منى عبد الراضى تكتب ..حلم العيش والحرية

 

بعد مرور ١٣ عام على ٢٥ يناير ٢٠١١ أنبل ثورة في تاريخ الانسانية، الثورة الشعبية التي انتصر فيها شعب عظيم على الفساد والمحسوبية، والذي انحاز له جيشه الذي يقدر قوته وشرعيته.
فثورة ٢٥ يناير ثورة فريدة من نوعها رغم كل محاولات التشويه التي يحاول بعض من يحمي الفساد ممن يسعى لعودة نظام سابق ان ينال منها.
فخلال ال 15 يوما اعتصام في ميدان العزة والكرامة “ميدان التحرير”، وميادين أخرى في كافة محافظات مصر، رأيت أجمل شعب في العالم.
كنت دائما احس بالسعادة وأنا متجهة للميدان للقاء أنبل إناس ممكن تقابلهم في حياتك صفات الملائكة نساء ورجال وأطفال، أغنياء وفقراء بسطاء، وعلماء، فنانيين، وحرفيين، وعمال، الكل واحد لا فرق بينهم.
ترى الكل يتسابق لخدمة الآخر الكل في حالة محبة وإصرار وعشق لوطن مخطوف تعاهدوا معا على استرجاعه.
تجد في أحد أركان الميدان شاب يحمل عودا ويغني أغاني وطنية تهز الوجدان يلتف حوله مجموعة تردد وراءه وتبكي وترقص. تجد في ركن آخر شاب يرسم على الأرض لوحات فيها كلمات حب وعلم بلادي ودعوات بالنصر، تجد في ركن ثالث سياسي وطني، يلتف حوله الشباب يسألوه ويجاوب ويتحاوروا ويتناقشوا يخبره بتخوفهم من الاستمرار لكنه يطمئنهم ويطالبهم بالصمود، حتى تتحقق الحرية.
كما تجد نساء ربات بيوت، أحداهن لم تخرج من بيتها إلا للزيارات يمرون على كل ركن لتوزيع الطعام والمشروبات والحلوة ويطلبون باصرار أن تأخذ منهن.
وقالت احدهن: انتم قاعدين هنا علشان خاطرنا واحنا قاعدين في بيوتنا، علشان كدا قررت انا وجارتي نشارك بطريقتنا وعملنا أكل سخن ولازم تجبرو بخاطرنا وتاخدو مننا علشان نحس إننا عملنا حاجة، الجارتان إحداهما مسلمة والآخرى مسيحية، لكن هنا في الميدان هن مصريات وكفى.
كانت المنصة المنصوبة في الميدان والتي يتم الإذعة من خلالها وبث الأغاني وكلمات الثوار لمخاطبة الجماهير، هي التي يقف عليها خطيب الجمعة، والتي يقف عليها القسيس للصلاة.
كان الثوار بالنهار يجلسون يتناقشون في ما ألت إليه الأوضاع وضرورة رحيل هذا النظام الفاسد، وما ينتظرهم من مستقبل، وهل سيرحل هذا النظام ام سيستمر اعتصامنا لأيام وشهور، ام سيتم فض الاعتصام بالقوة واعتقالهم. وعندما يأتي الليل يتم توزيع المتطوعين على بوابات الأعتصام لحماية باقي المعتصمون الذين جاء دورهم لأخذ قسط من الراحة، ويتجمع الشباب ويغنو ويرقصو على انغام صوت الثورة الشيخ إمام.
هما منين واحنا مين
هما الأمرا والسلاطين
هما المال والحكم معاهم
واحنا الفقرا المحكومين
حزر فزر شغل مخك
شوف مينا بيحكم مين
ويأتي موعد الراحة ويتناوب الشباب الخيمة فالبعض يذهب لبيته ليستريح للصباح ويغير ملابسة ويسلم البعض الأخر اماكنهم في الخيمة، واذا جاء معتصمين جدد للميدان يتم توزيع البطاطين عليهم. وفي الصباح يتم لم البطاطين وترتيبها في مكان حتى الليل.
لم يكن هناك حالة سرقة واحدة ولا حالة تحرش كأنك في المدينة الفاضلة التي يحلم بها الرومانسيون.
إلى ان وصلنا ليوم 11 فبراير يوم الخلاص وتنحى النظام الفاسد عن الحكم, صرخنا وبكينا وغنينا، وشعرنا بميلاد جديد لوطن مسروق..
وبعد مرور ١٣ عام ما زلنا نحلم بتحقيق مطالب الثورة، من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار