كلير صدقى تكتب …العنف ضد المرأة… وبين الاحتفال باليوم العالمي: تظل المرأة بطلة رغم كل الألم
تقارير أممية لعام 2024–2025 .. امرأة واحدة من كل ثلاث نساء عالمياً تعرّضت لشكل من أشكال العنف طوال حياتها

من السودان إلى غزة، ومن كل بيت إلى كل مؤسسة،ومدرسة ستظل المرأة تقاوم كل أشكال العنف — وتثبت للعالم أنها عمود المجتمع، روحه، وذاكرته الحية.
في ظل الاحتفال بذكرى اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة،وتزامنه مع مقطع الفيديو الذي تم تداوله بشبكة التواصل الاجتماعي “فيسبوك” داخل أحد الفصول بمدرسة عبد السلام المحجوب بمحافظة الإسكندرية، والذي ظهر خلاله عدد من الطلاب يمارسون سلوكيات غير منضبطة متعمدين خلالها إهانة احدى المعلمات بالمدرسة ..كنا زمان نقول قم للمعلم وفيا التبجيلا.
هنا يتضح أن المرأة في كل مكان تظل بطلة تحارب من أجل إثبات وجودها وكيانها — سواء داخل أسرتها أو في مجال عملها أو في ساحات المجتمع الأوسع. وبرغم ما يواجهها من تحديات وقهر وضغوط، تثبت المرأة في كل مرة أنها قادرة على النهوض، التجاوز، والنجاح في كل ما تمتد إليه يداها.
وتؤكد الدراسات العلمية الحديثة أن النساء أكثر قدرة على التكيّف والمثابرة، وأن وجودهن في مواقع القيادة والإدارة يزيد من الاستقرار الاجتماعي، ويقلل من نسب العنف داخل الأسرة والمجتمع.
لكن… برغم الإنجازات، يبقى العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية؛ ومما يزيد خطورتها أن أنواع العنف غير المرئي تتوسع، وأن النزاعات والحروب جعلت المرأة هدفاً مباشراً لأقسى الانتهاكات، وعلى رأسها العنف الجنسي الذي بات “صاحب نصيب الأسد” في المأساة الإنساني
العنف ضد المرأة… ألوان متعددة لا تقتصر على الضر
العنف ليس فقط ضربة أو جرحاً واضحاً. إنه منظومة واسعة من الانتهاكات، منها:العنف النفسي: الإهانة – الترهيب – التحطيم المعنوي،العنف الاقتصادي: الحرمان من المال، السيطرة على الموارد ،العنف الأسري: التهديد، الإكراه، الإهمال ،العنف المجتمعي: التمييز، الوصم، التضييق ،والعنف الإلكتروني: الابتزاز، التشهير واخيرا العنف الجنسي: اغتصاب، استغلال، تحرش، إذلال – وهو الأخطر والأكثر انتشاراً
ففي اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، نقول:المرأة ليست مجرد ضحية بل المرأة بطلة، تنهض مهما سقطت، تبني رغم الخراب، وتُشفى رغم الألم.
ورغم التطور والوعي، تشير الدراسات إلى أن العنف لم ينخفض عالمياً كما كنا نتوقع؛ بل شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً خاصة في مناطق النزاعات.
وتشير تقارير أممية لعام 2024–2025 إلى أن امرأة واحدة من كل ثلاث نساء عالمياً تعرّضت لشكل من أشكال العنف طوال حياتها.
وفي العالم العربي، ورغم الجهود والقوانين، إلا أن الأزمة الاقتصادية والحروب والنزاعات ساهمت في زيادة المخاطر، خصوصاً على النساء والفتيات.
العنف الجنسي… صاحب النصيب الأكبر في النزاعات والحروب
فيما يظل العنف الجنسي اليوم سلاح حرب، وسيلة إذلال، ومحاولة لتدمير المجتمعات من الداخل.
خاصه أن تقارير أممية حديثة وثّقت أكثر من 4600 حالة عنف جنسي في نزاعات 2024 وحدها، 92٪ منها ضد النساء والفتيات ؛لأنه يدمّر الجسد والروح في آن واحد ،و يُستخدم لإخضاع الجماعات وليس الأفراد فقط،و يُرتكب في صمت، والخوف يمنع آلاف النساء من الإبلاغ ،ولأنه يترك آثاراً طويلة الأمد تمتد لسنوات وربما العمر كله
السودان… حين يتحول الجسد إلى ساحة حرب
الحرب في السودان أنتجت واحدة من أسوأ موجات العنف الجنسي في المنطقة.
تقارير حقوقية وثّقت:
اغتصاباً فردياً وجماعياً ضد نساء وفتيات بعضهن دون 15 عاماً
استعباداً جنسياً استمر لشهور وجرائم مروّعة تتضمن ضرباً، تعذيباً، حرق سوائل على الجسد واغتصاب أم بعد انتزاع طفلها من حضنها وقتل بعض الضحايا بعد الاعتداء عليهن
هذه الحالات الموثقة “جزء صغير فقط” من الواقع، فالأغلبية تخشى الإبلاغ.
اما فى نجد غزة… حرب، تجويع، قصف… وعنف جنسي يستهدف الكرامة،و وبين النزوح والجوع والدمار، تتعرض المرأة لأشكال مركّبة من العنف، أبرزها:أجساد مرهقة بلا حماية… وغياب شبه كامل للخدمات الصحية وتجريد، إذلال، تهديد، وابتزاز في سياقات متعددة وانهيار منظومة الدعم والحماية
التقارير الأممية تصف ما يحدث بأنه:
إلى جانب الألم… الناجيات هن عنوان القوة
ورغم قسوة الحرب والعنف، تقف الناجيات من العنف الجنسي كرمزٍ للصمود والقوة.
هؤلاء النساء اللواتي:
نجَون من الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي
فقدن أطفالهن أو أزواجهن وعانين من صدمات نفسية عميقة ،وتحمّلن الرفض الاجتماعي أو الوصم
ومع ذلك… نهضن،فالعديد من الناجيات أصبحن:ناشطات للدفاع عن حقوق النساء وداعمات لغيرهن من الضحايا وصوتاً قوياً لتغيير القوانين، واخيرا محاربات من أجل الوعي والحماية
إن قصة كل ناجية ليست قصة ألم فقط، بل قصة نجاة، إصرار، وبطولة.
واخيرا نصح حول كيف نحارب العنف ضد المرأة؟
مكافحة العنف ليست “عيداً عالمياً” فقط؛ إنها مسؤولية اجتماعية، سياسية، وأخلاقية.
وذلك عبر:
1. قوانين رادعة وواضحة
تشديد عقوبات التحرش، الاغتصاب، العنف الأسري، والزواج القسري.
2. حماية فعّالة للناجيات
ملاجئ آمنة — خطوط ساخنة — خدمات نفسية وصحية — دعم قانوني.
3. تمكين اقتصادي للمرأة
المرأة القادرة اقتصادياً أقل عرضة للعنف وأكثر قدرة على الخروج من دائرة الاستغلال.
4. تعليم وتوعية مجتمعية
برامج مدرسية وإعلامية تكسر ثقافة العيب وتواجه الصمت والخوف.
5. تدريب للشرطة والجهات المختصة
حساسية التعامل مع قضايا العنف الجنسي أمر أساسي.
6. دعم الناجيات وعدم لوم الضحية
لأن اللوم يعيد إيذاءهن مرتين




