سيرة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير.. ما يقوله التراث الإسلامى
تمكن الجيش الأموى بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفى من قتل أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير فى سنة 73 هجرية بعد شهور من محاصرته فى بيت الله فى مكة، وكان عبد الله بن الزبير رجلاً شجاعًا مثل أبيه، كان كذلك من طفولته، حتى أنه ذات مرة دعا النبى الصبية ليعلمهم فتراجعوا وأقدم عبد الله، فقال صلى الله عليه وسلم “هو ابن أبيه”.. فما الذى يقوله التراث الإسلامى فى سيرة “عبد الله”؟
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان “هذه ترجمة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير”
هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب، أبو بكر.
ويقال له: أبو خبيب القرشى الأسدى، أول مولود ولد بعد الهجرة بالمدينة من المهاجرين.
وأمه: أسماء بنت أبى بكر الصديق، ذات النطاقين، هاجرت وهى حامل به فولدته بقبا أول مقدمهم المدينة.
وقيل: إنما ولدته فى شوال سنة ثنتين من الهجرة.
قال الواقدي، ومصعب الزبيرى وغيرهما: والأول أصح لما رواه أحمد، عن أبى أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن أسماء: أنها حملت بعبد الله بمكة.
قالت: فخرجت به وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقبا فولدته، ثم أتيت به رسول الله ﷺ فوضعه على حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل فى فيه، فكان أول ما دخل فى جوفه ريق رسول الله ﷺ.
قالت: ثم حنكه ثم دعا له وتبرك عليه، فكان أول مولود ولد فى الإسلام.
وهو صحابى جليل، روى عن النبى ﷺ أحاديث، وروى عن أبيه، وعمر، وعثمان وغيرهم.
وعنه جماعة من التابعين، وشهد الجمل مع أبيه وهو صغير، وحضر خطبة عمر بالجابية، ورواها عنه بطولها.
ثبت ذلك من غير وجه.
وقدم دمشق لغزو القسطنطينية، ثم قدمها مرة أخرى وبويع بالخلافة أيام يزيد بن معاوية لما مات معاوية بن يزيد، فكان على الحجاز، واليمن، والعراقيين، ومصر، وخراسان، وسائر بلاد الشام إلا دمشق، وتمت البيعة له سنة أربع وستين وكان الناس بخير فى زمانه.
وثبت من غير وجه عن هشام، عن أبيه، عن أسماء أنها خرجت بعبد الله من مكة مهاجرة وهى حبلى به فولدته بقبا أول مقدمهم المدينة، فأتت به رسول الله ﷺ فحنكه وسماه: عبد الله ودعا له، وفرح المسلمون به لأنه كانت اليهود قد زعموا أنهم قد سحروا المهاجرين فلا يولد لهم فى المدينة.
فلما ولد ابن الزبير كبر المسلمون، وقد سمع عبد الله بن عمر جيش الشام حين كبروا عند قتله.
فقال: أما والله للذين كبروا عند مولده خير من هؤلاء الذين كبروا عند قتله.
وأذن الصديق فى أذنه حين ولد رضى الله عنهما، ومن قال: إن الصديق طاف به حول الكعبة وهو فى خرقة فهو واهم والله أعلم.
وإنما طاف الصديق به فى المدينة ليشتهر أمر ميلاده على خلاف ما زعمت اليهود.
وقال مصعب الزبيري: كان عارضا عبد الله خفيفين، وما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة.
وقال الزبير بن بكار: حدثنى على بن صالح، عن عامر بن صالح، عن سالم بن عبد الله بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ كلم فى غلمة ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، وعمر بن أبى سلمة.
فقيل: يا رسول الله لو بايعتهم فتصيبهم بركتك ويكون لهم ذكر، فأتى بهم إليه فكأنهم تكعكعوا واقتحم عبد الله بن الزبير، فتبسم رسول الله ﷺ وقال: “إنه ابن أبيه وبايعه”.
وقال محمد بن سعد: أنبأ مسلم بن إبراهيم، ثنا الحارث بن عبيد، ثنا أبو عمران الجونى أن نوفا كان يقول: إنى لأجد فى كتاب الله المنزل أن ابن الزبير فارس الخلفاء.
وقال حماد بن زيد، عن ثابت البنانى قال: كنت أَمُرُ بعبد الله بن الزبير وهو يصلى خلف المقام كأنه خشبة منصوبة لا يتحرك.
وقال الأعمش: عن يحيى بن وثاب: كان ابن الزبير إذا سجد وقعت العصافير على ظهره تصعد وتنزل لا تراه إلا جذم حائط.
وقال غيره: كان ابن الزبير يقوم ليله حتى يصبح، ويركع ليله حتى يصبح، ويسجد ليله حتى يصبح.
وقال بعضهم: ركع ابن الزبير يوما فقرأت البقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه.
وقال عبد الرزاق عن ابن جريج، عن عطاء: كنت إذا رأيت ابن الزبير يصلى كأنه كعب راسب، وفى رواية ثابت.
وقال أحمد: تعلم عبد الرزاق الصلاة من ابن جريج، وابن جريج من عطاء، وعطاء من ابن الزبير، وابن الزبير من الصديق، والصديق من رسول الله ﷺ.
وقال الحميدي: عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن ابن المنكدر قال: لو رأيت ابن الزبير يصلى كأنه غصن شجرة يصفقها الريح، والمنجنيق يقع هاهنا وهاهنا.
قال سفيان: كأنه لا يبالى به ولا يعده شيئا.