ورقه بحثية لـ “حزب الدستور” حول الأزمة الاقتصادية الحالية وسبل تجاوزها
أصدر حزب الدستور، ورقة بحثية حول الأزمة الاقتصادية: السياسات، الأزمة مظاهرها وأعراضها، والمقترحات والتوصيات وسبل تجاوزها.
حيث ارتكزت الورقة البحثية في عملية الرصد على ما يلي:
أولاً: السياسات والعوامل المؤدية للأزمة:
١- اتجاه الدولة إلى مظاهر الرفاهية متجاهلة حقيقة أننا دولة نامية ذات أولويات مختلفة، وفي مقدمتها تحفيز ودعم القطاع الخاص لإنشاء مشروعات تنموية حقيقية ذات عوائد مستدامة وتحمل تدبير التمويل اللازم لها، فتساهم في سد عجز الموازنة وزيادة احتياطي النقد الأجنبي، وتمنح للاقتصاد المصري القدرة على تحمل الصدمات والهزات الاقتصادية، وهو ما يتيح ايضا للدولة توجيه الإنفاق الحكومي نحو الصحة والتعليم وغير ذلك من قطاعات ضرورية قد لا يقبل عليها القطاع الخاص لضعف أو لعدم الجدوى الاقتصادية.
٢- الإصرار على الاعتماد بشكل أساسي على سياسة الاقتراض لسد عجز الموازنة، وتوفير النقد الأجنبي وتمويل مشروعات غير ربحية، أو ذات عوائد بعيدة المدى لا يمكن الاعتماد عليها لسداد القروض أو فوائدها.
٣- بناءً على السياسات أعلاه لم يعد في قدرة الاقتصاد المصري تحمل الصدمة الاقتصادية الناتجة و تفشي وباء كورونا، أو اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار عالميًّا، وهو ما كان له أثر مضاعف على الاقتصاد المصري.
٤- الإصرار على بعض السياسات النقدية التي ثبت عدم جدواها في محاولة لتقليل الطلب لخفض معدلات التضخم؛ عن طريق إصدار شهادات ادخارية بعائد قيمته 18٪ في مارس 2022، وإصدارها مرة أخرى في يناير 2023 بعائد قيمته 25٪، وذلك على الرغم من أن مثل هذه الشهادات تزيد من حالة الركود التي يعاني منها الاقتصاد والسوق منذ تفشي وباء كورونا، وكذلك قرارات تقليص الاستيراد التي صدرت في فبراير 2022 وأدت إلى نقص في السلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج وندرتها وارتفاع أسعارها، ما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم.
ثانيًا: مظاهر الأزمة وانعكاساتها على الاقتصاد المصري
١- زيادة عجز الموازنة العامة وإجمالي أعباء الدين العام؛ إذ بلغ عجز الموازنة للعام المالي 2022/2023 نحو 558 مليار جنيه مصري، وبلغت أعباء فوائد الدين العام 690 مليار جنيه مصري. كما بلغ حجم الدين العام 965 مليار جنيه مصري، ليصل إجمالي أعباء خدمة الدين العام إلى 1656 مليار جنيه مصري، وبالتالي وصلت نسبة الدين العام إلى 54%من إجمالي الموازنة العامة، مشكلة نسبة 18٪ من إجمالي الناتج المحلي، بزيادة 3٪ عن الموازنة السابقة.
2- ارتفاع معدل التضخم الأساسي ليصل إلى 24.4 ٪ في ديسمبر 2022.
٣- بسبب اعتماد البنك المركزي سياسة سعر الصرف المرن انخفض سعر الجنيه المصري أمام الدولار ليصل سعر الدولار الواحد إلى 29.49 جنيهًا حتى تاريخ 15 يناير 2023 ، وهو ما أدى إلى ارتفاع كارثي في الأسعار، مما أثقل كاهل المواطن، فوق ما احتمله من زيادة أسعار سابقة نتجت عن ندرة السلع الاستراتيجية والأساسية ومستلزمات الإنتاج، من جراء قرارات تقليص الاستيراد.
٤- وبسبب عدم التفات الحكومة إلى أي مقترحات أخرى بعيدًا عن الاقتراض، وبخاصة من صندوق النقد الدولي، واتباع خططه الإصلاح الاقتصادي التي ساهمت في الوصول للوضع الاقتصادي الحالي، يفرض علينا الصندوق اليوم سياسة بيع أصول الدولة، سواء بالاكتتاب العام أو البيع المباشر، وتوجيه أثمان هذه الأصول لسداد إجمالي أعباء الدين العام.
