منى شماخ تكتب .. وجهة نظر

الفساد مرض إنساني تصاب به الدول والمجتمعات،ولا يمكن تصور مجتمع من المجتمعات – مهما كانت ثقافته ودرجة تحضره- يمكن أن يخلومن هذا المرض.

تختلف الدول في تعاملها مع هذه الآفة، الدول المتقدمة تحرص على تفعيل الأدوات الرقابية، فالسلطة الممنوحة للمسؤول تقابلها رقابة ومحاسبة، وسحب ثقة إذا اقتضى الأمر، والعلاقة بين الشعب والسلطة تخضع لقواعد تضمن التوازن بين السلطة والحرية والمسؤولية.

وكما يحتاج المسؤولون لجهة تراقبهم وتحاسبهم ، تحتاج الشعوب كذلك للرقابة والمحاسبة حتى تطبق القواعد والقوانين خاصة المستجد منها ، فلا يمكننا مثلا أن نعتمد على”وعي المواطن” وحده في تطبيق الإجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس كورونا أو حتى في تطبيق قواعد المرور، لكن لابد من فرض عقوبات رادعة (هدفها فرض احترام القانون وليس الجباية أو الانتقام)
ولا يمكن لمجتمع أن يخلومن الفساد دون تطبيق القوانين بشكل صارم وعادل على الجميع.
تحتاج الرقابة إلى معلومات،وتوفر التكنولوجيا الحديثة طرق سهلة وآمنة للحصول على المعلومات، وتعد الكاميرات من أهم هذه الوسائل حتى أن العديد من الدول زودت ملابس أفراد الشرطة بكاميرات مراقبة لرصد الانتهاكات والتجاوزات سواء منهم أو ضدهم.
وهناك الكثير من القضايا التي تم تسليط الضوء عليها في مصر بسبب الفيديوهات المصورة ، مثل القضية المعروفة بواقعة “طفل المرور”، وقضية التنمر ضد شخص من ذوي الهمم، ومؤخرا الفيديو الذي تم تصويره في مستشفى الحسينية والذي كشف عن وفاة 4 مرضى بالعناية المركزة (نتيجة نقص الأكسجين كما ذكر مصور الفيديو، أو تدهور حالتهم الصحية كما قال المحافظ).
الفيديو الذي تم تصويره داخل قسم العزل بالعناية المركزة في مستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية يثير الكثير من التساؤلات ، التي قد يؤدي البحث عن إجاباتها لإثارة عديد من القضايا المتعلقة بالنظام الصحي ، وإدارة المستشفيات ، بل وإدارة أزمة فيروس كورونا .

أقول إثارة قضايا وليس إصدار أحكام، فلا يمكننا إصدار حكم مع أو ضد دون التعرف على الظروف المحيطة التي أدت لتدهور حالة 4 من المرضى ووفاتهم في نفس الوقت!!!!
وبدلا من البحث عن الأسباب ومحاولة الإجابة عن التساؤلات ، جاء القرار الحاسم من الدكتورة وزيرة الصحة والذي سيؤدي إلى عدم تكرار مثل هذه الواقعة: منع التصوير داخل المستشفيات ومنع دخول أجهزة الهاتف المحمول للمرضى بأقسام العناية المركزة !!!!!!

وكأنهم يقولون لنا: أغلقوا أعينكم حتى لا ترى الفساد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار