د عائشة الدجدج تكتب.. قراءة نقدية لمفهوم محو الأمية فى عصر الرقمنة

تحتفل الدول بجميع أنحاء العالم فى ٨ سبتمبر من كل عام باليوم العالمى لمحو الأمية الذي أعلنته اليونسكو لأول مرة عام ١٩٦٧ ، من أجل التذكير والتركيز الدائم على أهمية وضرورة محو الأمية لإنشاء مجتمعات أكثر استدامة وأكثر عدلا وسلاما.
ويعد اكتساب مهارات القراءة والكتابة حق أساسى من الحقوق الأساسية للإنسان ، إذ يتيح أمامه إعمال حقوق الإنسان الأخرى، والتمتع بحريات أكثر، وتساعده على الإنخراط فى المجتمع المحلى والعالمي.
إن تعليم الكبار ومحو الأمية يرسخ ثقافة السلام والعدالة والمساواة وعدم التمييز وسيادة القانون .
ورغم التقدم الواضح فى جهود محو الأمية على مستوى العالم إلا أنه مايزال هناك ما لا يقل عن ٧٣٩ مليون مليون شخص من الشباب والكبار مهمشين لا يجيدون القراءة والكتابة ، ولقد أثر التحول الرقمى فى عصرنا هذا -سلبا وإيجابا طبقا لطريقة تعاملنا معه – على تعلمنا وعيشنا وطرق عملنا وعلاقاتنا الاجتماعية.
وإذا كان التحول الرقمي يساعد على توسيع نطاق وفرص التعلم بالنسبة للمجموعات المهمشة إلا أنه قد يزيدها تهميشا ؛ إذ لا يقتصر على عدم الإلمام بالمهارات الأساسية للتعلم ، وإنما يتجاوزه إلى الإقصاء من الاستفادة من العصر الرقمى وإفرازاته .
وإذا كان للتحول الرقمى إيجابيات كثيرة إلا أنه يثير قضايا ومشكلات تتعلق بالأخلاقيات والانتهاكات الشخصية والمراقبة الرقمية مع حدوث استهلاك سلبى للموارد وآثار ضارة بالبيئة.
إلا أن لمحو الأمية دور أساسى فى فهم تحولات العصر الرقمي وجعلها شاملة للجميع ، وذات أهمية وهدف أكبر وأوسع من القدرة على القراءة والكتابة ،
؛ فهى تمكن الأشخاص من الوصول للمحتوي الرقمى وفهمه وتقييمه وإنتاجه والمشاركة فيه ، والقدرة على التواصل بأمان وسلامة عبر الوسائط الرقمية المتعددة .
وليكن الاحتفال باليوم العالمى لمحو الأمية هذا العام ٢٠٢٥ فرصة للتفكير النقدى لمفهوم ومعنى محو الأمية، من أجل القدرة على تمييز المعلومات الموثوق بها فى بيئات رقمية معقدة المعلومات .
وهذا يتوجب أهمية وضرورة صياغة برامج وسياسات لمحو الأمية تساير العصر الرقمى من أجل التمكين وبناء مجتمعات مستدامة أكثر عدلا وأمنا وسلاما .