ثالثًا: المقترحات و التوصيات :
يطرح حزب الدستور الأتي كمحاولة للخروج من هذه الأزمة:
١- إعلان تشكيل {المجلس الأعلي لقيادة المسار الاقتصادي} من خبراء في الاقتصاد ومتخصصين لرسم المسار و قيادة عملية تنفيذه متمتعا باستقلال و صلاحيات كاملة تمكن المجلس من اعتماد سياسات إقتصادية مغايرة لتلك التي قادتنا للأزمة.
٢. تشكيل {وحدة لإدارة الأزمة} تنفذ خطط الإنقاذ العاجلة علي الأرض و مواجهة ما يطرأ من توابع الأزمة الراهنة وتداعياتها العنيفة على المواطن خلال الشهور المقبلة.
٣. تعديل قانون الموازنة العامة لتضم كل ما تمتلكه كل الجهات الحكومية، وكل الصناديق الخاصة، وعدم الشروع في استحداث أي صناديق خاصة، وتشريع قانون الانضباط المالي لوضع حد أقصى للاقتراض، وحد أقصى لخدمة الدين، والتوقف عن سياسة الاقتراض وبيع أصول الدولة لتمويل عجز الموازنة الناتج عن تراكم الديون، مع تطبيق سياسة التقشف الحكومي لكل الجهات الحكومية دون استثناء.
٤. اتباع آليات السياسات النقدية الخاصة بسياسات العرض خلال سياسة استهداف التضخم وليس سياسات خفض الطلب، وتولي الدولة، بصورة مباشرة وكلية، شؤون الخدمات والسلع الاستهلاكية والاستراتيجية، ووضع سياسات حماية اقتصادية لها، والعمل على الفور على تسهيل إجراءات الإيداعات الدولارية، وتيسير نظام التحويلات المستندية لاستيراد مستلزمات الإنتاج والسلع الأساسية غير المصنعة محليًّا، ووقف استيراد أي من السلع غير الاستراتيجية، أو غير الأساسية، وذلك دون المساس بالمستلزمات الخاصة بقطاعات الصحة والتعليم والسياحة.
٥. عدم الاعتماد على الاستثمار الأجنبي غير المباشر (الأموال الساخنة)، وتفعيل قوانين وقرارات تحفيز الاستثمار المباشر، وتعديل قانون الاستثمار لسنة 2017.
٦. وضع سياسات الصناعة وخطط جذب الاستثمار اعتمادًا على المزايا التنافسية لمصر ومواردها، وتشريع قوانين للحد من تصدير المواد الخام والحاصلات الزراعية، والاعتماد على الصناعات التحويلية لتحقيق قيمة مضافة.
٧. نقل تبعية جميع المشاريع الزراعية التابعة حاليًا للجهات السيادية إلى وزارة الزراعة، مع تكوين لجنة مكونة من وزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولي والجهات السيادية لاستهداف مشاريع زراعية في أفريقيا. والالتزام بالمادة 29 من الدستور التي تلزم الدولة بشراء المحاصيل الزراعية بهامش ربح عادل من المزارعين (كي لا تتكرر أزمة محصول الأرز).
٨. العمل على تطوير قطاع السياحة باعتباره أهم ملفات خطة تحفيز الاستثمارات في الوقت الراهن، بالإضافة إلى العمل الجاد على بناء خطط ودراسات تسعى إلى فتح أسواق سياحية جديدة.
٩. يرفض حزب الدستور رفضًا تامًا وقاطعًا بيع أي أصول، أو اتخاذ أي إجراء من شأنه حرمان الأجيال القادمة من التمتع بخيرات بلادنا مقابل سداد ديون حُمِّلنا بها دون مشاورة أو مقابل تنمية حقيقية تفيد الوطن.
١٠. يدشن حزب الدستور {تجمع أحزاب الدول العربية والأفريقية لإسقاط الدين عن الشعوب الفقيرة} ومقره القاهرة ، برئاسة حزب الدستور ويشمل هذا التجمع أحزاب الدول العربية والأفريقية والمصرية المتضررة من الأزمة الإقتصادية العالمية ومطالبة الدول الغنية و صندوق النقد بإسقاط الديون عن الدول المتضررة.