بلومبيرغ وتضخيم أزمة الغاز بين مصر وإسرائيل

في سياق تغطية إعلامية مثيرة للجدل، نقلت وكالة بلومبيرغ أن وزارة البترول المصرية أبلغت بعض المصانع الكبرى – مثل أبو قير للأسمدة ومصانع الميثانول – بتخفيض توريد الغاز الطبيعي لها بنسبة 50%، مدعية أن السبب هو انخفاض التوريدات الإسرائيلية لمصر. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الرواية منطقية؟
تحليل الخبر: بين التضليل والحقائق
1. شراكة الغاز المصرية-الإسرائيلية:
– بدأت الصفقة بين البلدين عام 2020 بقيمة 15 مليار دولار، عندما كانت مصر تستورد الغاز لسد فجوة الاستهلاك.
– مع دخول حقل “ظهر” مرحلة الإنتاج الكامل، تحقق الاكتفاء الذاتي، بل وبدأت مصر تصدير فائض الغاز، بما في ذلك الغاز الإسرائيلي بعد تسييله.
2. تقلبات السوق العالمي:
– بعد الأزمة العالمية في 2022، عرضت إسرائيل مد خط بري جديد لتوريد غاز من حقل “ثامار” للتسييل في مصر وإعادة تصديره لأوروبا.
– لم يدخل هذا الغاز إلى الشبكة المصرية، حيث اعتمدت مصر على مصادر أخرى مثل الغاز الروسي الأرخص بسبب سياسات “سقف السعر”.
3. توقف التوريد الإسرائيلي:
– أوقفت إسرائيل شحنات الغاز لمصر منذ نوفمبر 2023 بعد أحداث أكتوبر، دون تأثير على الاحتياجات المحلية، لأن الغاز الإسرائيلي كان موجهاً للتصدير فقط.
4. خفض التوريد للمصانع: السبب الحقيقي:
– ما حدث في 2024 من خفض التوريد لبعض المصانع كان بسبب المديونيات العالية وليس نقص الغاز، حيث تم لاحقاً تسوية الأوضاع عبر اتفاقيات سداد وجدولة.
الهدف من الخبر: ضغط نفسي واقتصادي
تبدو التقارير مثل تلك الصادرة عن بلومبيرغ محاولة لتضخيم دور إسرائيل في الاقتصاد المصري، وإيهام الرأي العام بأن الشراكة معها “حيوية”، بينما الواقع يؤكد أن مصر لديها مصادر متنوعة وتستطيع إدارة أزماتها دون الاعتماد على طرف واحد.
ختاما، ان اللعب بورقة الغاز هو جزء من حرب نفسية تستهدف زعزعة ثقة المصريين في قدرة بلادهم على الصمود اقتصادياً. لكن مع إدارة واضحة للملف – كما هو الحال تحت قيادة وزير البترول الحالي – تبقى مصر قادرة على تجاوز التحديات بخطى ثابتة.




