انتخابات على المقاس… برلمان جديد يُرتب قبل فتح الصناديق

تعود مصر من جديد إلى موسم الانتخابات البرلمانية، حيث يُفترض أن يختار الشعب ممثليه في مجلسي النواب والشيوخ، لكن الواقع يقول إن أغلب النتائج قد حُسمت سلفًا، بعيدًا عن إرادة الناس، وقبل حتى أن تُفتح الصناديق.
*برلمان مُرتب خلف الكواليس*
في الغرف المغلقة، تُدار المشاورات بين الأجهزة الأمنية، أحزاب الموالاة، والمعارضة (المسموح بها)، لتوزيع المقاعد ورسم شكل البرلمان القادم.
الهدف واضح:
– أغلبية مطلقة داعمة للنظام.
– ديكور تعددية عبر مشاركة معارضة لا تجرؤ على المساس بجوهر السياسات القائمة.
– إقصاء كامل للأصوات المعارضة الحقيقية أو المستقلة الجادة.

هكذا يتحول البرلمان إلى جزء من المشهد المُعد سلفًا، لا يمثل الناس بقدر ما يُجمّل صورة السلطة أمام الداخل والخارج.
*الشعب… بين الإحباط والغضب المكتوم*
الأخطر من كل هذه الترتيبات هو ما يحدث في نفوس المواطنين، فمع كل استحقاق انتخابي يتحول إلى مسرحية معروفة النهاية:
• تتعمق قناعة الناس بأن التغيير مستحيل من الداخل.
• تتسع هوة انعدام الثقة في النظام والمعارضة معًا.
• يترسخ الإحساس بأن كل الأبواب الديمقراطية مغلقة.

وتزيد الأزمة عمقًا حين ينظر المواطن لما يُسمى بالمعارضة، فلا يجد بديلًا حقيقيًا يُطمئن على المستقبل:
• أحزاب ممزقة بالصراعات الداخلية.
• قوى سياسية تتنافس فيما بينها، ليس لترويج افكارها وتسخيرها لخدمة الناس ، بل للحصول على رضا النظام، أو حتى جزء منه، فقط ليُسمح لها بالبقاء في المشهد. سواء بغيه الإصلاح التدريجي من داخل النظام او للحفاظ على المصالح الشخصية.

في هذا المناخ، لا يؤدي الأمر فقط إلى العزوف السياسي، بل يُراكم إحباطًا وغضبًا مكتومًا قد ينفجر في أي لحظة، خاصة حين يشعر المواطن أنه لم يعد يملك حتى الحق في التعبير السلمي أو المشاركة الرمزية في تقرير مصيره
*الإنفجار قادم إن استمر العناد*
التاريخ، في مصر وخارجها، علّمنا أن خنق المجال السياسي بالكامل، وسد كل نوافذ التعبير الديمقراطي، لا يصنع استقرارًا حقيقيًا، بل يُنتج حالة احتقان تتراكم ببطء، حتى يأتي الانفجار.

حينها، لا أحد يستطيع التحكم في مسار الأمور، ولا النظام، ولا المعارضة (المسموح بها)، ولا حتى القوى الخارجية الداعمة لهذا المشهد القائم.
*الخلاصة*
الانتخابات ليست مجرد أرقام تُعلن، أو برلمان يُشكّل، بل هي مؤشر على حجم الأزمة الحقيقية في العلاقة بين السلطة والشعب.

وإذا استمر الترتيب الأحادي للمشهد، واستمر المواطن يدفع نحو اليأس، فإن اللحظة التي ينفجر فيها الغضب تصبح أقرب مما يتصور البعض.

لا أحد يريد الانفجار… لكن المسؤولية الأولى تقع على من يغلق الأبواب، ويحتقر إرادة الناس، ويحوّل السياسة إلى مسرحية لا بطل فيها سوى النظام نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!