانسياق وراء التقارير الأميركية و ضغوط صندوق النقد الدولي، للانقضاض علي هذه الشركات والتأكيد على أهمية الحوكمة.
وقد أوضح د. محمد عطا الله- الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن الوثيقة تحمل لغة مطاطية، ولا يمكن الفصل بين إدارة رأس المال، وإدارة المؤسسات للدولة، ومن الممكن البدء بتطبيق معايير الحوكمة، ولفت إلى ضرورة إعادة هيكلة المؤسسات العامة والخاصة للدولة، وتطبيق الشفافية والرقابة على النقد الأجنبي من خلال الصادرات والواردات، كما أكد على أهمية الحياد الضريبي.
فيما قال الكاتب حسن بدوي- الحزب الشيوعي المصري أنه لابد من الوصول إلى رؤية بديلة لوثيقة ملكية الدولة، وأنه لا يمكن التعامل معها بصورة منفصلة عن السياق والسياسة الكلية للاقتصاد المصري.، وثمة حاجة لوضع سياسة بديلة تقوم على الإنتاج، وإن تطلب الأمر تحقيق التقشف ورفض عملية البيع والتخارج نهائيًا.
فيما قال رئيس حزب الوفاق محمد رفعت أن مصر مرت بأزمات متعددة على مر الزمن ولديها مفكرين، لابد الاستفادة من تلك الخبرات السابقة في الخروج من الازمات، فيما تساءل هل تملك الدولة حق البيع ؟!